أخبارصحيفة البعث

توريد الغاز الروسي إلى أوروبا.. بين الضغوط السياسية واحتياج الدول

البعث – تقارير:

على الرغم من أن روسيا اتخذت قراراها النهائي بشأن توريد الغاز والنفط الروسيان إلى أوروبا بعملتها الوطنية “الروبل”، إلا أن الدول الأوروبية ماتزال تكابر وترفض العمل وفق الآلية الجديدة، وتسعى من خلال الاجتماعات الطارئة إلى محاولة فرض أمر واقع يمنع هذا الإجراء الروسي، حيث يعقد اليوم وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين اجتماعاً طارئاً لمناقشه السبل بتسديد سعر الغاز لموسكو والاتفاق على آلية واضحة التي تسمح للشركات الأوروبية باستجرار الغاز الروسي دون خرق العقوبات التي سجلتها بروكسل بحق موسكو.

وفي الوقت الذي حسمت فيه بعض الدول الأوروبية قرارها النهائي بشأن الاعتماد على الغاز الروسي ورفضها المطلق لفرض عقوبات عليه كما صرحت هنغاريا، والتي أكد المتحدث باسم حكومتها زولتان كوفاكس في رد بالبريد الإلكتروني على أسئلة لرويترز “إن موقف البلاد بشأن أي حظر للنفط والغاز لم يتغير.. نحن لا نؤيده، مؤكداً أن بلاده ملتزمة بعقود الغاز الموقعة مع روسيا مشيراً إلى أن دفع ثمن الغاز بالروبل لن يمثل انتهاكاً للعقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو.

طبعاً، موقف هنغاريا العلني والواضح في شراء الغاز الروسي بالروبل وفق الخطة التي طرحتها موسكو عبر افتتاح حساب بنكي في بنك غاز بروم الخاص وتحويل ثمن المدفوعات من يورو إلى الروبل، لاقاً قبولاً لدى بعض الدول الأخرى ولكن من تحت الطاولة حيث لم تعلن عن خطواتها كما فعلت هنغاريا، بل اكتفت بافتتاح حسابات في البنك الروسي دون الإعلان عنه، وهذا ما كشفه مكتب رئاسة الوزراء الهنغارية أن تسع دول أوروبية فتحت بشكل غير معلن حسابات في البنك الروسي لدفع ثمن الغاز الطبيعي بالروبل.

ولكن الأخطر في كل عملية بيع وتسديد الغاز الروسي هو الضغوط السياسية التي تمارس على ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، والتي تعتمد بشكل كبير جداً على الغاز وحوامل الطاقة الروسية، والتي أعلنت  في شباط الماضي عزمها تقليل الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية في المستقبل المنظور وإمكانية إنهاء الاعتماد على الغاز الروسي بحلول منتصف عام 2024، حيث لا يمر يوم إلا ويخرج تصريح سياسي من بريطانيا او أوكرانيا ينتقد فيه موقف برلين، ويدعوها إلى الموافقة العاجلة على حظر الغاز الروسي ومنع استيراده نهائياً. وفي هذا السياق، دعا وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا السلطات الألمانية إلى التصرف بشكل “أكثر حسما” في “مساعدة بلاده” و”اتخاذ القرارات” بشأن عقوبات جديدة ضد روسيا، واصفاً برلين بأنها “واحدة من أكثر دول الاتحاد الأوروبي ترددا” فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالوضع حول أوكرانيا.. في المقابل وفي ضوء الضغط الكبير الذي يمارس على برلين وقعت أكثر من 110 ألاف ألماني عريضة وتم إرسالها إلى المستشار رالف شولترس تدعوه فيه إلى الحفاظ على التعاون مع موسكو لأنه في حال الرضوخ للإملاءات الخارجية فإن الشعب الألماني هو الذي سيعاني وسيؤثر على ريادة ألمانيا لأوروبا.

في حين كان توصيف عضو مجلس الاتحاد الروسي السيناتور أليكسي بوشكوف برفض ألمانيا توريدات الغاز من روسيا خلال عامي 2022 و2023 بـ “الأمر الجنوني”. مؤكداً أن النهج الذي أعلنت عنه برلين لرفض الغاز من روسيا في عام 2024 يبدو اليوم فكرة “طوباوية غير واقعية”، مضيفاً “فيما يتعلق بعام 2022 – 2023 فإن مثل هذا الرفض سيكون جنوناً من ألمانيا”.

وهذا ما أكده خبراء اقتصاديون: إن ارتفاع أسعار الطاقة، والحظر المحتمل على استيراد الوقود من روسيا، يهددان ألمانيا بالركود، فيما قالت مجلة “دير شبيغل” الألمانية إنه سيتعين على الاتحاد الأوروبي إيقاف عجلة الصناعة إذا جرى التخلي عن الغاز الروسي.