اليونانيون ضد زيلينسكي والنازيين الجدد
هيفاء علي
ألقى الرئيس الأوكراني خطاباً في البرلمان اليوناني استمر حوالي 15 دقيقة، وذلك يوم 7 نيسان الجاري، وتسبّب بفضيحة سياسية في اليونان، بعدما رحّب نواب حزب “الديمقراطية الجديدة” الحاكم بـ زيلينسكي واستمعوا إلى خطابه، بينما غادر نواب الحزب الشيوعي اليوناني، وحزب الحل اليوناني اليميني، البرلمان دون الاستماع إلى كل هذا الهراء. فيما وصف حزب “سيريزا- التحالف التقدمي” ظهور النازيين من كتيبة “آزوف” في البرلمان اليوناني بأنه غير مقبول، حتى أنهم قالوا إنهم فوجئوا تماماً عندما علموا أن زيلينسكي يؤوي النازيين في صفوف قواته. وكانت قد تمّت دعوة زيلينسكي من قبل الحكومة الموالية جداً لأمريكا ولحلف شمال الأطلسي، لزيارة أثينا وإلقاء كلمة في البرلمان اليوناني في 7 نيسان.
وبالفعل، ألقى خطاباً لاذعاً مليئاً بالاتهامات ضد “روسيا النازية”، وفي نهاية حديثه، أعطى الكلمة لعضو من كتيبة النازيين الجدد، المسمّاة كتيبة “آزوف” لإلقاء كلمة أمام البرلمان اليوناني، علماً أن اليونان عانت الكثير بل وأكثر من غيرها من البربرية النازية في أوروبا. وتجدر الإشارة إلى أن اليونانيين لا يؤيدون على الإطلاق الهستيريا المعادية لروسيا، والتدابير المتخذة ضدها، وضد المواطنين الروس والحضارة الروسية وضد المكارثية الجديدة التي تهيمن على الحياة السياسية والإعلام في اليونان، كما هي الحال في العالم الغربي بأسره، وتهديد كل ما تبقى من الحقوق الديمقراطية الأساسية في الغرب. كما أنهم يتذكرون بوضوح أن الولايات المتحدة فرضت ديكتاتورية في بلدهم في عام 1967، وأن تركيا العضو في الناتو، بتشجيع من هنري كيسنجر، غزت قبرص في عام 1974، وما زالت تحتفظ بقوة احتلال ضخمة هناك. ولم ينسَ اليونانيون قصف وغزوات يوغوسلافيا أو العراق أو ليبيا وسورية.
ورداً على سؤال طرحه استطلاع للرأي نشرته صحيفة “ديموقراطيا” اليونانية في 6 نيسان، أرجع 31.1٪ السبب في أزمة أوكرانيا إلى القوى الغربية، فيما عارض 71.6٪ قرار الحكومة بتزويد أوكرانيا بالسلاح، وعارض 55٪ من اليونانيين قرار دعوة زيلينسكي لإلقاء كلمة في البرلمان اليوناني. ولكن عندما رأى اليونانيون رجل عصابات من كتيبة “آزوف” النازية يتحدث في برلمانهم، انفجر الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، وندّدت جميع أحزاب المعارضة بالأمر، واتهمت الحكومة بارتكاب هذا الخطأ الفادح. حتى رئيس الوزراء السابق من الحزب الحاكم “الديمقراطية الجديدة”، أنطونيس ساماراس، تحدث قائلاً: إذا كان هدف زيلينسكي ومستشاريه الأمريكيين، الذين ينظمون على الأرجح “مظاهره”، هو جذب بعض التعاطف مع بلاده ومعه، أو إضفاء الشرعية على كتيبة “آزوف” سيئة السمعة، فإن ما حدث هو العكس تماماً، وكان لوجوده صدى على الفور في قبرص، حيث قرّر أكبر حزب معارض، وهو حزب اليسار، الامتناع عن حضور خطاب زيلينسكي في البرلمان القبرصي الذي ألقاه بعد الخطاب اليوناني. وبحسب المراقبين اليونانيين، ربما يُدرج يوم 7 نيسان في التاريخ اليوناني كبداية لأزمة عميقة جديدة في اليونان، لأن النخبة الحاكمة الحالية تتعارض بشكل تام مع تطلعات الشعب وآماله إزاء كافة المشكلات المهمة، وعلى وجه الخصوص الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور والذي سيتفاقم أكثر عقب العقوبات القسرية المفروضة على روسيا.