موسكو: الحديث عن تهديد روسي للسويد وفنلندا يصبّ في مصلحة “ناتو”
البعث – وكالات:
بدأت تظهر بعض الأسباب المتعلقة بتعمّد الغرب نشر ظاهرة روسوفوبيا في العالم وخاصة في أوروبا، فقد تبيّن أن واشنطن بالدرجة الأولى تستخدم هذه الظاهرة من أجل إجبار الدول الأوروبية التي لا تزال متردّدة في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” على اختيار الانضمام إليه، وبالتالي وضع أرضها وجيشها وإمكاناتها تحت تصرّف الحلف الذي تقوده واشنطن من خلف المحيط فعلياً.
فقد انتقدت موسكو تصريحات وزيرة خارجية السويد آن ليندي عن تهديد محتمل قد تواجهه دولتها وفنلندا من روسيا، محذّرة من أنها تصبّ في مصلحة حلف ناتو.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في حديث إلى إذاعة “سبوتنيك” اليوم الأربعاء، في معرض تعليقها على كلام ليندي عن ضرورة منع روسيا من “تهديد السويد وفنلندا بأي شكل من الأشكال”: “هذه التصريحات غير ذكية ولا تستند إلى أي حقائق وتأتي في مجرى الدعاية والاستفزاز”.
وذكرت زاخاروفا أنه لا يمكن اعتبار تصريحات ليندي “رأياً مستقلاً”، مبدية قناعتها بأنها “لا تتماشى مع مصالح هذين الشعبين وتخدم المصالح الجماعية لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة”.
وأكدت ليندي في تصريحاتها أن السويد تنظر في جميع الخيارات المتاحة لتطوير علاقاتها مع “ناتو”، وخصوصاً في اتصالاتها الدورية مع فنلندا.
وجاء هذا الكلام على خلفية التصعيد غير المسبوق بين روسيا والغرب بعد العملية العسكرية التي تواصلها موسكو في أوكرانيا.
جاء ذلك بينما أكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان لرئيسة مولدوفا مايا ساندو “التزام واشنطن بمساعدة بلدها والمنطقة”، معرباً عن شكره لها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين.
من جهة ثانية، اعتبر السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف أن واشنطن تستغل قضية حقوق الإنسان لـ”تشويه سمعة النظم السياسية للدول التي لا تعجبها”.
جاء ذلك في تعليق لأنطونوف على التقرير الذي نشرته الخارجية الأمريكية حول وضع حقوق الإنسان في العالم لعام 2021، والذي وجّهت فيه اتهامات روتينية للسلطات الروسية بارتكاب مختلف أنواع الانتهاكات، من القتل خارج نطاق القضاء إلى عدم تمكين السكان من تغيير الحكومة بطرق سلمية، وهي ادعاءات لم تختلف كثيراً عما ورد في تقرير عام 2020 وسبق أن رفضتها موسكو بشكل قاطع.
وكتب انطونوف عبر “تليغرام” مساء الثلاثاء أنه من الأجدى بواشنطن، قبل إدانة الدول الأخرى بانتهاك حقوق الإنسان والحريات، أن تحرص على حل مشكلاتها الخاصة، مشيراً إلى أن العنصرية ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا وغيرها من مظاهر التعصّب آخذة في النمو في الولايات المتحدة، كما أن مظاهر كراهية الروس لا تزال موجودة على نطاق غير مسبوق.
وتابع أنطونوف: “من الواضح أن المنشورات الدعائية للخارجية الأمريكية تهدف إلى تشويه سمعة النظام السياسي للدول التي لا تعجبها والحصول على ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية”.
وأضاف السفير: أستغرب حقيقة أن الولايات المتحدة لا تدعم القرار السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة ضد تمجيد النازية، مشيراً أيضاً إلى السياسات اللاإنسانية للسلطات الأمريكية بحق المهاجرين، وتكتّم واشنطن على حالات التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للسجناء في معتقل غوانتانامو.
وفي شأن آخر، وصفت السفارة الروسية في واشنطن مزاعم المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس بشأن احتمال استخدام روسيا أسلحة كيميائية في أوكرانيا بأنها استفزازية وعديمة الأساس.
وشدّدت السفارة الروسية في بيان لها مساء أمس الثلاثاء على أن القوات المسلحة الروسية “لا تمتلك ولا يمكن أن تمتلك عوامل قتالية كيميائية”، بعد أن أتلفت روسيا كل مخزونها للأسلحة الكيماوية عام 2017.
وأشارت السفارة إلى أن ما يثير القلق هو معلومات أكدتها الدفاع الرسية تفيد بتحضير الراديكاليين الأوكرانيين لاستفزازات باستخدام المواد الكيميائية، مضيفة: إن لدى روسيا “أسئلة عن مصدر هذه المواد”.
وأضافت السفارة: “نحثّ واشنطن على الكف عن الترويج للمعلومات المضللة. وبدلاً من ذلك، ينبغي على الزملاء تكثيف عملية نزع السلاح الكيماوي لدولتهم”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تبقى الدولة الوحيدة الموقعة على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية ولم تفِ بالتزاماتها الدولية.
وكان برايس قد قال في وقت سابق الثلاثاء: إن الولايات المتحدة لا يمكنها تأكيد الأنباء عن استخدام الأسلحة الكيماوية في ماريوبول الأوكرانية، لكنه أعرب عن وجود “مخاوف” من احتمال لجوء روسيا إلى أسلحة كيميائية، مدّعياً أن “لديها سجلّاً في ذلك” وأنها سبق أن “استخدمت عوامل كيميائية ضد مواطنيها”.
دوليّاً، وحول الآثار المباشرة للعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا على البريطانيين، قالت صحيفة “التلغراف”: إن البريطانيين تسابقوا لتخزين الطماطم المعلبة والمعكرونة والشاي والقهوة والباراسيتامول الشهر الماضي وسط مخاوف من أن الأزمة في أوكرانيا قد تشعل حرباً في أوروبا.
وأفادت الصحيفة البريطانية بأن أكثر من ثلث المستهلكين قاموا بتخزين العناصر اليومية مثل الطماطم المعلبة والمعكرونة المجففة وورق المراحيض والباراسيتامول الشهر الماضي.
ويعكس هذا السلوك في عملية الشراء الذعر الذي انتشر في بداية انتشار وباء كورونا عندما تدفق العملاء على محلات السوبر ماركت لشراء الضروريات.
كذلك أجبر الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع الأخرى على خلفية العقوبات المفروضة على روسيا السكان البريطانيين على شراء المواد الغذائية والضروريات الأساسية للاستخدام في المستقبل.
وذكرت الصحيفة أنه بالإضافة إلى ذلك، يحاول سائقو السيارات، نظراً للزيادة الكبيرة في أسعار الوقود، تقليل استخدام المركبات الشخصية، مشيرة إلى أن 2 من كل 5 اشخاص يحبذون المشي أو استخدام الدراجات الهوائية.
وأوضحت أيضاً أن الأزمة في أوكرانيا لها تأثير أيضاً على البضائع المتوفرة على الرفوف، حيث بدأت سلسلة متاجر “ويتروز” الأسبوع الماضي في تقنين عدد زجاجات زيت الطهو التي يمكن للمتسوّقين شراؤها وسط نقص في زيت عباد الشمس.
وبيّنت أيضاً أن ارتفاع أسعار الوقود والفواتير المنزلية بدأ في التأثير في سلوك المستهلك، مع تغيير العديد من عادات السفر والتسوّق لتوفير المال.
وفي وقت سابق، ذكرت المجلة الألمانية “Focus Online” أن المواطنين الألمان يواجهون بشكل متزايد صعوبات مالية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، ووفقاً لأحدث البيانات، يواجه واحد من كل سبعة ألمان تقريباً صعوبة في تغطية نفقاته اليومية.
وفي جديد العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، أعلنت السلطات الفرنسية أنها جمّدت حتى اليوم 23.7 مليار يورو من الأموال الروسية المنقولة وغير المنقولة، من بينها عقارات بقيمة 573.6 مليون دولار.
وأوضحت وزارة الاقتصاد والمال الفرنسية أن الحصة الأكبر من هذه الأموال وقدرها 22.8 مليار يورو هي حسابات للمصرف المركزي الروسي في فرنسا، لافتة إلى أنه يضاف إلى هذا المبلغ 178 مليون يورو من الأصول المصرفية المختلفة.
وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا صادرت 4 سفن شحن، وأربعة يخوت، كان آخرها في مرسيليا الثلاثاء الماضي، بقيمة إجمالية تجاوزت 125.2 مليون يورو، بالإضافة إلى 6 طائرات هليكوبتر تزيد قيمتها الإجمالية عن 60 مليون يورو، فضلاً عن سبعة ملايين يورو من الأعمال الفنية، بالإضافة إلى أن السلطات الفرنسية وضعت يدها على 33 عقاراً، بينها 19 شركة مدنية عقارية، وتستعدّ لوضع اليد على حوالى 10 عقارات أخرى.
في سياق متصل، أفادت وكالة “بلومبرغ” بأن شركة “Vitol Group” الهولندية السويسرية التي تعدّ أكبر تاجر للنفط في العالم، تنوي وقف تجارة النفط الروسي بحلول نهاية العام الجاري.
ونقلت الوكالة، اليوم الأربعاء، عن تعليق لممثل الشركة مفاده أن حجم النفط الروسي المتداول من شركة “Vitol Group” سينخفض بشكل جدي في الربع الثاني من العام الجاري مع انخفاض الالتزامات التعاقدية الحالية”، بينما عملية رفض التجارة في النفط الخام والمنتجات البترولية من روسيا “ستنتهي بحلول نهاية العام الجاري، إذا لم يطلب خلاف ذلك”.
أشارت إلى أن الشركة لن تعقد أي صفقات جديدة متعلقة بالنفط الروسي، في حين سيتم تنفيذ كل مشترياتها الحالية في إطار العقود الموقعة مسبقاً.