صحيفة البعثمحليات

حماس خلبي!!

غسان فطوم
اعتدنا قبل شهر رمضان المبارك على حماس الحكومة وهي تطلق تصريحاتها (رشاً ودراكاً)، وتدعو أجهزتها المعنية لتكثيف الجولات الرقابية على الأسواق والتأكد من التزام الباعة بنشرة الأسعار الرسمية، مع التأكيد على أن جميع المواد متوفرة بكميات كافية، والتهديد والوعيد بإنزال العقوبات القانونية بالمخالفين والمحتكرين.
بصراحة، ومن الآخر، هذا الحماس الزائد ما عاد مقنعاً للمواطن، بل لم يعد يثق به، وبات مادة للتندّر على صفحات الفيسبوك لأنه “خلبيّ”، أي مجرد كلام لا يحقق ما يريده ويحتاجه المواطن “الطفران”، الذي يرقص على الموسيقى الصاخبة لهستيريا الأسعار التي ترتفع كل يوم، بل كل ساعة، دون أن يجد أي إجراء فعّال من قبل “حُماة المستهلك” يشعره بأن هناك من يفكر بحاله. ولكن لو سلمنا بالإجراءات العقابية الحالية، فماذا نجد؟، للأسف هي غالباً ما تكون بحق صغار الباعة، بينما الحيتان مستمرون بالبلع بلا خوف ولا رحمة، ولا حتى أي اعتبار للشهر الكريم، مع أن الحكمة التجارية المتعارف عليها تقضي بربح معقول مقابل تهدئة فوضى الأسعار وضبطها، لكن للأسف هذا المنطق التجاري غير موجود في دفاتر تجارنا ومستوردينا!.
لا شك مخيف جداً هذا الجشع والطمع، ومؤلم أن تسمع الناس تشكو وتقول على الملأ: “صرنا نشتهي رائحة الفروج المشوي.. عايشين على الحشيش.. نشتري الخضرة بالحبة والبيضة صارت بـ 500″، هي حالٌ صعبة، ولم يكن أشدّ المتشائمين يتوقع أن تصل أحوالنا المعيشية إلى هذا الحدّ من السوء، حتى في عزّ الحرب وعقوباتها علينا! الأمر الذي جعل الأسئلة تتزاحم حول المواد الغذائية التي ستصبح من المحرمات على المائدة، كالبيض والبرغل والزيت.. والقائمة تطول؟!!.
يا أصحاب المعالي والسعادة.. ضبط الأسعار لا يتحقق بقرارات ورقية، وإنما باستخدام القبضة الحديدية وفرض عقوبات رادعة على كبار التّجار والمحتكرين، فعملية التغريم وتشميع المخازن والمحال يبدو أنها لا تجدي نفعاً بعدما اكتسبوا مناعة ضدها، ما يستدعي إصدار عقوبات أشدّ بحق من يرتكبون جريمة تجويع الشعب وكيّه بلهيب الأسعار دون عقاب مهاب يجعلهم يرتعدون لمجرد التفكير برفع الأسعار واحتكار المواد!!.
gassanazf@gmail.com