صاروخان خارقان للصوت.. ورسالة ردع موحّدة
تقرير إخباري
بينما أعلن رئيس وكالة الفضاء الروسية “روس كوسموس” ديمتري روغوزين أن مؤسسته ستبدأ في تسليم صواريخ “سارمات” الباليستية إلى قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية في الخريف المقبل، بعد الانتهاء من اختبارات طيران الصاروخ المسمّى أمريكياً “الشيطان”، واصفاً هذا الصاروخ بأنه “هدية للناتو” الذي يعمل على استفزاز روسيا ومحاصرتها انطلاقاً من حدودها البرية الغربية والجنوبية، قامت بكين هي الأخرى للمرة الأولى بعرض صاروخ YJ-21 الأسرع من الصوت الجديد والمضاد للسفن، وهو قادر على ضرب مجموعة كاملة من حاملات الطائرات، وذلك قبيل الذكرى الـ73 لتأسيس الجيش الصيني، الأمر الذي عدّه الخبراء العسكريون بمنزلة إشارة إلى جاهزية الردع الاستراتيجي الصيني للسفن الأمريكية في منطقة مضيق تايوان، ورسالة ردع إلى حلف “أوكوس” الذي أنشأته واشنطن في المنطقة لاستفزاز الصين وحصارها بحرياً، حيث تم إطلاقه من أكبر وأحدث مدمّرة صاروخية صينية.
رسالتان بالنار في أقل من يومين يتم إرسالهما من الحليفين روسيا والصين باتجاه الغرب الذي يعمل على تطويق الطرفين ومنعهما من الخروج إلى الفضاء العالمي والتأثير فيه، مفادهما أن النظام العالمي الجديد قادم لا محالة وأن الهيمنة الغربية على العالم ستنتهي شاء هذا الغرب أم أبى، وأن النظام العالمي السابق الأحادي القطب سيتحوّل إلى عالم متعدّد الأقطاب، وإن لم يتم ذلك بقبول الغرب به بشكل ودّي فإنه لا بدّ من فرضه بالقوة إن تطلّب الأمر ذلك، وذلك أن الغرب يحاول دائماً استعراض قوته العسكرية لإرهاب الطرفين ومنعهما من تغيير واقع هذا النظام المتآكل إلى نظام متعدّد الأقطاب يكون أكثر تناسباً مع الواقع العالمي الجديد الذي ظهرت فيه مجموعة من القوى الصاعدة يجب أخذها بعين الاعتبار عند صياغة أيّ معادلات استراتيجية جديدة في هذا العالم.
ولتأكيد حالة التضامن التي يعيشها البلدان في مواجهة مؤامرات الغرب، صرّح مسؤول رفيع في الخارجية الروسية بأن الغرب يستخدم في تايوان الأساليب نفسها التي يستخدمها في أوكرانيا، ويضخّ الأسلحة إلى الجزيرة.
وقال مدير قسم شؤون آسيا بالخارجية الروسية غيورغي زينوفييف في جلسة اللجنة النيابية الخاصة بالعلاقات مع الصين في مجلس الدوما الروسي، يوم الأربعاء: إن “ما حدث في أوكرانيا يشبه، من ناحية الأساليب، ما تقوم به الولايات المتحدة في تايوان”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة “تضخ الأسلحة فيها. وهذا ما كان يحدث في أوكرانيا”.
وأضاف: إن “هناك تشابهاً واضحاً بين أساليب عمل الغرب في استخدام تايوان ضد الصين واستخدام أوكرانيا ضد روسيا، على الرغم من وجود بعض الخصائص من ناحية القانون الدولي”.
بالمقابل، أكد السفير الصيني لدى روسيا تشانج هانهوي أن الصين ستعمل على تطوير علاقاتها مع روسيا بغض النظر عن حالة علاقات موسكو مع الدول الأخرى.
وقال هانهوي في اجتماع في مجلس الدوما الروسي: “سنطوّر العلاقات مع روسيا بشكل ديناميكي على أساس المنفعة المتبادلة والأمد الطويل، بغض النظر عن حالة علاقات روسيا مع الدول الأخرى. هذه هي عزيمتنا الراسخة واستراتيجيتنا الطويلة المدى”.
وحسب السفير، فإن العلاقات بين روسيا والصين في “نقطة انطلاق جديدة”، ولا يعتمد مستقبل البلدين فحسب على تطوير التعاون بين موسكو وبكين، بل مستقبل البشرية جمعاء.
وتابع: “روسيا كانت وستظل قوة عظمى ولاعباً رئيسياً في السياسة العالمية، وأي محاولة لتهميش روسيا لن تتحقق. نحن مستعدون مع موسكو لبذل جهود مشتركة للحفاظ على السلام العالمي، وضمان العدالة، وتشكيل عالم متعدد الأقطاب لكي يعيش أحفادنا بفخر”.
وكان وزير الدفاع الصيني وي فنغ خه طلب من نظيره الأمريكي لويد أوستن، “التوقف عن الاستخفاف بعزيمة الصين وقدرتها”، محذّراً من أنه “إذا تم حل قضية تايوان بطريقة غير مقبولة، فسيكون لها تأثير مدمّر على العلاقات الصينية الأمريكية”.
إذن، هناك نظام عالمي متعدّد الأقطاب في طور التشكل تقوده روسيا والصين، في مواجهة عالم أحاديّ القطبية تقوده واشنطن وحلفاؤها الغربيون، وهذا المخاض إن لم ينتهِ بانتصار التعدّدية القطبية بشكل طبيعي وتلقائي، فإن كل القوى التي ستحاول إعاقتها سيتم التعامل معها بالقوة، وهذا بالضبط مضمون رسالة كل من البلدين للغرب.