أخبارصحيفة البعث

“نحن نسجّل تصريحات بايدن بدقة”

تقرير إخباري  

.. هذا ما قاله المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قبل بضعة أيام تعليقاً على تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال كلمة مطوّلة له في العاصمة البولندية وارسو كال فيها التهم لروسيا الاتحادية وقيادتها على خلفية عملية موسكو العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

وكان بايدن قال في ختام خطابه إن أوكرانيا “لن تكون أبداً انتصاراً لروسيا” وإن الزعيم الروسي “لا يمكنه البقاء في السلطة”، إلا أن البيت الأبيض استدرك وأوضح في وقت لاحق أن بايدن لا يعني تغيير السلطة في روسيا الاتحادية.

غير أن بايدن خرج كثيراً عن الأعراف الدبلوماسية في أحاديثه السابقة عن الرئيس بوتين، مطلقاً عليه مجموعة من النعوت التي تنمّ عن غضب عارم من بوتين يكاد يترجم غضب الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية من الرجل الذي أعلن قبل أيام قليلة أنه تمكّن من هزيمة الدولة العميقة في روسيا، الأمر الذي يوحي بأنه ماضٍ في ملاحقتها خارج حدود روسيا، بل إن حديث روسيا عن عالم متعدّد الأقطاب بات يقضّ مضاجع الحكومات الغربية عموماً لأن هذا العالم سوف يلغي حصرية استفادة الغرب من الامتيازات على حساب سائر دول العالم في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وقد ردّ بيسكوف، في معرض تعليقه على ألفاظ الرئيس الأمريكي هذه، بأن اتهاماته غير مقبولة، إذ لا يحق لرئيس دولة قتلت الملايين حول العالم أن يوجّه مثل هذه التهم.

موقف الكرملين هذا دفع الرئيس الأمريكي إلى محاولة توضيح تصريحه دون أن يتراجع عن إشارته إلى وجوب مغادرة بوتين السلطة، رغم أنه لا يدعو إلى تغيير النظام في روسيا على حدّ قوله، مؤكداً أن تصريحه كان تعبيراً “عن غضبه” ولا يمثل السياسة الأمريكية، بمعنى أنه لا يتعامل هنا مع روسيا وإنما مع شخص بوتين، وبالتالي فإن العمل على شيطنة الرئيس بوتين لا يزال محور السياسة الأمريكية الحالية إزاء موسكو، إذ لم يسبق أن أطلقت واشنطن هذه الألفاظ على يلتسين أو غورباتشوف مثلاً.

غير أن حديث بايدن المباشر تجاه بوتين أثار الجدل في الولايات المتحدة وقلق بعض الحلفاء في أوروبا الغربية، وردّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تصريحه، قائلاً: “نحتاج إلى وقف التصعيد”، بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه “لن يستخدم هذه المصطلحات” بل يحتاج إلى وقف التصعيد.

وجاء تبرير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أسوأ من عدمه، حيث أشار  إلى أن “بايدن كان يقصد في تصريحه أنه لا يمكن تمكين بوتين من النصر في أوكرانيا”، بمعنى أن انتصار بوتين هناك يمثل انتصاراً على واشنطن، وهو اعتراف صريح بأن الطرف الثاني في حرب أوكرانيا هو حلف شمال الأطلسي وليس أوكرانيا.

ولم يبتعد رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين عن بيسكوف كثيراً في ردّه على تصريحات بايدن، حيث وصفها بهستيريا العاجزين، مؤكداً ضرورة خضوعه لفحص طبي.

ولكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ربما وضع أصبعه على الجرح عندما طلب من الرئيس الروسي الكشف عن أي معلومات مسيئة قد تكون بحوزته عن هانتر نجل الرئيس جو بايدن، حيث كرّر اتهاماته السابقة لهانتر بايدن “بأن له مصالح اقتصادية في أوكرانيا والصين”، وأشار إلى أن زوجة رئيس بلدية موسكو قدّمت 3.5 ملايين دولار لهانتر بايدن و”عائلته”، مطالباً بوتين بالردّ على هذا الأمر.

وكان ترامب اتهم في الماضي جو بايدن بأنه عمل من أجل إقالة مدّعٍ أوكراني لحماية شركة غاز تدعى “بوريسما” من ملاحقات بتهم فساد حين كان نجله هانتر عضواً في مجلس إدارتها، وهذه القضية ربما كانت سبباً في إطلاق إجراء عزل تاريخي بحق ترامب، بعدما اتهمته المعارضة الديمقراطية باستغلال مهامه الرئاسية في ممارسة ضغط على أوكرانيا لكي تحقق حول منافسه السياسي والأنشطة التجارية لابنه.

من هنا يمكن القول: إن حديث الكرملين عن مراقبة تصريحات بايدن وتسجيلها على هذا النحو من الثقة، إنما ينم عن وثائق تمتلكها موسكو تدين الرئيس الأمريكي على نحو مباشر بقضايا معيّنة في أوكرانيا وغيرها من الدول، وإن غضب بايدن ليس نابعاً بالفعل من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بل من عجز بايدن ذاته عن القيام بأيّ شيء نتيجة تكبيله بسلسلة من الفضائح التي تمتلكها موسكو ضدّه.

طلال ياسر الزعبي