شمس الآزوري تغرب في باليرمو.. والحلم المونديالي يتأجل حتى 2026
البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر
ستغيب شمس إيطاليا عن نهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي بعدما عاش المنتخب الأزرق قبل أربعة أعوام خيبة الغياب عن النهائيات العالمية لأول مرة منذ 60 عاماً، فبعد احتلالها المركز الثاني في مجموعتها خلف سويسرا اضطرت إيطاليا لخوض الملحق مما أغضب جماهيرها، التي على ما يبدو تملك ذاكرة صغيرة نسيت أن هذا الفريق مع مدربه روبرتو مانشيني قبل أشهر وتحديداً الصيف الماضي رسم أكبر الابتسامات على وجوه الإيطاليين بعد فوزه باليورو على حساب الإنكليز وفي أرضهم.
هذه النكسة أدخلت الآزوري بطل العالم 4 مرات (أعوام 1934 و1938 و1982 و2006) في نفق مظلم مجدداً، حيث سيكون قد مرّ فترة 12 عاماً قبل عودة محتملة إلى النهائيات المونديالية عام 2026 والتي ستقام في ثلاث دول هي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وحقيقةً منذ تتويجها بمونديال ألمانيا عام 2006 على حساب فرنسا بركلات الترجيح، عاشت إيطاليا كابوساً تلو الآخر في النهائيات، لأنها خرجت من دور المجموعات في النسختين التاليتين في جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014، قبل أن تغيب عن روسيا 2018 ونسخة قطر المقبلة نهاية العام الحالي.
وما يزيد من هول ما حصل، أنه لم يسبق لإيطاليا أن خسرت أي مباراة لها على أرضها في تاريخ مشاركاتها في تصفيات كأس العالم، وقد دخلت لقاء مقدونيا الشمالية بسجل 48 فوزاً و11 تعادلاً على أرضها منذ بدء اعتماد التصفيات المؤهلة للنهائيات اعتباراً من النسخة الثانية عام 1934 حين فازت على اليونان 4-0 في ميلانو في طريقها للفوز لاحقاً بلقبها العالمي الأول، فما هي أسباب هذا التراجع؟ وما هي التكلفة التي سيدفعها الطليان لقاء هذا التراجع؟.
للإجابة على هذه الأسئلة علينا بداية الاتفاق على أن ما حدث في باليرمو ضد مقدونيا الشمالية كان يحدث مع الأندية الإيطالية منذ 12 عاماً، وما حدث في الصيف من تتويج في اليورو يعد استثناء للقاعدة وليس نتاج خطة تطوير للكرة الإيطالية، حيث لم يفر أي فريق إيطالي بأي شيء في أوروبا منذ 2010، بعد تتويج إنتر ميلان بلقب دوري أبطال أوروبا مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، ولعب يوفنتوس بشكل جيد في نهائيين للمسابقة (2015 و 2017) لكن السيدة العجوز لم تفز بالبطولة، كما أن الفريق فشل في عبور عقبة ثمن النهائي خلال النسخ الثلاث الأخيرة.
وعلى مدار الأعوام الـ15 الماضية، انهار دوري الدرجة الأولى، من سقوط يوفنتوس (إلى الدرجة الثانية) بعد قضية التلاعب بالنتائج عام 2006، إلى انسحاب (سيلفيو) بيرلوسكوني والتخلي عن ملكية ميلان، وماسيمو موراتي والتخلي عن ملكية إنتر، كل ذلك أدى الى إضعاف الأندية التاريخية العظيمة وتقويض التوازن، ما أضعف الدوري بأكمله.
إذاً أوّل وأهم أسباب الإقصاء هو التراجع الحاد في مستوى الكالتشيو، وهو ما أثر سلباً على قدرات المنتخب الإيطالي، فقد أصبح إيقاع المباريات بطيئاً جداً مقارنة بدوريات أوروبية مغمورة، وأصبح الاعتماد على اللاعب الأجنبي عادةً للفرق الكبيرة قبل الصغيرة، وهنا نصل إلى النقطة الثانية فعلى الرغم من تقديم ساسولو وأتالانتا كرة ممتعة في الكالتشيو، لكن لا يوجد في الدوري الإيطالي حالياً أي نجوم حقيقيين، وهو الذي كان في فترة من الفترات جاذباً لكبار اللاعبين محلياً أو عالمياً، فالأندية تفضل التعاقد مع الشباب الأجانب رغم كل الديون التي تترتب عليها.
وطبعاً المطالبات بالتغيير الجذري ازدادت حتى طالب الشارع الإيطالي بإقالة مانشيني، وهنا انقسم المحللون بين معارض يرى أن منظومة كرة القدم كلها تتحمل المسؤولية ومؤيد يرى أن مانشيني يتحمل مسؤولية الذهاب إلى الملحق معتمدا ًعلى تصريحات المدرب، الذي أكد أنه المسؤول الأول وليس اللاعبين، موضحاً أنهم يملكون مستقبلاً رائعاً، وهم مجموعة قوية من أجل مستقبل المنتخب الوطني، وإذا استمرّ مانشيني بمنصبه فسيتولى قيادة الأزوري حتى نهاية عقده عام 2026.
وسيؤدي الخروج الإيطالي على الأرجح إلى اعتزال بعض الوجوه المؤثرة في المنتخب وعلى رأسهم الثنائي الدفاعي المخضرم جورجي كييلني (37 عاماً) وليوناردو بونوتشي (34)، وكلاهما ساهما بشكل كبير في التتويج الأوروبي قبل 10 أشهر، في حين يبلغ تشيرو ايموبيلي الثانية والثلاثين حالياً، وسينتقل لورنتسو إنسيني (30 عاماً) للعب في كندا، أما بالنسبة إلى اللاعبين الأصغر سناً والذين لم يشهدوا مرارة الخروج من دور المجموعة عام 2014 في آخر مشاركة لمنتخب ايطاليا، وهم الحارس جانلويجي دوناروما ونيكولو باريلا وفيديريكو كييزا ومانويل لوكاتيلي، فيتعين عليهم الانتظار أربع سنوات على الأقل للمشاركة في العرس الكروي للمرة الأولى في مسيرتهم.