الانتخابات التشريعية تنتظر ماكرون الفائز بولاية ثانية
هيفاء علي
فاز إيمانويل ماكرون، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بحصوله على 58.2 بالمئة من الأصوات مقابل 41.8 لمنافسته زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبن، وبالتالي أعيد انتخاب ماكرون (44 عاماً) لولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات، ليكون أول رئيس فرنسي يُعاد انتخابه لولاية ثانية خلال 20 عاماً، أي منذ إعادة انتخاب جاك شيراك عام 2002.
جاء هذا الفوز وفق توقعات استطلاعات الرأي التي أجمعت على أن ماكرون هو الأوفر حظاً، لكن رغم ذلك وعقب فوزه أقرّ بعدم رضاه عن فترته الأولى، وقال إنه سيسعى للتغيير، وأنه لم يعد مرشح معسكر واحد بل هو رئيس للجميع. أما مارين لوبن فقد أقرّت بالهزيمة للمرة الثانية على التوالي أمام منافسها ماكرون، وأشارت في خطاب الاعتراف بالهزيمة إلى أن النتيجة التي حصلت عليها تضع حزبها في وضعية جيدة تسمح لها بالفوز بعدة مقاعد في الجمعية الوطنية في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وعلى الرغم من أن اليمين المتطرف لم يكن قريباً جداً من الفوز، فقد وصل معدل الامتناع عن التصويت إلى مستوى مرتفع 28،2%، وهو رقم قياسي نسبياً منذ العام 2002، وهذا دليل على أن ثقة بعض الناخبين بالساسة الفرنسيين باتت معدومة.
بعد هذا الفوز، من المفترض أن يعلن ماكرون قريباً عن تعيين رئيس الوزراء الجديد، وهنا مكمن الاستحقاقات القادمة، إذ بعد فوزه وإعادة انتخابه، ستبدأ المعركة التشريعية، فهل سيتمكّن من الحصول على الأغلبية فيها؟.
منذ العمل بولاية الخمس سنوات في عام 2002، يأتي تعيين 577 نائباً بعد انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة. وأمام المتنافسين مهلة حتى 2 أيار القادم لإضفاء الطابع الرسمي على ترشيحهم في المحافظة. وستبدأ الحملة الرسمية بعد ذلك يوم 30 أيار القادم وستُجرى الجولتان الأولى والثانية من الانتخابات يومي 12 و19 حزيران على التوالي. فما هي الدروس التي يتعيّن على ماكرون تعلمها من هذه الانتخابات، ومن النسبة المرتفعة للممتنعين عن المشاركة فيها والتي تعتبر برأي مراقبين ضرورية للرئيس المعاد انتخابه؟ بحسب هؤلاء المراقبين، سيتعيّن عليه أولاً وقبل كل شيء محاولة توحيد فرنسا المنقسمة على المستوى الاجتماعي والإقليمي وعلى صعيد الأجيال، لأنه منذ هذا التاريخ 24 نيسان 2022، يعمل اليمين المتطرف على زيادة تعزيز وجوده بين الطبقات العاملة، وفي المناطق الريفية في فرنسا، والأقاليم التي تعتبر مناطق منسية.
وبالنسبة للعديد من السياسيين من جميع التيارات، فإن فوز ماكرون لن يؤدي إلا إلى تأجيل الموعد النهائي خمس سنوات أخرى والذي سيأتي بعده فوز مارين لوبن، أو مرشح شعبوي آخر في الانتخابات الرئاسية. وما يؤكد ذلك أن لوبن وعدت الشعب بإجراء استفتاءات دائمة. لذلك يتعيّن على ماكرون ابتكار طرق منتظمة للاستشارة وإشراك الفرنسيين في استفتاءات حول الموضوعات الرئيسية. في الوقت نفسه، يجب إعادة تقييم دور البرلمان من خلال المرور بجرعة من التناسب، ما يسمح للمطالبة بالحقوق التي يتمّ التعبير عنها في صناديق الاقتراع بأن يتمّ تنفيذها داخل البلد. وقد أعلن ماكرون أنه سيعهد بهذه المهمة إلى لجنة مشتركة بين الأحزاب، وتغيير طريقة الحكم، ذلك أن ماكرون يعرف أنه سيتعيّن عليه تغيير طريقته في الحكم، مع المخاطرة بوضع جزء من البلاد في الشارع. لذلك سيكون من الضروري التشاور والتفاوض، وفيما بعد ستكشف الأيام ما إذا كان سيتبع النوايا بالتأثير، مع الإعلان عن إصلاح نظام التقاعد. بمعنى أن تغيير الحكم أيضاً سيراعي تطلعات الناخبين الذين لم يصوّتوا له أو تجنّبوا الجولة الثانية، وعلى وجه الخصوص أنصار مارين لوبن الذين يطالبون برفع القوة الشرائية، أو أنصار ميلانشون الذين ينتظرون تغييراً في علم البيئة.
يُذكر أن ماكرون كان قد واجه خلال ولايته الأولى عدة أزمات من عاصفة “السترات الصفراء”، إلى انعكاسات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وأخيراً تداعيات وباء فيروس كورونا.