ظاهرة البلادة والبلاهة ونمذجة الشخصية
هذه الأيام ألاحظ تفشي ظاهرة البلادة والبلاهة في مجتمعاتنا العربية بسبب الإحباط والعوز ومسخ الشخصية ونمذجتها باتجاه ثقافة سطحية وتجهيلية، يوم أمس واجهت أكثر من شخصية مشوشة أطلب منهم شيئاً فيجيبون عكس المطلب، ولا يستوعبون إلا بعد أن أردّد الطلب وأكرر أكثر من مرة.
شاب يافع يبيع الخضار طلبت منه بندورة فأعطاني كوسا، وشخص آخر اشتريت منه حاجة بألف ليرة، أعطيته فئة ألف ليرة فيقول لي أستاذ (ما عندي فراطة)، لا يستقبلون الرسالة وكأن على قلوبهم (أكنة) أو في آذانهم (وقرا)، عقولهم مشوشة، ولما تعاتبه على انشداهه يقول لك (العيشة صعبة) والعائلة تطلب مني تغطية نفقات مستحيلة، وكأنهم طرشان لا يسمعون إلا بالإعادة والتكرار.
ذات مرة قرأت نكتة طريفة مفادها أن امرأة عجوز بين وقت وآخر يزورها ولدها الشاب كونها تسكن وحدها، وفي إحدى زياراته لوالدته العجوز وجد دارها مليئة بـ(الفجل)، استفسر منها ابنها عن قصة تكديس (الفجل) في دارها فقالت له عثرت على المصباح السحري طلبت منه أن يأتي لي برجل لكن ظهر هذا الرجل أطرش لا يسمع، أقول له اجلب لي لبن يأتيني بالفجل حتى تكدس الفجل في داري.
حتى أن أفكار الرجال قد تغيّرت، أكل الدهر عليها وشرب في هذا الزمان الرديء الذي ما عادت فيه العائلة بنفس الحصانة والقوة الاجتماعية التي تلعب مركزية الأب والأم فيها حصانة للأطفال في تدرّج حياتهم التي يعيشونها مع المجتمع، ولا ننسى أن الشخصية العربية التي عانت من هموم الاحتلالات الأجنبية والحصار الجائر الذي فرضته قوى الاستكبار العالمي قد فرض على هذه الشخصية كثيراً من العقد الاجتماعية والنسيان والبلاهة والبلادة، وحريّ بالمؤسسات الصحية والثقافية في الوطن العربي أن تقوم بمعالجة هذه الظواهر التي حطت في كل المجتمعات العربية، وأن توجد لها المعالجة وخاصة فئة الشباب الذين يبحثون عن العمل المنتج والشريف في أوطانهم وبصورة خاصة الطلبة الخريجين من الجامعات الذين لم يجدوا لهم مكاناً للوظيفة ليعيشوا باحترام ورفاهية.
رحيم هادي الشمخي