رؤى اقتصادية نقابية تكشف آثار الواقع الاقتصادي على البنية الإنتاجية
دمشق- بشير فرزان
كشف طلال عليوي أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال أن التقرير الاقتصادي للمجلس العام يشير إلى محدودية قدرات الجهات الحكومية على مواجهة التحديات الاقتصادية وغيرها من خلال التوسع بالإنفاق الحكومي بشقيه الجاري والاستثماري، بسبب ظروف الحرب والحصار وضعف الإيرادات وتفاقم عجز الموازنة، حيث تقلّص الصرف على المشاريع ذات الطابع الإنتاجي الفوري والاستثماري المستقبلي وعلى الإنفاق الاستهلاكي، وعلى الخدمات العامة ذات الطابع الجماعي والاجتماعي، الأمر الذي أثر وسيؤثر سلباً على الطاقة الإنتاجية الحالية والمستقبلية للقطاع العام من جهة وعلى المواطن والجانب الاجتماعي لعملية التنمية من جهة أخرى، وهو الأمر نفسه الذي سينعكس سلباً على البنية الإنتاجية وسيتسبّب بالضرر الكمي والنوعي لقوة العمل الحالية والمستقبلية.
وبيّن عليوي أن الحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة أضرت على وجه الخصوص بقطاعات المال والتجارة الخارجية والنقل والنفط والصناعة التحويلية، ما تسبّب إضافةً إلى الآثار السلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات وقيمة العملة الوطنية، بمزيد من الصعوبات في مجال استيراد السلع الأساسية والضرورية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الشحن ورسوم التأمين ونسب العمولات وتكاليف تحويل الأموال.
وأشار عليوي إلى أن الفجوة الكبيرة بين دخل الفرد وإنفاقه أدّت إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية (فقر – فساد – قتل – سرقة – خطف – تسوّل – عمالة أطفال.. وغيرها)، الأمر الذي يشكل تحدياً جوهرياً أمام الحكومة في عملية الإصلاح الاجتماعي الذي ستكون تكلفته أعلى بأضعاف مضاعفة أمام تكلفة الإصلاح الاقتصادي المطلوب في يومنا هذا. وأضاف أنه انطلاقاً من رؤية الاتحاد العام لنقابات العمال فإن هذا الواقع يحتاج إلى معالجة بشكل إسعافي من خلال زيادة الرواتب والأجور بالارتباط مع زيادة الإنتاجية بمعدل (100%) من الراتب الشهري المقطوع ورفع الحدّ الأدنى المعفى من ضريبة الرواتب والأجور إلى 100.000 ليرة وتعديل التعويض العائلي من مبالغ ثابتة إلى نسب من الراتب المقطوع 15% لزوجة واحدة – 10% للولد الأول – 8% للولد الثاني – 5% للولد الثالث والرابع، إلى جانب تعديل التعويضات الثابتة والصادرة بناءً على قرارات وزارة المالية بما يتناسب مع الوضع الحالي (تعويض المسؤولية – تعويض التمثيل – تعويض مجالس الإدارات) وربطها بالراتب أو الأجر الشهري المقطوع بتاريخ أداء العمل.
ومن بين الإجراءات التي أكد عليها أمين الشؤون الاقتصادية تحت عنوان إسعافي إعادة النظر في أسعار الأدوية نظراً لارتفاعها بشكل كبير، ووجود أكثر من سعر للدواء نتيجة عدم المراقبة من الجهات المختصة وتأمين الأدوية الضرورية، ووضع حد لعربدة أصحاب مصانع الدواء بسبب تعنتهم عن رفد السوق بالأدوية المطلوبة رغم رفع الأسعار مرات متعددة، وضرورة إعادة النظر بقيمة أقساط السكن العمالي كونها تفوق استطاعة العامل، والأخذ باقتراحات اللجنة المشكلة لهذا الموضوع في وزارة الأشغال العامة والإسكان، وضبط أسعار السلع والخدمات كونها تتضمن هوامش ربح مبالغ فيها، وذلك بالتنسيق بين كافة الجهات المعنية بذلك والعودة إلى سياسة التسعير الجبري في ظل الظروف الحالية باعتبار أن كلّ الإجراءات الهادفة إلى ضبط الأسواق لم تعطِ أي نتيجة كما لابد من ممارسة مؤسسات التدخل الإيجابي لدورها الذي أحدثت من أجله، وذلك بشراء المنتجات الزراعية من المزارع مباشرة بسعر يضمن له تغطية تكاليف الإنتاج الزراعي وتحقيق دخل مناسب للمزارع وتسويق هذه المنتجات بهامش ربح مناسب لهذه المؤسسات، وبشكل عام تنشيط تجارة التجزئة الحكومية والتعاونية ووضع سياسة سعرية صارمة لضبط السوق الداخلية بشكل فعّال، ومعالجة كافة المشكلات المتعلقة بموضوع الضمان الصحي (تسعيرة الأطباء – تسعيرة العمليات الجراحية– تسعيرة أجور خدمات المشافي– دور شركات التأمين الصحي).
وطرح عليوي قضية الدعم العاجل والفوري للمؤسسات العامة، وخاصة الصناعية والإنتاجية، وتلك العاملة في مجال التجارتين الداخلية والخارجية لتمكينها من ممارسة مهامها ولو بالحدود الممكنة، وإيجاد حلول مستدامة لمسألة ندرة المشتقات النفطية من خلال مشاركة القطاع الخاص باستيرادها للمساهمة في دوران عجلة الإنتاج وكل ما يتعلق بحياة المواطن من خلال توفير المادة. ومعالجة مشكلة احتكار القلة لأسواق أهم المواد والسلع الأساسية والغذائية والعلفية ومواد البناء، وتشديد الرقابة على الأسعار في الأسواق، بما في ذلك أقساط التعليم الخاص والمعاينات والمعالجات الطبية والأدوية ولجم ممارسات الفساد التي راحت تتسع مستغلة ظروف الأزمة.
ودعا عليوي إلى تأكيد ثوابت الحماية الاجتماعية واستمرار تقديم القطاعات الاجتماعية لخدماتها في مجال التعليم والصحة والخدمات العامة بأسعار رمزية لا تعكس التكلفة الفعلية للخدمة، وهذا مبدأ مهم تجاه تعهد الدولة بالشأن الاجتماعي وخاصة ما يتعلق بموضوع التعليم والصحة، وباقي الخدمات الاجتماعية على وجه العموم، وتوسيع الإحاطة لقانون الضمان الاجتماعي ليشمل الفئات الاجتماعية المختلفة والمهن الهامشية في القطاع الاقتصادي غير المنظم.