“كسر عضم”.. حبكة ضعيفة وحوارات مفككة
مرّ حوالي أسبوع على بداية سباق الدراما الرمضانية، وانتهت الانطباعات الأولى، وبدأ إطلاق الأحكام على أعمال الموسم الجديد، وكان للأعمال السورية نصيب كبير من المتابعة والنقد، خاصة وأن المسلسلات المعروضة ذات مستوى رفيع أعاد درامانا إلى الواجهة، إذ طرحت بجرأة كبيرة مواضيع لامست شرائح المجتمع كافة.
ولعلّ مسلسل “كسر عضم” (تأليف علي معين صالح وإخراج رشا شربتجي) أحد المسلسلات التي لقيت إقبالاً في العالم العربي عموماً، ولا يخفى على أحد أن إتقان معظم الممثلين لأدوارهم عامل من عوامل نجاح العمل، ومنهم من كسر قيود الإبداع، كما أن القوة الإخراجية التي تتمتّع بها النجمة رشا شربتجي أضفت جواً من الواقعية يشعر المشاهد بأنه في قلب الحدث. فإذا تناولنا مثلاً طريقة تنقل الكاميرا مع الشخصيات، نراها مختلفة عمّا ألفناه في المواسم السابقة، وتقارب إلى حدّ كبير الأسلوب الهوليوودي، فهي لا تتموضع عالياً، وإنما في مستوى الوسط لتقدم محاكاة طبيعية لحركات الممثلين وتنقلهم من مكان إلى غيره، مصاحباً باستخدام مدروس للموسيقا. ويمكننا القول إن “كسر عضم” هو الأقرب في عرض الواقع المعيشي المزري الناجم عن تداعيات الحرب، والذي تحكمه قاعدة “البقاء للأقوى”، على حدّ تعبير الحكم الصياد (المبدع فايز قزق) في مطلع الحلقة الأولى.
وتميّز العمل منذ حلقاته الأولى بقربه من المشاهد السوري على الأخص، فمع أننا نجهل الحبكة أو التطور التلقائي للشخصيات وارتباط بعضها مع بعض، نشعر أن الوجوه مألوفة، وأن الشخصيات تتماشى مع قضايا نألفها أو مسّتنا بشكل أو بآخر.
وأبرز الأمثلة التي يمكن طرحها في هذا السياق هي حياة الشبان الثلاثة علاء (حسن خليل) وسومر (يوشع محمود) وإيليا (يزن الريشاني)، وقد تكون هي المكوّن السري في خلطة نجاح شربتجي في هذا العمل، إذ إن حسن اختيارها للممثلين وإتقانهم إلى حدّ ما لأدوارهم العفوية القريبة من الحياة اليومية المعاصرة جعلهم يتصدّرون الأحاديث اليومية الصباحية، على الرغم من أن براعم العمل لم تتفتح بعد.
ولا يخلو عمل من هفوات وتناقضات، فإذا ابتعدنا عن الحوارات الفكاهية التي كان لها حصة في مواقع التواصل الاجتماعي، نرى ضعفاً في الحوار بشكل عام، ما يعكر صفو القوة البصرية. ويجانب ذلك أخطاء تصل حدّ السذاجة أو الاستهزاء، بعقل المشاهد، فقد تعدّدت الحوارات التي لا تتناسب مع المشهد، نذكر على سبيل الإيضاح الحوار الذي دار بين شمس (نادين تحسين بيك) وصديقتها عن “الخرابة الجديدة” التي انتقلت إليها الأولى، مع أن المنزل –والحق يقال– “ديلوكس” وأثاثه راقٍ وغالي الثمن وأجاره رخيص نسبياً مقارنة بالواقع، وهذا لا يعكس الحوار المطروح على الإطلاق، وتكرّر الأمر عدة مرات!.
وهل يعقل أن يستطيع المدعو هيثم (كرم شعراني) أن يسرح ويمرح على هواه بالقرب من غرفة العنصر المصاب إبراهيم، مع أن من وضع الحراسة الأمنية المشدّدة عليه يعلم أهميته في كشف ملابسات جريمة اغتيال العميد طلال (تامر العربيد)، ويعرف حق المعرفة أن هيثم هو اليد القذرة للحكم المشتبه به الأول، وبحديثنا عن قضية الاغتيال، هل يعقل أن تنطلي خدعة أبو عبادة (محمد خاوندي) على رجل “مشرِّش” كالحكم الصياد الداهية؟!.. وكيف استطاعت زوجة العنصر إبراهيم أن تتواجد بالقرب من زوجها داخل غرفة العناية المركزة مع رضيعها بملابسها العادية وبدون اتباع إجراءات الوقاية، وبعد انفجار مستودع الأسطوانات يمنعها العنصر الأمني –وليس الطبيب- من الدخول مرة أخرى؟.
في الختام، العمل بصورة عامة شعبي ويقارب الحياة اليومية، لكن ما أعطاه هذه الشعبية هو جمال الرؤية البصرية وإبداع شربتجي الذي غطّى مكامن الضعف إلى حدّ مقبول، ولو أنها من التفاصيل الشديدة الأهمية في أي عمل درامي، وكان حريّاً بالقائمين على العمل أن يراعوها، خاصة وأنها أضعفت الحبكة بصورة فادحة.
علاء العطار