موسم تحت المتابعة والترقب..!.
حسن النابلسي
نستهجن، حقيقة، سهولة تأمين تغذية كهربائية لأشباه معامل تنتج “شيبس وعلكة”، ولأخرى أقل شأناً تختص بـ “تغليف القهوة” و”تعبئة السكر والرز”، مقابل صعوبة – وربما استحالة – تأمين مثل هذه التغذية لري محصول القمح في وقت تدق فيه المنظمات الدولية ناقوس أزمة غذاء عالمية تضع دول العالم على محك اجتراح حلول تأمين ما أمكن من كفاف العيش ..!.
ولا يمكن الجزم – حتى هذه اللحظة على الأقل – بأن موسم القمح لهذا العام مبشر، لكن يمكن الجزم بأن الحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، لجهة عدم التزامها بتأمين “التغذية الكهربائية والمازوت” لزوم الري، لاسيما وأن موجة الحر الأخيرة كان لها أثرها الواضح على المحصول الذي بدأ لونه يميل نحو الاصفرار بسبب انعدام الأمطار وتأمين الحاجة لرية لا غنى عنها في هذه الفترة بالذات..!
لا يمكن الجزم بالأثر الإيجابي للقرارات الحكومية المتعلقة بالدعم على واقع القطاع الزراعي، لكن يمكن الجزم بأن الحكومة لا تتعاطى أبداً بالجدية المطلوبة مع الواقع المأساوي للفلاح الذي يشكل بمنتجاته العصب الحقيقي للإنتاج، ولكنه لم – وربما لن – يدخل سلم أولوياتها.!.
يخشى أن يتكرر سيناريو “عام القمح” الفاشل مجدداً، وأن نكون أبعد ما يكون عن هذا الشعار، والسبب بكل بساطة تلكؤ وزارات الزراعة والنفط والكهرباء في تأمين ما يلزم من حوامل الطاقة للوصول بمحصول القمح إلى بر الأمان..!
ففي الوقت الذي تم فيه تأمين خط ذهبي معفى من التقنين لـ “صناعيين” لا يتعدى إنتاجهم التغليف والتوضيب، تم تجاهل الفلاحين والنأي بالنفس عنهم وعن مطالبهم التي نعتقد أنها أكثر أولوية، نظراً لعلاقة هذه المطالب المباشرة بالأمن الغذائي أولاً، ولصدق معاناة الفلاحين التي لا يمكن مقارنتها بأية معاناة أخرى متوهمة، وتدني احتمالات الفساد لديهم مقارنة بمن يتقنون إبرام الصفقات من تحت الطاولة ثالثاً..!
في واقع مليء بالتحديات الاقتصادية وتقهقر الإمكانيات وتراجع الموارد، وتراجع الإنتاج، واضمحلال الصناعة الحقيقية، تبقى الزراعة هي الخيار الأمثل والسبيل الأوحد للإنتاج الحقيقي وضمان الاعتماد على الذات.. فإذا كانت الزراعة خارج اهتمامات الحكومة، فستبقى ضمن اهتمامات الفلاح، خاصة من لم يسبق له أن هجر أرضه.. وعليه نعوّل..!
hasanla@yahoo.com