إضاءة على مهزلة حقوق الإنسان في أمريكا
هناء شروف
لم تعد الولايات المتحدة نموذجاً يُحتذى به في مجال حقوق الإنسان يجب أن تحذو حذوه الدول الأخرى. فقد قالت المحللة السياسية الفلبينية آنا روزاريو ماليندوغ- أوي في مقال نُشر في 17 نيسان الحالي إن أمريكا أكثر دولة مدانة، إن لم تكن أكثر الأطراف جرأة ووقاحة، في المجتمع الدولي بمجال حقوق الإنسان.
وبحسب المقال فإن الولايات المتحدة باتت معروفة بنفاقها في إلقاء المحاضرات والسخرية العلنية عن أوجه القصور في مجال حقوق الإنسان في الدول الأخرى، وكأنها تتمتّع بالتفوق الأخلاقي في هذا الشأن.
وأشارت الكاتبة إلى أنه على الرغم من مزاعم الولايات المتحدة بأنها بطلة حقوق الإنسان، إلا أنها فشلت في التصديق على وثائق حقوق الإنسان المهمّة. والصحيح أن الولايات المتحدة هي القوة العالمية الكبرى الوحيدة التي فشلت في التصديق الكامل أو الالتزام بأي من صكوك حقوق الإنسان المهمّة التي قدمتها الأمم المتحدة أو غيرها من حقوق الإنسان إلى هيئاتها، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في المقابل تتسرع الولايات المتحدة في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان خارج حدودها، لكن سجلها في مجال حقوق الإنسان هو بالتأكيد بعيد كل البعد عن المثالية، وفي بعض الحالات لا يُصدّق!.
ذكرت آنا أن أمريكا هي الدولة التي يوجد فيها أكبر عدد من حالات وحشية الشرطة (بين عامي 2013 و2021 قتلت الشرطة الأمريكية أكثر من 9000 شخص دون احتساب حوادث ما بعد أيار 2022. وفي عام 2021 وحده توفي ما لا يقلّ عن 1124 شخصاً بسبب وحشية الشرطة في الولايات المتحدة، وكان معظم الضحايا قد ماتوا بسبب ارتكاب جرائم غير عنيفة أو لم ترتكب أي جريمة على الإطلاق).
وأشارت آنا إلى أن وضع الأمن العام في الولايات المتحدة قد تدهور، فقد ارتفعت الجرائم والحوادث المتعلقة بالعنف باستخدام الأسلحة النارية في السنوات الأخيرة. وفي عام 2022 شهدت الولايات المتحدة مقتل أو إصابة 21 ألف شخص، بسبب العنف المسلح، من بينها أكثر من 14 ألف حادث إطلاق نار طفيف، بينما كان أكثر من 130 حادث إطلاق نار جماعي.
على الصعيد الخارجي، تسبّبت الحرب التي تشنها الولايات المتحدة في دول مثل أفغانستان والعراق وسورية وحدها بالفعل في تحول أكثر من 20 مليون شخص إما إلى لاجئين أو مهاجرين. ومن ثم، فإن الولايات المتحدة بعيدة عن أن تكون مستقيمة بالنظر إلى سجلها الصارخ والمؤلم في مجال حقوق الإنسان داخل حدودها وخارجها، كما قالت آنا.
إن قيام أمريكا بإلقاء المحاضرات على العالم حول حقوق الإنسان هو مهزلة، لأنها لا تمتلك الهيمنة الأخلاقية والنزاهة نظراً لسجلها القاتم في مجال حقوق الإنسان. وبدلاً من تعليم الدول الأخرى عن أوجه قصورها في مجال حقوق الإنسان ربما تحتاج الولايات المتحدة إلى بعض التأمل الذاتي، ويجب أن تعالج أولاً حالة حقوق الإنسان فيها.