12 مرشحاً للرئاسة الفرنسية وسط اضطرابات سياسية واقتصادية ومناخية وصحية..
البعث الأسبوعية- هيفاء علي
من المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 10 من الشهر الجاري، حيث سيتنافس 12 مرشحاً في الجولة الأولى، وسيبقى اثنان منهم فقط بعد الجولة الأولى للتنافس على المنصب الرئاسي في الجولة الثانية التي ستجري في 24 نيسان.
وتجري هذه الانتخابات في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات سياسية واقتصادية ومناخية وصحية، تنعكس اصداؤها بالتأكيد على الشارع الفرنسي. والمرشحون الاثنا عشر هم 4 نساء، و 8 رجال: نتالي آرتو- مارين لوبان- آن هيدالغو- نيكولا دوبون إنيان- بانيك جادو- جون لاسال- ايمانويل ماكرون- جان لوك ميلانشون- فاليري بيكريس- فيليب بوتو- فابيان روسيل- اريك زمور، وهو المرشح اليمني المتطرف. والمرشحون الأوفر حظاً في المراكز الأربعة الأولى هم ماكرون، ومارين لوبان، وفاليري بيكريس وجان لوك ميلانشون.
مارين لوبان
تعيش مارين لوبان، البالغة من العمر 53 عاماً، ثالث ترشيح لها للانتخابات الرئاسية. في عام 2012، احتلت المركز الثالث بنسبة 17.9٪ من الأصوات خلف نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند. بعد خمسة أعوام، تمكّنت من الوصول إلى الدور الثاني ضد إيمانويل ماكرون، الذي فاز بفارق كبير. وخلال حوار لها مع صحيفة ” لوجورنال دو ديمانش”، أعلنت لوبان أنه ربما تكون هذه المرة هي الأخيرة التي ستخوض فيها غمار الانتخابات الرئاسية، وهذه هي المرة الثالثة التي تترشح فيها للانتخابات الرئاسية، فيما تمكنت من الوصول الى الجولة الثانية مرة واحدة فقط في انتخابات عام 2017 حيث حصلت على 33،90% من الأصوات مقابل 66،10% لصالح المرشح ماكرون.
وتعول لوبان كثيراً هذه المرة على تعبئة مناصريها لكي تقلب الطاولة على الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الذي تتوقع جميع استطلاعات الرأي أن يكون هو الفائز مساء 24 نيسان المقبل.
وحول الاختلاف الذي يجمعها مع أريك زمور، مرشح حركة “استرداد” أشارت لوبان إلى أن زمور يحارب “الإسلام”، بينما أنا احارب الأيديولوجية المتطرفة”، موضحةً أن مشروع زمور عنيف في الشكل ومحدود في المضمون. وبخصوص مرشح حزب “فرنسا الأبية” أقصى اليسار، جان لوك ميلانشون، فأكدت لوبان أن ميلانشون فقد المصداقية بعدما تخلى عن النزعة العالمية التي تتغذى بالفكر الجمهوري لصالح الفكر الطائفي، كما ضحى بالفكر العلماني لصالح الفكر الإسلامي اليساري. وأضافت أن تأهل ماكرون وميلانشون الى الجولة الثانية يشكل كابوساً لملايين الفرنسيين، لهذا السبب علينا العمل على قطع الطريق أمامه”.
ايمانويل ماكرون
تأخر في الإعلان عن ترشحه بسبب الأزمة الأوكرانية التي أجبرته على تغيير خططه، وفي حال أعيد انتخابه، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها رئيس بولاية ثانية، ولكن حتى الآن لم يتم تقرير أي شيء. عند فوزه في الانتخابات الرئاسية 2017، وعد ماكرون بفترة إصلاحات مدتها خمسة أعوام، والحقيقة أنه سيواجه أزمة مدتها خمسة أعوام. ففي نهاية 2018، واجه ماكرون أول أزمة كبيرة له مع حركة ” السترات الصفراء” التي شلت البلاد لعدة أسابيع وسجلت فيها أعمال عنف واعتقال، ثم أدى مشروع إصلاح نظام التقاعد إلى احتجاجات نقابية قوية وإضرابات في قطاع النقل. وفي عام 2020، تعرضت فرنسا، مثل سائر دول العالم، لوباء كورونا، وأجبر إيمانويل ماكرون وحكومته على فرض الحجر على البلاد.
إيمانويل ماكرون، الذي يعد بطريقة مغايرة للحكم لفترة الأعوام الخمسة المقبلة، يرغب أيضاً في إعطاء الأولوية للمدرسة والمعلمين، حيث وعد بأنهم سيكونون أكثر حرية، وأكثر احتراماً، وبأجور أفضل. ومن بين إلتزاماته المستقبلية، أعرب عن رغبته في جعل فرنسا “دولة بيئية عظيمة” تكون أول من يخرج من الاعتماد على الغاز والنفط والفحم. أخيراً، يدرك الرئيس، المنتهية ولايته ، أن الحرب في أوكرانيا ستكون لها عواقب على حملته الصريحة. لقد قطع المرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون في 2017 وعوداً تتعلق بمجالات عديدة، منها المناخ والسياسة الخارجية والقدرة الشرائية والمساواة بين الجنسين. فهل وفىّ الرئيس المنتهية ولايته بوعوده أم أن هناك فوارق وأوجه تضارب بين الخطابات والإنجازات؟. فيما يلي عودة على أبرز ما تعهد به ماكرون قبل خمس سنوات وما تحقق على أرض الواقع:
استفاد المرشح إيمانويل ماكرون في 2017 من تعرض حملة منافسه اليميني فرانسوا فيون والذي كان يومها المرشح بامتياز للفوز بالرئاسة، لموجة من الانتقادات الشديدة على خلفية اتهامات مخلة بالأخلاقيات سريعاً ما تحولت لتهم قضائية أنهت طموح رئيس الوزراء بين 2007 و2012، أي خلال ولاية نيكولا ساركوزي.
وكانت التهم تتعلق بقضية وظائف وهمية اشتبه فرانسوا فيون بأنه منحها لزوجته ولاثنين من أبنائه، كما اتهم مرشح حزب “الجمهوريون” باختلاس الأموال العامة وعدم الالتزام بقواعد الشفافية السياسية فيما واجهت زوجته تهماً بالتواطؤ في الاختلاس.
فقدم ماكرون نفسه في ثوب “الرجل النظيف” في مواجهة “طبقة سياسية تنتمي لعصر قديم”، وتلقى دعم وزير سابق هو فرانسوا بايرو، وتعهد ماكرون أنه في حال انتخابه رئيساً للجمهورية سيقر قانوناً “كبيراً لإصلاح أخلاقيات الحياة السياسية” في فرنسا.
لكن الحياة السياسية الفرنسية لم تتحول خلال السنوات الخمس الأخيرة لساحة نظيفة خلقياً، خلافاً لوعد ماكرون، رغم أن فرانسوا بايرو نفسه اضطر لترك منصبه شهراً بعد تعيينه في الحكومة الجديدة بسبب شبهات وظائف وهمية طالت حزبه، لكن، في حزيران 2018، تفجرت قضية تمس بالأخلاقيات طالت الرئاسة بشكل مباشر عندما اُتهم ألكسندر بينالا الحارس الشخصي للمرشح ماكرون ومعاونه الأمني بالإليزيه بضرب متظاهرين في باريس، فتهجم ماكرون على الصحافة والعدالة على مدى أسابيع، ونسي وعده بتعزيز معايير أخلاقيات الممارسة السياسية.
استمرت القضايا الأخلاقية في ملاحقة ولاية ماكرون مع توجيه تهمة “تحصيل مصالح غير مشروعة” لوزير العدل إيريك دوبون-موريتي في تموز2021، فيما استقال الوزير المنتدب للمؤسسات الصغيرة آلان غريزيه بعد إدانته في كانون الأول الماضي لعقوبة السجن ستة أشهر غير نافذة بسبب “تصريح جزئي وكاذب” لممتلكاته لدى اللجنة العليا.
انطلق إيمانويل ماكرون في حملته للفوز في المعركة الرئاسية من قناعة أن الفرنسيين استاءوا من الطبقة السياسية بشكل عام ومن الأحزاب التقليدية، وبالتالي رفع شعار “ممارسة السياسة بطريقة أخرى” ما سمح له بتسجيل دعم وانضمام كثير من المناضلين لحزبه “إلى الأمام”، وعرض عليهم مشاركته في اتخاذ القرارات وربط الحوار مع المعارضة السياسية في البلاد، أي منع التهميش والإقصاء.
لكن ذلك لم يمنعه من تبني خيار القرار الفردي في السلطة، وظهر الأمر جلياً خلال أزمة كورونا. وظل البرلمان كما في “العام السابق” أي مجرد غرفة تسجيل لقرارات جاءت من فوق، فيما طلبت قيادة الحزب الرئاسي من نواب الغالبية عدم معارضة الإصلاحات وعدم دعم اقتراحات المجموعات البرلمانية الأخرى.
وفي بعض الأحيان، لجأ ماكرون لممارسات سلطوية لأجل تمرير قوانين ، مثل قانون إصلاح نظام التقاعد، أو ردع حركات شعبية احتجاجية مثل حركة “السترات الصفراء”. وعمد في أحيان أخرى إلى نهج “التناسي”، لا سيما فيما يتعلق بمشروع قانون إصلاح الدستور الذي تعهد به خلال الحملة الرئاسية، فضلاً عن (وعد) إلغاء محكمة العدل الجمهورية، وإقرار مبدأ التصويت النسبي في الانتخابات التشريعية.
جان لوك ميلنشون
هو الآخر يترشح للرئاسة للمرة الثالثة كما مارين لوبان، وهو في سن السبعين عاماً. نادى بإلغاء الملكية الرئاسية واستخدام وسائل الابتكار معتبراً نفسه قطباً من الاستقرار. وبحسب المحللين الفرنسيين، سيتعين على هذا المرشح اليساري أن يفعل الأفضل لتجاوز البقاء في المركز الرابع. ويراهن على برنامج “المستقبل المشترك” الذي يركز على العدالة الاجتماعية والمالية والبيئية، ويقترح رفع الحد الأدنى من الأجور والخروج من الطاقة النووية، كما يريد خطة استثمارية ضخمة في التحول البيئي وزيادة الضرائب على الأثرياء، ويحلم بتأسيس الجمهورية السادسة.
فاليري بيكريس
تتمتع بسيرة ذاتية غنية وهي في عامها الـ 54، حيث تسلمت أكثر من منصب وزاري في عهد فرانسوا فيون، كانت عام 2007 وزيرة التعليم العالي والبحث، ومن ثم عينت وزيرة الموازنة عام 2011، ثم الناطقة الرسمية باسم الحكومة. عام 2015، تمكنت من انتزاع منطقة ” ايل دو فرانس” من اليسار بفوزها على كلود بارتولون، ومن ثم أعيد انتخابها في الانتخابات الإقليمية التي جرت العام الماضي 2021، وهي منصة انطلاق مثالية لترشحها للرئاسة. وفي هذه الانتخابات الأولى، تريد المرأة، التي تقدّم نفسها على أنها “السيدة التي ستكون فاعلة “، أن تكون مرشحة لـ “صدمة القوة الشرائية” والأمن، فوعدت بزيادة الأجور بنسبة 10٪ إلى 2200 يورو كراتبِ صافٍ، حداً أدنى. ومن أجل “استعادة النظام”، تقترح فاليري بيكريس أن تكون الأولوية في الأحياء الحساسة، أو “خطة إنقاذ للعدالة”، أو سياسة “تأشيرة ضد عودة المهاجرين غير الشرعيين”، بشأن الهجرة.
أريك زمور
الصحفي والمجادل السابق ومقدم برنامج تلفزيوني، البالغ من العمر 63 عاماً، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو يتبنى رموز نداء الجنرال ديغول الذي أطلقه في 18 حزيران عام 1940. ويقول إن الوقت لم يعد لإصلاح فرنسا، بل لإنقاذها، وهو مؤيد لاتحاد الحقوق ويحلم بإنعاش حزب الجمهوريين. أسس حركة “استرداد” لجذب الجمهوريين المحبطين. حكم عليه 3 مرات بتهمة التحريض على الكراهية والعنف، بعدما شن هجوماً على العرب ووصفهم بعبارات سيئة وعنصرية.