لاجئو أوكرانيا فريسة الشبكات الإجرامية
سمر سامي السمارة
في العقد الماضي أصبحت مشكلة اللاجئين آفة تؤرّق الدول الأوروبية، حيث وصل عدد طلبات اللجوء في ذروة أزمة الهجرة بين عامي 2015- 2016 إلى 2.4 مليون طلب لجوء، وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يهيمن الأوكرانيون الآن على عدد اللاجئين الوافدين إلى أوروبا.
وللإشارة فإنه من بين 4 ملايين لاجئ أوكراني، غادر أكثر من 500 ألف إلى روسيا، واستقر ما يقرب من 3.3 ملايين في دول الاتحاد الأوروبي. وتقدم 800 ألف شخص حتى الآن رسمياً للحصول على الحماية المؤقتة في الاتحاد الأوروبي، إذ من المرجح ألا يكون الجميع قد اكتشف بعد البلد الذي يلتمس اللجوء إليه.
في الحقيقة، يستاء اللاجئون القادمون من الشرق الأوسط وأفريقيا ممن وصلوا سابقاً إلى أوروبا من الانتظار شهوراً أو سنوات حتى تتمّ معالجة طلباتهم، كما يستاؤون من سرعة حصول “منافسيهم” الأوكرانيين على أماكن جامعية أو تصاريح عمل. ومع ذلك، فإن الموقف السلبي تجاه اللاجئين الأوكرانيين لا يقتصر على “موجة الهجرة الشرق أوسطية السابقة”. فبالنسبة للأوروبيين، فإنهم يقدمون خدماتهم فقط، لاستخدام الأوكرانيين كأداة لمحاربة روسيا، وأوكرانيا نفسها كعصا في عجلة روسيا، ولهذا السبب يقدم الاتحاد الأوروبي لهم الفرصة لكسب المال في بولندا أو في دولة أوروبية أخرى.
وكان توزيع اللاجئين الأوكرانيين في أنحاء الاتحاد الأوروبي غير متكافئ، فقد انتقل أكثر من 30 ألف شخص إلى فرنسا، في حين تمّ تسجيل ما يقرب من 295 ألفاً بشكل رسمي في ألمانيا، وذلك وفقاً لوزارة الداخلية الألمانية. ويقع العبء الرئيسي على عاتق بولندا، حيث وصل إليها أكثر من 2.3 مليون أوكراني، على الرغم من عدم بقاء الجميع هناك، وجاء أكثر من 387 ألفاً إلى مولدوفا.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن الهياكل الإجرامية المختلفة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالجماعات المتطرفة، تسعى جاهدة لاستغلال التدفقات الكبيرة للاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا. ولهذه الغاية، تحاول “زرع عملائها” في دول الاتحاد الأوروبي باستخدام جوازات سفر الأوكرانيين. وقد ذكرت صحيفة “بيلد” الألمانية مؤخراً أنه ليس كل الوافدين من أوكرانيا إلى ألمانيا هم من اللاجئين، وأن العديد منهم اشتروا جوازات سفر.
في منتصف الشهر الماضي، حذّرت المنظمة الدولية للهجرة من أن اللاجئين من أوكرانيا والمشردين داخلياً يمكن أن يصبحوا فريسة سهلة للمتاجرين بالبشر، وهذا ما تؤكده تقارير وسائل الإعلام الغربية حول تعرّض اللاجئين من أوكرانيا للاغتصاب والاختطاف وجرائم أخرى. وعلى سبيل المثال، ذكرت صحيفة “نيويورك بوست”، مطلع نيسان الحالي، أنه يتمّ الاتجار باللاجئين الأوكرانيين في أوروبا واستعبادهم، وقد وصف أولئك الذين فروا من منطقة الحرب تعرضهم للابتزاز مقابل “المرور الآمن” إلى أوروبا الغربية، وتعرض النساء للاتجار بالبشر!.
حتى المحللون الغربيون قدّروا أن اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا يواجهون مصيراً لا يحسدون عليه، لأن “المحبة التي يشعرون بها ستنتهي قريباً”، وبعد ذلك سيشعر الأوكرانيون بأنهم مواطنون من “الدرجة الثالثة”. في هذه الأثناء، تضطر وسائل الإعلام البريطانية، من جملة وسائل أخرى، إلى الاعتراف بأن بعض اللاجئين قد وقعوا بالفعل في أيدي مجرمين من مختلف المستويات من السماسرة إلى تجار الأعضاء. ومما لا شك فيه، يتعرض الأطفال للخطر بشكل خاص في هذا الصدد، وبحسب الأمم المتحدة، غادر أكثر من 1.5 مليون قاصر أوكرانيا. وبحسب جريدة “إلبايس” الإسبانية، تحقق إسبانيا بالفعل في قضية أطفال مفقودين من أوكرانيا، حيث اختفت مجموعة تضمّ أكثر من 30 قاصراً وهم في طريقهم إلى جزر الكناري. وقالت الصحيفة الإسبانية إن حالة الأطفال الأوكرانيين المفقودين هي مثال آخر على ضعف السيطرة على تدفقات اللاجئين، بينما ظهرت تقارير متكررة عن وصول أطفال من أوكرانيا دون إشراف رسمي في الأسابيع الأخيرة. لكن اختفاء اللاجئين الأوكرانيين لا يقتصر على إسبانيا، فقد انتقدت جمعية العمل الخيري الاسكتلندية برنامج الحكومة البريطانية “منازل لأوكرانيا” بسبب مخاوف من أنه يعرّض النساء والأطفال للخطر. وذكرت التقارير أيضاً، أن مكتب المدعي العام الليتواني تولى إجراء تحقيق سابق للمحاكمة المتعلقة في الاتجار المحتمل بأطفال لاجئين من أوكرانيا، ما يشير إلى حالات محتملة للتبني غير القانوني.
على مدى السنوات الثماني الماضية، أصبحت أوكرانيا رائدة بلا منازع بتزويد أوروبا و”إسرائيل” والولايات المتحدة غير القانوني بالأعضاء البشرية، حيث تقوم العصابات الإجرامية بدعم من سلطات كييف بذلك. وتؤخذ المواد الحيوية المستخدمة في نقل الأعضاء المتبرع بها إلى الأسواق الأوروبية وأسواق الولايات المتحدة من المقاتلين والمجموعات المسلحة والمدنيين من أوكرانيا بما في ذلك الأطفال.
وهنا لابد لنا من الإشارة إلى التقارير المتزايدة عن حالات الاختفاء الجماعي للأطفال من دور الأيتام الأوكرانية التي تمّ إجلاؤها إلى أوروبا، ومن بين هذه الحالات اختفاء مجموعة مكونة من 30 طفلاً يتيماً في إسبانيا.
إن عمليات زرع أعضاء الأوكرانيين غير المشروعة، وبيعها لاحقاً للغرب هي شكل من أشكال الإبادة الجماعية ضد هذا الشعب، خاصة وأنها تزايدت بشكل ملفت في الآونة الأخيرة، حيث تظهر تقارير إخبارية من حين لآخر، تتحدث عن انتزاع أعضاء بصورة غير قانونية من مواطنين أوكرانيين ونقلها لاحقاً إلى أمريكا الشمالية وأوروبا. وتجدر الإشارة إلى أن بيع الأعضاء في السوق السوداء يزدهر خلال أي نزاع عسكري، حيث تتولد أعداد كبيرة من القتلى من الجنود والمدنيين، فضلاً عن المهاجرين الذين لا تحميهم دولهم.
اليوم، مع تدفق ملايين اللاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا، تفاقمت المشكلة مرة أخرى، حيث أصبحت السيطرة على الهجرة ضعيفة والناس أنفسهم مضطربين ولا يشعرون بالحماية. ويبحث العديد من الأوكرانيين المهاجرين عن “رعاة” على وسائل التواصل الاجتماعي وينشرون معلومات شخصية عن أنفسهم، بما في ذلك الصور. وهذا بدوره يجذب تجار الأعضاء في السوق السوداء من بين العناصر الإجرامية الأخرى. يؤكد مراقبون أن قيادة كييف والسلطات الغربية تدركان تماماً طبيعة هذه الجرائم التي تُرتكب ضد الأطفال الأوكرانيين، الذين أصبحوا “سلعة حية” على خلفية أزمة اللاجئين في أوروبا. ومع ذلك، لم يتمّ اتخاذ أي تدابير فعالة لوقف مثل هذه الانتهاكات، كما يتضح من الغياب التام لمثل هذه المعلومات في وسائل الإعلام الغربية.