السيرة الكاملة لمنتخبنا الوطني في التصفيات المونديالية… خروج مؤلم وأربعة اتحادات كروية وخمسة مدربين وخمسة وخمسون لاعباً في 21 مباراة
البعث الأسبوعية- ناصر النجار
أنهى منتخبنا الكروي الأول التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر الذي سيقام نهاية العام الحالي بالتعادل مع العراق بهدف لهدف ليحتل المركز الخامس في المجموعة الأولى برصيد ست نقاط فقط.
ولم يكن عشاق نسور قاسيون ليتوقعوا هذه الحصيلة السوداء بصفحة منتخبنا الناصعة التي كان لها الدور المؤثر في التصفيات السابقة وقد وصلت إلى الملحق الآسيوي وخرجت بفضل القائم الذي تصدى لكرة السومة آخر الوقت مع صافرة الحكم.
بكل الأحوال لم يتغير أي شيء على الصعيد الآسيوي فالمتأهلون هم أنفسهم الذين دخلوا كأس العالم من أوسع الأبواب، منتخبنا كان المتغير الوحيد وقد خرج من الباب الضيق ودخل عوضاً عنه المنتخب الإماراتي.
وكانت فرصة منتخبنا كبيرة في هذه التصفيات وخصوصاً مع تواضع المنافسين لكننا كنا أسوأ منهم، ويعترف المراقبون أن الكرة الآسيوية في العام المنصرم قدمت أسوأ ما عندها وربما كان (كورونا) سبباً في ذلك، والفرص كانت مواتية للفوز على العراق والإمارات ولبنان بالمباراتين، وكلنا يتذكر الأخطاء القاتلة التي كانت تحدث في الخط الخلفي، حتى ظن البعض أن بعضها كان مقصوداً!ّ.
على العموم أطاح الفساد الكروي بكل بارقة أمل فتراجع منتخبنا كثيراً على سلم الترتيب الدولي والآسيوي والعربي وتراجعت سمعتنا الكروية وبتنا نحتاج إلى سنوات عديدة لنستعيد موقعنا الذي كنا فيه.
أرقام مخيفة
ما حدث في كرتنا ربما لم تشهده أي المنتخبات الأخرى وأكثر داء فتك بمنتخبنا وأصابنا بمقتل كان التغييرات المستمرة بكرتنا وعدم الاستقرار بكل شيء والمشاكل الداخلية والخارجية في اتحاد الكرة التي انعكست على المنتخب، وظهور المتطفلين والمسوقين حتى بات منتخبنا حقل تجارب لكل من هب ودب، وإذا أمعنا بالأرقام التي بين أيدينا لعلمنا حجم الكارثة التي مرت وتمر بكرتنا، فمن خلال عامين شهدنا تغيير اتحاد كرة القدم أربع مرات، أولاً كان اتحاد فادي دباس ثم لجنة مؤقتة برئاسة إبراهيم أبا زيد ثم اتحاد برئاسة حاتم الغايب ثم لجنة مؤقتة برئاسة نبيل السباعي، الاتحادات الأربعة للأسف لم تتابع عمل من سبقها وكل قادم جديد هدم عمل من سبقه وبدأ من الصفر، وبعضهم سار بعمله وأفكاره نزولاً إلى ما دون الصفر!.
وهذا وضع المنتخب أمام متغيرات فنية كثيرة مع كل تغيير فأسندت مهمة التدريب إلى خمسة مدربين هم: فجر إبراهيم والتونسي نبيل معلول ونزار محروس والروماني فاليرو تيتا وأخيراً غسان معتوق، اللاعبون المدعون للمنتخب كانوا أكثر من مئة لاعب تم تجربتهم، أما المشاركون بالمباريات فبلغوا خمسة وخمسين لاعباً، ناهيك عن اللاعبين المشاركين بالمباريات الودية، ونتساءل: بماذا نستدل من هذه الأرقام؟ وكيف لكرتنا ستعرف طريق الاستقامة والتطور والنضج، حتماً بمثل هذه الأفكار الخارقة للعادة لن نحقق أي شيء وهذا محدث مع كرتنا تماماً.
الخطأ الأكبر
منتخبنا بدأ التصفيات في الخامس من أيلول عام 2019 زمن اتحاد فادي دباس وفاز في المباريات الخمس الأولى على الفليبين مرتين وعلى المالديف وغوام والصين، وتصدر مجموعته بلا خسارة وكان يدربه فجر إبراهيم وكان طريقه سالكاً لاستمراره بالصدارة، وحسب نتائج المباريات في المجموعة فإن منتخبنا لو خسر مباراة الإياب مع الصين لن يتأثر ترتيبه، وهذا يعني أن أمور المنتخب تسير بشكل جيد، حتى جاء اتحاد جديد يرأسه حاتم الغايب وقرر أن يبعد المدرب بذريعة أن أداء المنتخب غير جيد والانتصارات المحققة جاءت على منتخبات ضعيفة وأي مدرب محلي يحققها!
وبالفعل وبعد بحث مضني واستعراض السير الذاتية للمدربين المرشحين تم الاتفاق مع التونسي نبيل معلول لتولي المهمة، وبالفعل تم التعاقد مع المعلول، لكن الذي حدث بعد توقيع العقد بأيام أن انتشرت كورونا في كل العالم وكانت منتشرة قبل توقيع العقد في بعض دول آسيا وبعض دول العالم وجاء القرار بتوقيف النشاط الدولي والقاري وفي أغلب بلدان العالم، وكان المفترض باتحاد الكرة أن يلغي العقد مع المعلول لعدم وجود استحقاق قريب وخصوصاً أن الظروف تبيح لنا إلغاء العقد كونها ظروفاً غير طبيعية، لكن ما حدث أن اتحاد كرة القدم تمسك بالمعلول الذي تمسك بالعقد ورواتبه الشهرية وبقي في تونس وهو يقبض مالنا بالعملة الصعبة، وحضر في مرات قليلة ولعب مباريات قليلة استعدادية ضمن معسكرات ترفيهية ولم نجن من المعلول إلا السوء والاختبار المهم له كان باللقاء مع الصين فخسرناه بقيادته ، وها هو الآن يطالبنا بالمال الكثير نتيجة العقد الذي أهمل حقنا وضمن فيه حقه والقضية في محكمة التحكيم الرياضي.
ونحن هنا نلوم من وقع العقد ومن صدق ومن وافقه، وهو دليل على أننا لا نملك الخبرة في العقود أو أن قلبنا طيب زيادة عن اللزوم!!
مشاكل متنوعة
تم الاتفاق مع المدرب الوطني نزار محروس لتدريب المنتخب قبل فترة بسيطة من قبل بدء التصفيات النهائية، وحاول قدر الإمكان أن يفعل أي شيء إيجابي، لكنه جوبه بالعديد من المشاكل الداخلية والكثير من الخلافات بين اللاعبين ومع آخرين، ومع تجدد الأخطاء الدفاعية القاتلة صار الأمر يثير الاستغراب والدهشة وخصوصاً (كم) الأهداف التي دخلت مرمانا بأخطاء ساذجة ظن البعض أنها مقصودة.
وربما كانت خيوط ذلك قد بدأت بالظهور عند مباراة العراق في الذهاب عندما وصل لمسامع اللاعبين والكادر الفني والإداري أن اللجنة المؤقتة تبحث عن مدرب جديد، وهذا الأمر كان له مردود نفسي سيء على الجميع ودلّ على أن (طبخة) كانت على نار هادئة غايتها الإطاحة بالمدرب، وهكذا كان، للأمانة نقول: إن أفضل أداء قدمه منتخبنا كان زمن المحروس، لكن هذا الأداء لم يتوج بنتائج بسبب ما ذكرناه من أخطاء وربما كانت مقصودة.
إضافة لما سبق فإن التعامل باللامبالاة وعدم الاهتمام بالمنتخب زاد من مشاكله ومتاعبه الخاصة، وللأسف انشغل القائمون على كرتنا بالسياحة والسفر والمنافع الشخصية ولم يكونوا حازمين في الكثير من الأمور التي تحتاج الحزم، بل كان المنتخب في هذه الفترة وما بعدها بيد المتطفلين والمسوقين الذين حاولوا ما استطاعوا زعزعة روح الفريق الواحد، وبعض اللاعبين كانوا يفرضون أسماء هنا وهناك ويحاربون أسماء أخرى وكل هذه الأمور حقائق لا نود الخوض في تفاصيلها المزعجة.
الخطأ الأكبر
اللجنة المؤقتة أثبتت أنه لا علاقة لها بقيادة كرة القدم فسمعت لأحدهم بتمرير المدرب الروماني فاليرو تيتا وسبق أن جربناه كثيراً وهو معروف بسيرته غير الناصعة مع كل الفرق التي دربها، وكأن اللجنة المؤقتة أرادت من هذا العقد تطبيق مقولة (من جرب المجرب عقله مخرب) وجاءت هذه المقولة لتؤكدها أرض الملعب فاستمر المنتخب بالنكسات واستمرت كرتنا تنزف الكثير من مالها بلا طائل وتنزف الكثير من النقاط حتى فقدنا أي أمل بالتصفيات الآسيوية وخرجنا بخيبة أمل من كأس العرب مع فضيحة الخسارة مع موريتانيا.
في كل مراحل المنتخب ظهرت (موضة) اللاعبين المغتربين وأكثر من مستفيد عزف على هذا الوتر، وكل تفاصيل هذا الملف مزعجة لأن كل من اشتغل فيه كان يبحث عن التسويق والفوائد الشخصية التي تعدت الأصول والمنطق والقانون، حتى إن البعض كان يمرر بعض الأسماء على أنها من الطراز الممتاز من أجل مصالح لا نود ذكرها.
بكل الأحوال فإن الحدث الايجابي الوحيد أن المشاركات الرسمية لكل المنتخبات الوطنية انتهت وأن اللجنة المؤقتة يقارب عملها على النهاية ولم يبق لديها من العمر الزمني إلا نيسان والقليل من أيار، وكل الأمل بعدها أن نشهد ولادة اتحاد كروي جديد غيور على كرتنا وحريص عليها وأن تكون المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، واختيار الاتحاد الجديد هو من مسؤولية الجمعية العمومية التي عليها تحمل مسؤولياتها في العملية الانتخابية بما يصب في مصلحة كرة القدم بعيداً عن التجاذبات والتكتيكات والمجاملات والفوائد الصغيرة.
النتائج الكاملة
في التصفيات الأولى فزنا على الفليبين 5/2 و1/صفر، وعلى المالديف 2/1 و4/صفر، وعلى غوام 4/صفر و3/صفر، وفزنا على الصين 2/1 وخسرنا 1/3، حيث تصدرنا المجموعة الأولى وتأهلنا إلى التصفيات النهائية ولعبنا بالمجموعة الأولى وكانت نتائجنا على الشكل التالي: خسرنا مع إيران صفر/1 وصفر/3، ومع كوريا الجنوبية 1/2 وصفر/2، ومع الإمارات صفر/2 ومع لبنان 2/3 وتعادلنا مع العراق مرتين ومع الإمارات 1/1، وفزنا على لبنان 3/صفر.
وفي كأس العرب لعبنا ثلاث مباريات فخسرنا أمام الإمارات وموريتانيا 1/2 وفزنا على تونس 2/صفر وخرجنا من الدور الأول.
بالمحصلة العامة لعبنا في العامين ونصف العام الماضيين بشكل رسمي 21 مباراة فزنا بتسع مباريات وخسرنا مثلها وتعادلنا بثلاث مباريات وسجل منتخبنا 35 هدفاً ودخل مرمانا 27 هدفاً، ولولا منتخبات الفليبين والمالديف وغوام لكانت الحصيلة كارثية!!