خلاف في وجهات النظر حول إقحام الغناء بالدروس التعليمية.. و”التربية” ترحب!
تتضارب وجهات النظر حول ظاهرة إقحام الغناء والترفيه في الدروس التعليمية بالمدارس ولاسيما المواد العملية واللغات، فبعض التربويين يستسيغون هذه الفكرة بغية إيصال المعلومة للطالب بطريقة سلسلة ومبسطة، مع تأكيدهم هنا على أن الغاية ليست الرقص والغناء، وإنما مشاركة الطلاب بكل تفاصيل الدرس.
ويرى مدرسون ممن يؤيدون هذه الظاهرة، أنه ليس من الضروري أن يكون المدرس جامداً وكلاسيكياً في طريقة الإعطاء وعبوساً، معتبرين أن الغناء قد يكون وسيلة جاذبة هادفة لنقل رسالة وترغيب الطلاب بالمادة، وفي هذا السياق تؤكد إحدى مدرسات الموسيقى أن استخدام الغناء لإيصال الفكرة أمر في غاية الأهمية، لكون الموسيقى لغة لكافة المستويات الذهنية والقدرات التعليمية، فالطالب الذي يحاول أن يتغيب عن درس علمي سيعدل عن رأيه عندما يرى أن مدرسه يستخدم طريقة الغناء والتسلية.
في المقابل، لم ترق هذه الفكرة لمدرسين ومختصين معتبرين أن المدارس ليست مكاناً للرقص والغناء، متهمين هؤلاء المدرسين “المتأستذين” بحفظة السطور المحدودة مما جعلهم يهربون إلى استخدام الغناء لتغطية نقصهم.
ويرى أحد المدرسين القديرين أن هؤلاء يبحثون عن طريق الشهرة “الفيس بوكية” من خلال الغناء والرقص والطلاب يصفقون لهم.
يحمّل المدرسون المعارضون للفكرة، وزارة التربية والمؤسسات التعليمية مسؤولية السماح لهذه الظواهر بالانتشار والتفشي، لاسيما أن البعض منهم أصبح له مواقع خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي وصار مطلوباً للمؤسسات التعليمية الخاصة بعد الدعاية التي حققها على صفحات التواصل بالتهريج والغناء وفق كلام مدرسين على أرض الميدان، الذين اعتبروا أن الغناء يذهب القيمة العلمية من المادة، علماً أن هناك حصصاً للموسيقى كافية للترفيه عن الطلاب، فالطالب يجب أن يبقى على مسافة من المعلم لسنه ولمهنته كائناً من كان.
أكدت الخبيرة التربوية راغدة محمود أن معظم الدراسات تشير إلى أن الأغاني تشتت العقل إن لم تكن هادفة ومن مختص، وهي ضياع للوقت في التدريب والتلحين والتكرار، كما أن الاستماع إلى الموسيقى التي تحتوي على كلمات؛ أي الأغاني العادية، يؤثر سلباً على الدماغ، وخاصة في عملية “الإبداع”؛ إذ يشغل جزءاً من الدماغ لتلقي الكلمات ويعطل عملية الإبداع لحظياً، لذا من الأفضل دائماً أن تستمع إلى الموسيقى فقط وليس الأغاني إذا أردت تحصيل أكبر قدر من التركيز والاستفادة.
وخالفت محمود رأي من يعتقد أن الغناء ضرورة في التعليم، فالغناء للترفيه، والخروج عن قواعد التعليم التقليدية يجب أن يطبق على نطاق محدود، لا أن يكون هدفاً وغاية، لأن الطلاب يختلفون في الميول وطرق التفكير لاسيما أن بعضهم لا يستطيع الإبداع والتفكير في جو صاخب ويعتقد هؤلاء أن الأغاني تفقدهم القدرة على التركيز وتطيل طريق الحصول على المعلومات الدقيقة.
في وقت دعا بعض الخبراء التربويين إلى تدخل التربية وتأطير هذا الأسلوب بحيث يكون الغناء وسيلة لكسر الروتين وليس غاية وأن تشكل فرق موسيقية بإشراف الوزارة وتدرس الأغاني قبل تقديمها، تحفظت مدير مركز تطوير المناهج، الدكتورة ناديا غزولي، على هذه الدعوة، معتبرة أن ما يقوم به بعض المدرسين اجتهاد شخصي وأسلوب يختاره المدرس من أجل إيصال الفكرة المنشودة وفهم الدرس من قبل الطلاب، علماً أن غزولي رحبت بفكرة استخدام الغناء أثناء الدرس شرط ألا يخرج عن سياقه التربوي وأن يؤدي الغاية المطلوبة بغض النظر عن الأسلوب.
وختاماً تشير دراسات إلى أن إدخال الموسيقى في المناهج ساهم في زيادة معدلات حضور الطلاب بالمدارس بنسبة 20 بالمئة، بحيث تصل كل المعلومات المعرفية الموجودة بالدرس إلى التلاميذ لمساعدتهم على الاستيعاب بعيداً عن الطريقة التقليدية، من خلال الموسيقى والمسرح.
علي حسون