العنف المدرسي !
دمشق _ بشير فرزان
مايحدث داخل المدارس لجهة المشكلات والعنف المستخدم بين الطلاب والظواهر المنتشرة والمدرجة تحت عنوان الجريمة بكل أشكالها يؤكد أن أبناء الحرب من الأطفال الذين عاشوا الأحداث بكل تفاصيلها ويومياتها المؤلمة والمفجعة والتي حرمتهم بفعل الجرائم الإرهابية من طفولتهم ومن أبسط متطلبات الحياة ..يحتاجون إلى جهود خاصة واستثنائية لتقويم سلوكهم ومعالجة الندوب النفسية التي ملأت حياتهم وباتت تداعياتها الأكثر حضوراً في يومياتهم وتصرفاتهم التي تؤكد الحضور القوي لتداعيات الأزمة في حياة الأطفال بعنفها ومشاهدها المرعبة المخزنة في ذاكرتهم وفي الوقت ذاته تدعونا هذه الوقائع لسماع ذلك الوجع الاجتماعي الذي نسمع أنينه في كل بيت حيث يعاني الناس اليوم من تراكمات نفسية في حياة أطفالهم تتجلى بالخوف والتخلف الدراسي و الفشل المتكرر في اكتساب أية مهارات جديدة وسيطرة السلوكيات العدوانية على تصرفاتهم وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين هذا عدا عن عدم احترام القانون والقيم الاجتماعية حيث ارتسمت في ذهنهم مشاهد جديدة للحياة تتسم بالعنف والقتل وغياب الرحمة والشفقة وعدم احترام الآخرين كالأهل والمدرسين ويمكن القول هنا بأن مايجري في حياة الطفولة ينبئ بارتفاع في نسبة الجريمة في المستقبل وسنصادف الكثير من الحالات النفسية التي ستحول مجتمعنا إلى مجتمع مريض فاقد للقيم وغارق في الجريمة .
وطبعاً الاستسلام لتداعيات الحرب والاكتفاء بإلقاء المسؤولية على مستجداتها أضعف أي تحرك أو تفاعل من الجهات التربوية مع هذا الواقع الطفولي المتخم بمظاهر العنف التي تتكاثر في المدارس خاصة مع الحضور الشكلي أو الغياب التام لكوادر الإرشاد النفسي والاجتماعي فيها ومن جهة أخرى الاستمرار بتسجيل الاعترافات بالمشكلة خلال الاجتماعات واللقاءات والورشات المتنقلة من فندق إلى أخر وتكرار الأحاديث عن ضرورة التخفيف من وطأة الأحداث الأليمة على الأطفال والترويج الإعلامي الدعائي لبعض المبادرات الفردية بعيداً عن الجماعي سواء المؤسساتي أو الأهلي .. يعد استنزافاً للجهود وإضاعة للوقت فالقضية تحتاج إلى منظومة عمل متكاملة تمتلك أدواتها الفاعلة وأساليبها في مكافحة ومعالجة الجريمة والعنف الطفولي وتضميد الأذى النفسي والسلوكي .