رأيصحيفة البعث

“برنامج إنهاك روسيا”.. دليل الحرب العالمية الثالثة!!

أحمد حسن

يوماً ما قال آينشتاين: “لا أعلم ما هي أنواع الأسلحة التي ستُستخدم في الحرب العالمية الثالثة لكنني أعلم أن البشرية ستستخدم في الحرب التي تليها الحجارة والعصي”.

قبله بزمن طويل “اكتشف” مؤرخ وفيلسوف إغريقي ما أصبح يعرف باسم “فخ ثيوسيديس” ومفاده أن الصراع الكبير بين الدول يصبح حتمياً حين تشعر القوة الصاعدة بفائض قوتها، لدرجة أنها تقرر رفض حالة “أن تعاني كما يجب” فتنتفض في وجه “قوة مسيطرة تفعل ما تريد” وفق مقولة أخرى للمؤرخ ذاته، “بدهية ثيوسيديس”، وتلك هي حالة الصين وروسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية في عالم اليوم.

بتطبيق ذلك على واقعنا، يمكن القول إن الحرب العالمية الثالثة بدأت، وإن بالوكالة، وعلى أراضي أوكرانيا، الضحية الأولى لها. والغرب بأسره يقول ذلك ضمناً، ويكاد يعلنها. والروس يتحدثون يومياً عن ذلك أيضاً، وإن بصيغة التحذير من “خطر جسيم وفعلي ولا يمكن الاستهانة به” لاندلاع الحرب، بحسب كلمات وزير الخارجية سيرغي لافروف… والأهداف واضحة للطرفين ولبقية أنحاء العالم أيضاً، طبعاً باستثناء من ينظرون إلى معركة أوكرانيا كصراع “بين الخير والشر!!”: واشنطن تحاول الحفاظ على “ستاتيكو” ما بعد الحرب الباردة، أي عالم تقوده وحدها، وذلك لا ولن يدوم إلا بإخافة الحلفاء وإرباكهم، وتحييد المنافسين وإضعافهم وتقسيمهم، وحتى تدميرهم. خطتها “بسيطة” وتتكون من شقين، الأول “إنهاك روسيا” وقد أصبح ذلك برنامجاً رسمياً وعلنياً، تبناه الاجتماع الأمني الذي عُقِد منذ أيام قليلة في قاعدة “رامشتاين” الجوية في ألمانيا، وجمع إلى واشنطن، 40 عاصمة حليفة لها، “لتنظيم إحدى أضخم عمليات تدفُّق السلاح نحو أوكرانيا”، قبل الاجتماع حصل كل ما يمكن حصوله: شيطنة الروس، ترهيب أوروبا منهم، تقديم إغراءات للبعض، هنا يمكن الحديث عن وعد بولندا بمناطق غرب أوكرانيا، والتي تعتبرها وارسو من ممتلكاتها التاريخية، وبالتالي محاصرة روسيا أكثر، أما الشق الثاني فيتعلق بمحاصرة الصين بمحيطها ومشاكله.

موسكو لن تقبل بعد الآن بـ “قواعد” النظام العالمي التي فرضتها واشنطن، وهي تريد تغييرها .. بكين تريد ذلك أيضاً، ولكن عبر الاقتصاد، واشنطن تقرأ ذلك. وحتى الآن الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب تقليدية، وإن كانت من الجيل الأحدث والأكثر تطوراً. روسيا تستخدم فخر صناعاتها العسكرية، وإن كانت لاتزال تخبئ بعضها للقادم من الأيام. الغرب يزود أوكرانيا بفخر صناعاته أيضاً – وإن كان بقدر محسوب أمريكياً يسمح لها بالصمود لكن ليس بكسب الحرب الآن – فما زالت هناك خطوات عدة في “برنامج إنهاك روسيا”، و”كييف” ليست إلا البداية.

موسكو لن تقبل الهزيمة، ولا الحلول الوسط حتى الآن، رفضها وساطة “غوتيريش” دليل.. واشنطن وإضافة إلى عدم قدرتها على تحمل خسارة أوكرانيا كاملة – جغرافيا وليس “بشراً” فهؤلاء لا يعنونها إلا بقدر فائدتهم إعلامياً – لن تقبل الهزيمة، وبالتالي الانحدار، بسهولة، وكما أثارت “الإمبراطورية” في صعودها – على الجماجم – غباراً وزوابع، فهي تثير، وستثير، في انحدارها – وعلى الجماجم أيضاً – براكين وزلازل. بركان أوكرانيا اشتعل ولن يخمد في وقت قريب. بركان تايوان ينتظر القشة المناسبة في التوقيت المناسب من البنتاغون، وبالطبع ستكون هناك براكين أخرى أيضاً.

الحرب طويلة، وستمر، ككل حرب، بمنعطفات وصواعد ونوازل، وككل حرب ستشهد خطوات ناقصة أو استفزازية أو يائسة. بوتين قال يوماً ما معناه إن عالماً دون روسيا لا داع له. واشنطن استخدمت النووي ضد اليابان لتثبيت هيمنتها النهائية والكاملة حينها، فلما لا تستخدمه لإنقاذ وجودها الامبراطوري ذاته، هنا يصبح النووي، ولو التكتيكي منه، خطراً داهماً.. من سيعيش بعده هو فقط من سيعرف معنى الحرب بالعصي والحجارة.