حجم الصّراخ في ماريوبول يتناسب مع نوعية الفريسة
تقرير إخباري
لا تزال بعض الدول الغربية تبذل جهوداً استثنائية في سبيل إنقاذ ما تبقّى من المسلّحين المتحصّنين في مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول، وتصرّ على الحصول من موسكو على ممرّ آمنٍ لهؤلاء دون المرور على الأمن الروسي، وذلك تحت ستار إنساني مصطنع كالعادة.
وقد رجّحت دبلوماسية أمريكية بارزة أن دولاً أعضاء في حلف “ناتو” قد تشارك في إجلاء المدنيين والعسكريين الجرحى من مدينة ماريوبول الأوكرانية الخاضعة بالكامل تقريباً لسيطرة الجيش الروسي.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، في حديث إلى شبكة CNN: إن هناك “بعض الآمال” في أن توفر روسيا “ممراً آمناً لانسحاب المدنيين والعسكريين الجرحى من ماريوبول”.
ورجّحت أنه “قد يكون هناك حلفاء من ناتو منخرطون في هذه العملية إذا حصل ذلك”.
في الوقت نفسه، زعمت نولاند بأن اتفاقاً من هذا النوع “سبق أن انهار عدة مرات”، مشيرة إلى أن الجانب الروسي هو الذي يعود إليه قرار توفير الممر الآمن من عدمه.
وحمّلت الدبلوماسية الأمريكية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “المسؤولية” عن “ارتكاب جرائم حرب”، مضيفة: إن حصار ماريوبول “يظهر قساوة هذه الحرب”.
ولم تكشف نولاند ماهية دول ناتو التي قد تشارك في عملية الإجلاء المحتملة من ماريوبول.
ويأتي ذلك في وقت تحاول فيه قوات روسيا وجمهورية دونيتسك الشعبية تطهير مصنع الصلب “آزوفستال”، آخر معقل للقوات الموالية لحكومة كييف في ماريوبول.
وأعلنت روسيا غير مرة في الأيام الأخيرة عن فتحها ممرات إنسانية بغية منح العسكريين الأوكرانيين المحاصرين في “آزوفستال” فرصة الاستسلام وإنقاذ أرواحهم، غير أن هؤلاء لا يزالون يتحصّنون داخل المصنع.
ولكن من جهة ثانية، فإن “آزوفستال” الذي تم تدشينه عام 1930 هو بمنزلة قلعة خرسانية عملاقة تمتد على مساحة نحو 12 كلم بين نهر كالميوس وبحر آزوف وتملك ميناء شحن خاصاً بها ومنظومة مركّبة من المرافق تحت الأرضية.
وبين هذه المرافق طابق سفلي ضخم وشبكة أنفاق تربط بين مختلف أجزاء المصنع وملجأ تحت أرضي على عمق 10 أمتار تحت الأرض، وهذا ما يجعل من “آزوفستال” حصناً ممتازاً يمكن للقوات الأوكرانية المحاصرة هناك أن تقاوم فيه القوات الروسية لفترة طويلة.
وبالتالي يظهر من حديث نولاند أنها تبذل قصارى جهدها في سبيل ابتزاز الرئيس الروسي، معتقدة أنها تستطيع بهذا الأسلوب دفعه إلى تأمين خروج آمنٍ لهؤلاء المرتزقة دون البحث في هوياتهم التي ستكشف غالباً أن استخبارات دول “ناتو” كانت تدير المعارك في هذه المدينة، وأن إصرار بعض الدول على المشاركة في عملية إجلاء محتملة لهؤلاء هو أكبر دليل على تورّطها في ذلك، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية، ربما يكون هذا الابتزاز محاولة رخيصة لدفع الرئيس الروسي إلى اتخاذ قرار باقتحام المصنع وتحويله إلى بؤرة لاستنزاف القوات الروسية المهاجمة وزيادة خسائرها وهذا ما دفع بوتين صراحة إلى الاكتفاء بمحاصرته دون اقتحامه، وذلك أنه ساقط عسكرياً ومسألة استسلام من يتحصّن بداخله مسألة وقت فقط.
طلال ياسر الزعبي