ستارة تحتفي بالأمل
البعث الأسبوعية- سلوى عباس
يبدو أن يوم المسرح العالمي الذي اعتاد مسرحيو العالم أن يحتفلوا به كل عام قد أخذ طابع الاعتيادية والروتين، ليس لدى المسرحيين العرب فقط، بل حتى لدى مسرحيي العالم، وكأن الأمر يشير إلى التسليم من قبل المعنيين بالمسرح إلى عدم القدرة على إيجاد حل لما يُسمّى أزمة مسرح عربية وعالمية، خاصة وأن المسرح فن مأزوم منذ الأزل، ولن يصل في يوم لحالة الطمأنينة، وهذا ليس في بلدنا فقط، بل الأمر ينسحب على مستوى العالم بسبب أن المسرح غير مرغوب استثمارياً وبالتالي فهو بحاجة للرعاية والدعم المادي، وظرفه لايخدمه فهو دائماً في الأقبية من أجل عزل الصوت، والعاملون فيه متطوعون لأنهم استطاعوا أن يدركوا لذة أن يقدموا على خشبة المسرح عملاً له لون وطعم ورائحة الحلم الذي يرغبون، ومن هذا المنطلق ستبقى أزمة المسرح قائمة لأنها ترتبط بتطلعات ورؤى كل مرحلة زمنية، وسيبقى هناك أشخاص يبحثون ويعملون بكل مايحملونه من شغف لعناق خشبتهم التي كانت على مر الزمن ملاذهم الأول والأخير، ولو أنهم لن يصلوا للحالة التي ترضي طموحهم، لأن المسرح فن قائم على القلق ولن يكون هناك صورة يؤطر المسرح من خلالها، لتبقى الإشكالات التي يعانيها أبو الفنون والبحث فيها في مسرحنا السوري سواء من حيث العروض التي قُدّمت، أم من حيث الطقس المسرحي الذي اقترن بوجود جمهور يحقّق هذه الغاية هي محور أي حديث يتناول المسرح، وبعيداً عن هذا السبب أو ما قد يتبعه من أسباب أخرى فإن الأزمة تتجلّى في الثقافة بشكل عام، حيث نفتقد للتنشئة الثقافيّة التي تؤهل الفرد للتفاعل مع المسرح أو السينما أو غيرها من الفنون الأخرى، فالتنشئة الأسرية قد تكون الخطوة الأولى في الطريق إلى الحل، يضاف إليها جهد المدرسة، والمنظمات الأهلية والشعبيّة، وتنمية آلية التعامل مع الثقافة والفنون برمتها، وكل ذلك يساهم في تحرير الفن عموماً والمسرح خصوصاً من نخبويته التي كانت إحدى الإشكاليات المزمنة، والتي تحتاج إلى حلول تحوّل المسرح إلى طقس يشدّ الناس إلى فضاءاته الرحبة، فالمسرح هو الوعاء الجامع لكل فنون الجمال،ومن لا يتذوق الجمال لا يدرك قيمة الحياة.
اليوم ورغم كل ما يمر به العالم من كوارث ونكبات، وما يعيشه المسرح من أزمات يؤكد عشاقه على بقائه واستمراره كرسالة إنسانية تعكس الواقع بكل قضاياه وإشكالاته، فالناس في مختلف بقاع العالم يعيشون الأحاسيس والآلام والأحلام نفسها، حتى لو اختلفت البيئات قليلاً، لكن جوهر الصراع واحد،من هنا فإن رسالة كل مبدع في العالم يجب أن تتمحور حول قضية الإنسان أولاً وبعيداً عن ذلك لن يستطيع أن يترك بصمة في المجال الذي يبدع فيه، وسيبقى بلا غاية أو صدى، وبالتالي الاحتفال بالمسرح لا يقتصر على يوم وحيد ومحدد، فكل يوم يقدم فيه المسرحيون قناعاتهم ورؤاهم المسرحية يعتبر يوماً عالمياً للمسرح، وقد كان المسرحيون السوريون حاضرون دائماً عبر إبداعاتهم المسرحية متحدين كل الظروف التي يمكن أن تعيق أحلامهم المسرحية وقد أثبتت هذه الأعمال دور المسرح في محاربة القبح والموت بالجمال والإصرار على الحياة، عبر وظيفته الإنسانية والحضارية والثقافية، وهو القادر على توحيد مختلف الثقافات والحضارات في هذا العالم، بل أيضاً يوفر فرص التعليم والمعرفة، ويبقى المسرحيون على امتداد العالم كالفراشة التي تدور حول الضوء وتحرق نفسها،هي تعرف أنهاستموت لكن الضوء يبقى يجذبها ولاتستطيع الانفصال عنه، وهم هكذا يعرفون أن هذا الواقع يعذبهم لكن في المسرح تكمن حياتهم ومتعتهم بالعطاء.