“الكمبوست”.. خصائص وظيفية عديدة واستخدام ناجع في الحيازات الصغيرة
دمشق- بشير فرزان
كثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول سماد الكمبوست “السماد العضوي”، وانشغلت الجهات الفلاحية والزراعية بهذا المنتج البديل، لدرجة أنه بات جزءاً من الخطابات والتصريحات الزراعية في المؤتمرات واللقاءات، ويبدو أنه يحظى باهتمام كبير، خاصة وأنه تمّ اعتماده بشكل رسمي من قبل وزارة الزراعة التي أقامت عدة دورات بهذا الشأن، وهذا ما شجعنا على التواصل المباشر مع وزير الزراعة الذي بيّن أن هذا المنتج يستفاد منه في الحدائق للخضار وفي الحيازات الصغيرة لتحسين خواص التربة وتخفيض استخدام الأسمدة الكيماوية، لافتاً إلى أنه ليس بديلاً عنها.
كما تجاوب الكثير من المهتمين والمهندسين الزراعيين بهذا السماد مع تساؤلاتنا عن هذا المنتج “سماد الديدان”، وأكدوا أنه ناتج عن معالجة النفايات العضوية وفضلات الحيوانات بواسطة الديدان، بحيث يحتوي مواد حيوية طبيعية تحتاجها التربة، فهناك المواد الدبالية بنسب 4 – 8 مرات أكثر من روث الحيوانات، وهي مواد فعّالة بيولوجية ومفيدة تماماً للنباتات.
وأشاروا إلى أن الدُبال الحيوي يعيش في كائنات دقيقة فريدة ومفيدة تخلق خصوبة التربة، ويحتفظ بالرطوبة لفترة طويلة وينقلها إلى النبات حسب الحاجة، كما أنه لا يحتوي كائنات دقيقة ضارة وبذور الأعشاب وبيض الطفيليات وغيرها من المواد المسبّبة للأمراض، لذلك يُستخدم لزيادة خصوبة التربة (تنشيط التربة) كسماد عضوي في جميع أنواع الحقول وللنباتات الدفيئة ونباتات الزينة المزهرة. ووفقاً للمعايير الدولية لا توجد قيود على استخدامه، حيث يمكن استخدامه بكمية قليلة جداً مقارنة بالأسمدة العضوية الأخرى، ويستمر تأثيره على التربة لمدة 3-5 سنوات ولا يحتوي على مقدار ووقت استخدام محددين، ويمكن تطبيقه في كل فترة من زراعة البذور إلى إنتاج النبات، مما يزيد من غلة وجودة المنتج.
وعن خصائص هذا السماد، اتفقت إجابات كلّ من توجهت “البعث” لسؤالهم على أن اختلاطه المتوازن مع التربة يزيد من تأثيره إلى أقصى حدّ، بحيث لا تفقد خصائصها حتى بسبب تجمّد التربة في البرد القارس، بل على العكس يجعل الكائنات الحية الدقيقة في التربة أكثر نشاطاً ويجدّد الثراء الميكروبيولوجي للتربة، ويزيد من قوة التشابك لجزيئات التربة وسلامتها، ويحتفظ بالمعادن القابلة للذوبان والرطوبة بشكل أفضل، كما أنه يقلل كمية الري بنسبة 40٪ ويزيد من درجة حرارة التربة لأنه يغمق لون التربة وينتج عنه ثاني أكسيد الكربون، وبذلك يصبح مصدراً إضافياً لثاني أكسيد الكربون للنبات ليبقى على قيد الحياة، ويوفر تغذية متوازنة كاملة بالفيتامينات الأساسية والأحماض الأمينية والإنزيمات والهرمونات ومحفزات النمو، ويزيد من مناعة النبات ضد الأمراض. وطبعاً الفوائد كثيرة حسب المصادر التي تمّت الاستعانة بها، ومنها أنه يزيد العائد 30- 200٪ ويجعل فترة النضج 2-3 أسابيع، كما أن كمية النترات في المنتجات أقل بعدة مرات من تلك المنتجة مع الأسمدة الأخرى، ويوفر زيادة كبيرة في مدة الصلاحية ويزيد من كمية الفيتامينات والسكريات والمواد النشطة بيولوجياً التي تعتبر ضرورية جداً لصحة الإنسان، ويتيح إنشاء منتجات طبيعية بيئية لا تحتوي أي مواد ضارة بصحة الإنسان.
ومن التجارب العملية لإنتاج هذا السماد تجربة في سهل الغاب، تعود إلى محاسن إبراهيم (زوجة شهيد وأم لثلاثة أبناء) التي تحدّت الظروف الحياتية الصعبة التي واجهتها خلال سنوات الحرب بالعمل والتصميم على قهر الظروف المعيشية، حيث بدأت -كما قالت- باستثمار حديقة منزلها وزراعة الخضار، إلا أن التربة كانت سيئة ولم تساعدها على الإنتاج، ما دفعها للبحث عن حلول لتحسين هذه التربة، وبعد عناء البحث على المواقع العالمية على الانترنت وصلت لمشروع إنتاج السماد العضوي وما يُسمّى الفيرمي كومبوست والذي تنتجه ديدان أرض لها خصوصيتها التي تميزها عن دودة الأرض البلدية.
وأشارت إبراهيم إلى أنها تعلّمت كيفية التعامل مع هذه الديدان، ولأن سعرها غالٍ اشتغلت على تكاثرها لتحصل على عدد كبير منها يساعدها في إنتاج كميات جيدة، وهذا ما تحقق بالفعل.
وأكدت أنه رغم بساطة الإمكانيات التي بدأت بها، إلا أنها وصلت إلى نتيجة رائعة، فلديها اليوم كتلة ديدان تعطيها ما لايقلّ عن 5 أطنان موسمياً، وهذه الكمية في تزايد يومي لأنها معادلة ناجحة، فكلما زادت كتلة الديدان زادت كمية السماد.
ومن القضايا التي أشارت إليها إبراهيم عدم تقبل المجتمع في البداية لهذه الفكرة، لكن إصرارها على نقل المعلومة ونشر ثقافة إنتاج السماد العضوي والزراعات العضوية ساهم في تغيير موقف المجتمع من هذه الفكرة، عبر إتاحة فرصة الاطلاع على هذه التجربة وتوزيع عينات مجانية على مدى عام كامل، وقد لاقت قبولاً من الناس الذين طالبوا بالمزيد من هذا المنتج لتسميد محاصيلهم، وخاصة في هذا الوقت الذي يعاني فيه بلدنا من نقص الأسمدة بسبب الحصار والعقوبات.
وطالبت إبراهيم بتقديم الدعم لمشروعها لتطويره، وأن يتمّ تبني هذه التجربة من قبل وزارة الزراعة لتعميمها في جميع المحافظات، ودعت الإعلام لنشر ثقافة الزراعة العضوية المستدامة.