سورية منتصرة حتما
محمد محمود
في الذكرى السادسة والسبعين ليوم الجلاء المبارك نتمعن في دروس الكفاح الشعبي، والنضال المستمر الذي قدمه أبناء وطننا من أجل الاستقلال، وما قدمته تلك الدروس من معان مختلفة تؤكد عظمة الشعب العربي السوري، وقدرته على تحقيق النصر مهما كانت التضحيات، ومهما بلغت الظروف والصعاب.
وتمر في الذاكرة محطات عديدة لملاحم البطولة والفداء التي سطرها آباؤنا وأجدادنا في سبيل تحقيق استقلال الوطن، فأعطوا المحتل درساً في التلاحم والدفاع عن كيانهم والحفاظ عليه حراً عزيزاً موحداً. واليوم يخوض الأبناء والأحفاد معركة المصير في مواجهة حرب عدوانية بأوجه مختلفة تتعرض لها سورية بدعم قوى الاستعمار القديم والجديد وعملائهم وأدواتهم من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية،
فالجلاء كان بحق ثمرة مسيرة نضالية مشرفة خاضها السوريون على مدار عشرات السنين في مقارعة المحتل الفرنسي والمؤامرات الاستعمارية الرامية إلى تفتيت الوطن وسلخ أجزاء منه، فكانت موقعة معركة ميسلون بقيادة يوسف العظمة، وامتد الكفاح والنضال والتضحيات، وتواصل عبر ثورات عمّت مختلف أرجاء الوطن، قادها مناضلون كالشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وحسن الخراط، وصولاً إلى الثورة السورية الكبرى عام 1925، والتي قادها سلطان باشا الأطرش وتوجت بانتزاع الاستقلال الوطني، وبدء مسيرة بناء الدولة السيدة القوية الموحدة.
واليوم، أكثر ما يهمنا في ذكرى الجلاء ما يؤكده عن تقاليد هذا الشعب ونفسيته العامة في رفضه المستمر للطغيان، ودفاعه المستميت عن حرية وطنه واستقلال قراره. فبعد عشر سنوات من حرب الإرهاب والتدمير ومحاولات الإبادة، وبعد صمود أدهش العالم، وحرب اقتصادية شعواء لا يمكن لأحد أن يقول بأن الحديث عن تقاليد شعبنا الكفاحية مجرد تعابير جميلة وشعارات براقة فلقد أثبتت الوقائع ومواجهة التحديات الكبرى مصداقية هذا الوصف وحقيقته فسورية متميزة دائما في أنها طليعة الخلاص من الاستعمار القديم في المنطقة، وهي اليوم بطليعة الكفاح المشروع في مواجهة الاستعمار الجديد. وكانت أول من ساهم في القضاء على هذا الاستعمار في المنطقة، وفي إضعافه على المستوى العالمي.
سورية منتصرة حتما، وبشائر النصر تزداد يوماً بعد يوم. وحتمية هذا النصر تستند إلى منطق التاريخ في هذه المنطقة وقوانينه، وهي القوانين التي أسهم شعبنا الأبي في صياغتها وتحديد مضامينها عبر مسيرة طويلة من الكفاح.
سورية منتصرة بشعبها وجيشها الباسل ودولتها الوطنية وقائدها الذي أضحى رمزاً للشجاعة والحكمة في قيادته لواحدة من أهم معارك العصر وأكبرها. وهي منتصرة في مجمل كيانها وثقافتها النضالية. والشعب السوري سيكون الأول الذي يسطر إعلان فشل الإرهاب والاستعمار الجديد، كما كان الأول الطليعي في إعلانه سقوط الاستعمار القديم في المنطقة.