ما أولوية المواطن؟
علي عبود
لولا منحة السيد الرئيس بشار الأسد لمرّ عيد الفطر كئيبا وثقيلا على ملايين المتقاعدين والعاملين بأجر!
ولا نبالغ في القول إن المنحة مع راتب الشهر وفرت لملايين الأسر الحد المعقول من مستلزمات العيد، كاللحوم والحلويات، لأن أغلب الأسر لديها إثنان يعملان بأجر قبضا المنحة!
وكان السؤال المؤرق لملايين العاملين: كيف سنستقبل العيد بأسعار كاوية وجيوب خاوية؟
لقد عانت ملايين الأسر السورية الأمرّين في شهر رمضان، فلولا المساعدات التي تأتيها على شكل حوالات دولارية من المغتربين، أو على شكل سلع زراعية من أقاربها في الريف، لما حضر على موائد إفطارها في معظم أيام رمضان سوى الخبز والماء!
وكانت الأسر السورية على يقين إن السيد الرئيس لن ينساها في ايامها العصيبة وسيتذكرها ويساعدها قبل ايام قليلة من عيد الفطر، ويعيد لأطفالها البسمة والفرح، وهذا ما حدث أسوة بالأعياد والمناسبات المختلفة وبخاصة في العامين الأخيرين!
وما فعله السيد الرئيس قصّرت به الحكومة المعنية بالشأن المعيشي للعاملين بأجر، فتصريحاتها المتكررة حول ان هاجسها اليومي هو المواطن ثبت انه كلام بكلام لم يُترجم إلى فعل، بل ان نشرات أسعار وزارة التجارة الداخلية لسلع أساسية، كالبيض والفروج والبطاطا والبقوليات والحليب والأجبان والألبان، أكدت إن تأمينها بشكل كاف يحتاج إلى مالايقل عن 800 ألف ليرة للأسرة الواحدة، بل ان اقتصار الأسرة على تناول الفلافل فقط يحتاج إلى 300 ألف ليرة شهريا!
لقد لفتنا ماقاله “خبير” في الإنتاج الحيواني بأن استهلاك البيض انخفض في رمضان بنسبة 40% بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطن، مستندا إلى مقولة منطقية: “عندما يحدث تضخم في أسعار المواد والدخل ثابت يبدأ المواطن بإعادة ترتيب أولوياته في الشراء”، والبيض لم يعد من أولويات المواطن هذه الأيام فقد بدأ يبحث عن السلعة الأقل سعراً وهي الخضار!
والسؤال: وهل الخضار أساسا رخيصة مقارنة بدخل الأسرة؟
وإذا كان البيض لم يعد أولوية للأسرة السورية، فهذا يعني أيضا أن اللحوم والفروج ومشتقات الحليب من ألبان وأجبان تبخرت عن موائد ملايين السوريين لأن دخلها الفعلي دون مساعدات من هنا وهناك وقروض مرهقة بالكاد يكفيها للفلافل!
قد لايتذكر الكثيرون إن العمال “أيام الرخاء” كانوا يتقاضون شهريا كميات كافية من البيض والحليب مجانا، أي من ميزانيات مؤسساتهم، فلماذا ألغت الحكومات المتعاقبة في العقدين الأخيرين هذا المكسب العمالي؟
ألا يفترض في هذه الأيام القاسية، التي ترزخ تحت ثقلها ملايين الأسر السورية، أن تتلقى مساعدات وليس دعما من الحكومة لتأمين أحتياجاتها الأساسية؟
بالمختصر المفيد: على الحكومة إما أن تُعدل أجور العاملين حسب أخر تعديل لسعر الصرف، أو أن تعدل الحد الأدنى للأجور بما يكفي الحد الأدنى من متطلبات الحياة المعيشية، وفق ما نص عليه الدستور، أو أن تبيع الأسرة السورية سلة غذاية كاملة بسعر لا يتجاوز 25% من الحد الأدنى للأجور، فهل هذه الحلول مستحيلة؟
وعندما تفعلها الحكومة فإن المواطن يستطيع ترتيب أولوياته، لا حسب دخله وإنما حسب حاجاته الفعلية!