أمام صرح الثورة السورية الكبرى
السويداء – رفعت الديك
يبتهج أبناء السويداء بعيد الجلاء ويزهون بتذكر مآثر وبطولات أجدادهم، فكل حرف من حروفه خطته معارك طاحنة وأيام قاسية.. في قاموسه أسماء آلاف الشهداء والمجاهدين والثوار.. فيه سعدة ملاعب وخولة أبو عاصي وشما حيدر.. وبه توحدت إرادة كل السوريين.. فيه كانت خبطة أقدام الثوار هدارة ترعب الغزاة وتسحق أدواتهم من مصفحات وطائرات ودبابات..
فيه تجسدت المعاني الوطنية والقومية عندما نادى الثائر سلطان الأطرش أحفاد العرب الأمجاد إلى السلاح.. إلى السلاح.. في يوم لا ينفع المجاهدين فيه إلا جهادهم.. والعاملين في سبيل الحرية والاستقلال إلا عملهم وهدفهم الحصول على حق طالبوا به فعلا لا قولا.. جهاداً وثورة حتى حصلوا عليه.. فكان الاستقلال
وحدة وطنية
حفيد قائد الثورة السورية الكبرى المهندس ثائر الأطرش يستذكر بيان الثورة الذي خاطب أحفاد العرب الأمجاد وقال لهم: هذا اليوم ينفع فيه المجاهدون جهادهم والعاملون في سبيل الحرية والاستقلال عملهم، فلننهض من رقادنا ولنبدد ظلام تحكم الأجنبي في سماء بلادنا، لقد مضى علينا عشرات السنين ونحن نجاهد في سبيل الحرية والاستقلال، فلنستأنف جهادنا المشروع بالسيف بعد أن سكت القلم ولا يضيع حق وراءه مطالب.
ويتحدث حفيد قائد الثورة عن المعاني والدلالات الوطنية والقومية فيقول: لقد آمن الثوار بوحدتهم وقوتهم وكرامتهم وإرادتهم في تحرير أرضهم المغتصبة، وبرهنوا للعالم أجمع أن الإنسان العربي يأبى الذل والهوان، ويدافع عن أرضه وكرامته بالغالي والنفيس ضمن وحدة وطنية قلّ نظيرها، هذه الصفات التي جمعت أبناء الوطن كانت الأهم التي ميزت الثورة السورية الكبرى عبر شعارها الشهير: “الدين لله والوطن للجميع” الذي اعتبره قائدها العام المغفور له سلطان باشا الأطرش مبدأ ونهج حياة وليس شعاراً فحسب، وكان لهذا الشعار الدور الكبير في توحيد صفوف الثوار السوريين بكل فئاتهم وأطيافهم على ساحة الوطن.
عهود وطنية
أمام صرح الثورة السورية الكبرى، في بلدة القربا، يجيي أبناء السويداء كل عام ذكرى عيد الجلاء… المكان يعطي بعداً اضافياً للاحتفال فهو يشكل رمزاً مهماً لأبناء المحافظة يجددون فيه عهودهم الوطنية.
ويقول أمين الصرح فراس ملاعب: إن المتحف العام لصرح الثورة السورية الكبرى في بلدة القريا شاهد حي يروي مآثر الثوار وبطولاتهم في مواجهة الاستعمار الفرنسي، حيث يضم معالم وإنجازات الثورة والمقتنيات والأسلحة الحربية التي كان يستخدمها الثوار خلال مواجهة الاستعمار، والبيارق، والصور، والوثائق الخاصة التي واكبت الثورة السورية الكبرى.
ويشير أمين الصرح إلى أن بناء الصرح يضم في قسمه الأرضي المتحف العام، بينما يشمل الجزء العلوي من البناء مساحات مخصصة لمشاهدة البانوراما الخارجية، وأبرز ما يحتويه هذا الصرح هو الجدارية التي تقع تحت القبة، والتي تضيء مراحل النضال في سورية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 130 متراً مربعاً، وكذلك لوحات مكتوبة عليها أسماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن في كل أنحاء سورية بين عامي 1925 و1937، وعددهم 2522 شهيداً، والمتحف العام والخاص يضمان مقتنيات الثوار من وسائل قتالية بدائية استخدمت في مراحل الثورة، إضافة إلى مكتبة تحوي كل ما كتب أو سوف يكتب عن الثورة لتكون مركزاً بحثياً تاريخياً، وقاعة محاضرات تستوعب حوالي 310 أشخاص، يمكن أن تقام فيها أنشطة ثقافية تاريخية ترسّخ قيم ومبادىء الثورة في أذهان الأجيال القادمة.