عقارات طرطوس.. ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وبطء بإنجاز معاملات الفراغ وحركة ضعيفة
يتألم المواطنون في طرطوس كغيرهم من السوريين من لهيب نار أسعار العقارات التي ارتفعت بشكل غير مسبوق حتى بات شراء منزل حلماً صعب المنال، قياساً لدخل المواطن “شبه المعدم”، حتى أضحى استئجار غرفة صغيرة تستر العائلة، وليس شقة، أمراً في غاية الصعوبة، فما هي أسباب ارتفاع أسعار العقارات في طرطوس واستمرار ارتفاعها حتى بعد خروج الوافدين منها..!.
تراجع
تشير الوقائع إلى أن هناك ارتفاعاً جنونياً لأسعار الشقق السكنية في مركز المدينة. وفي لقاء مع علي محمد، أحد أصحاب المكاتب العقارية، أشار إلى أن حركة البيع والشراء انخفضت منذ مطلع العام بسبب الغلاء الفاحش والتضخم بالأسعار وخوف الناس من البيع، مبيناً أن ارتفاع الأسعار وتضخمها بدأ عام الـ 2019، فسعر المنزل الصغير الذي لا يتجاوز الـ 60 متراً لا يقل عن 70 مليون ليرة.. هذا في الأحياء المحيطة بالمدينة، أما داخلها فلكل بيت سعر خيالي لا يصدقه عقل، فقد تجد بيتا بـ 300 مليون ليرة، وآخر بـ 400 مليون وأكثر، أما المحل التجاري الذي كان سعره 10 مليون فأصبح اليوم بـ 30 مليون ليرة وأكثر، وبيّن صاحب المكتب العقاري أن سعر الشقة – “بيعاً” أو “إيجاراً” – يختلف حسب موقعها من السوق ورقم الطابق والمنطقة والشارع، لافتا إلى أن إيجار أفضل بيت كان العام الماضي خمسين ألفا، واليوم يفوق الـ 150 ألفا، في حين أن إيجار المحال يبدأ بمليون ليرة شهريا!!
لا شفقة
ارتفاع أسعار العقارات انعكس سلباً على غلاء الإيجارات، حيث يبدأ إيجار شقة صغيرة في أحياء المدينة بـ 100 – 300 ألف ليرة حسب الموقع، وينتهي حسب ضمائر أصحاب العقارات والسماسرة (الدلالين)، كما أن إيجار مكتب تجاري يبدأ بـ 250 ألف ليرة، والوضع ليس أفضل حالا في باقي المناطق، فأصحاب “الملك” يشترطون ويتدللون مستغلين حاجة المواطن، مع الإشارة إلى أنه مع كل تجديد لعقد الإيجار يرفع المالك الأجرة دون رحمة أو شفقة، حسب ما أفاد المستأجر أبو بسام .
معاناة مضاعفة!
السيدة هناء، القادمة من ريف صافيتا إلى طرطوس للعمل، لم تتمكن من استئجار مكتب مع زميلتها إثر ارتفاع سعره حيث وصل إلى 250 ألف ليرة، فيما تساءل أبو درويش: أين الجهات المعنية من ضبط سوق العقارات؟ ورأى أن رفع الدعم عن بعض شرائح المجتمع وقع على رأس المستأجر لأن المالك يريد أن يربح ويعوض مدخوله بدل الدعم الذي سحب منه!
قانون البيوع العقارية
الخبير العقاري منذر تقلا بيّن أن حركة البيع والشراء ضعيفة بسبب ارتفاع أسعار العقارات الناجم عن ارتفاع أسعار مواد البناء الخام، وبيّن أن القيمة الرائجة غير متناسبة مع طبيعة المناطق جغرافيا، فالغبن في قانون البيوع العقارية للمالك والشاري انعكس بشكل كبير على الشريحة طالبة السكن إثر ارتفاع الضرائب، كما أن تخمين الإيجار من المالية ونقل العقارات على القيمة الرائجة عليه الكثير من الملاحظات، إذ يكلف نقل عقار داخل التنظيم 4-5 مليون ليرة، مشيراً إلى أن الكثير من المواطنين أوقفوا أعمالهم نتيجة القانون وظلمه، كما أن المالك والمستأجر يتهربان من إبرام عقد إيجار للتهرب من دفع الضرائب.
وأشار تقلا إلى تأخر إنجاز أية معاملة عقارية في إحدى دوائر المالية بنسبة 90%، فالمعاملة التي كانت تنجز بيومين، أصبحت تنجر خلال شهر، وبعد أن كان الحصول على براءة ذمة بخمس دقائق الآن تحتاج أسبوعين، وذلك بسبب عدم توفر الكهرباء وقلة المحروقات لتشغيل المولدات وعدم خبرة بعض موظفي المالية بالتعامل مع الحاسب حيث أن خطأ صغير برقم ما يعيد الإضبارة أو المعاملة إلى المرحلة الأولى في رحلة إنجازها!.
وبين بعض المراجعين أن تنفيذ أية معاملة يستلزم مراجعة المالية عشرات المرات، كما أن القادم من الريف يتكبد أجور نقل تصل حد الـخمسين ألفا، حسب بعض المواطنين ممن أشاروا إلى عدم وجود تنسيق بين الدوائر المعنية من كهرباء واتصالات، مطالبين بكتابة المعاملات يدويا لحين توفر الكهرباء.
المحامية ميساء قدور أشارت خلال حديثها لـ “البعث” أن من يتحكم بسوق العقارات هو العرض والطلب، وأن الأمر يعود لرغبة الشاري وظروف البائع، وعن دور القانون لفتت إلى أنه يجب إعادة النظر بقانون السجل العقاري وإحداث قانون يتوافق مع متطلبات العصر وإعادة النظر بقانون ضريبة البيوع العقارية لأنها مرتفعة جداً، ورأت قدور أن ارتفاع أسعار العقارات مستمر طالما هناك عدم استقرار أو ضبط لسعر الصرف.
دارين حسن