أغاني الدراما تصدرت حديث السوشال ميديا
لم يكن مخرجو المسلسلات السورية يولون اهتماماً كبيراً لأغنية الشارة في بداية ظهور الدراما، إذ كان نجاح العمل برأيهم يعتمد على القصة والإخراج، بالإضافة إلى أداء الممثلين. ولكن خلال السنوات العشر الأخيرة، وعلى خلفية التنافس بين المسلسلات العربية، وخاصة السورية والمصرية، أصبحت هناك عناصر جديدة، يستعين بها المنتج ليحصد مشاهدة أكثر، وأهم هذه العناصر أغنية الشارة.
في الحقيقة، قدمت شارات المسلسلات السورية في الثمانينيات والتسعينيات فرق موسيقية تشبه “الكورال” أو “الكورس”، والتي كانت لها تجارب ناجحة وبقيت حتى أيامنا هذه عالقة في الأذهان مثل فرقة “رم” الأردنية – بقيادة الموسيقي طارق الناصر وتأسست الفرقة عام 1999 – التي قدمت أغاني مسلسلات “نهاية رجل شجاع”، و”يوميات مدير عام” و”ملوك الطوائف”، حيث سكنت الألحان حنايا الروح، ومن الاستحالة نسيانها. إلا أن شركات الإنتاج العربية رأت مؤخراً أن تميل نحو التجربة السينمائية، في اختيار نجم غنائي ليغني أغنية الشارة، والجدير بالقول إنها لا تكون شارة فقط، فأحياناً كانت تستقل الشارة عن العمل الدرامي الذي ترافقه، لتغدو أغنية أو مقطوعة موسيقية مستقلة تنتشر بمعزل عن العمل الذي ألّفت لترافقه، وفي مرات كان “التتر” مرافقاً لقصة المسلسل، غالباً ما تستخدم من قبل المشاهدين لأخذ انطباع مبدئي وحكم مسبق عن العمل.
فمثلاً استلهم الشاعر السوري عدنان العودة نص أغنية “قلبي علينا” (مسلسل “الندم”، حسن سامي يوسف والليث حجو) من الظروف التي عاشها ودفعته إلى الرحيل كما دفعت غيره، ليتحوّل النص الشعري إلى أغنية جميلة تلامس القلب بفضل الملحن السوري إياد الريماوي. والمسلسل الذي أبكى العرب على فلسطين، أدى الفنان عامر خياط شارة “التغريبة الفلسطينية” (كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان) بصرامة ممزوجة بغضب وحزن لا استعطاف فيهما ولا استعراض لقوة واهية، بما يليق بموسيقى الأغنية التي ألفها الملحن طاهر مامللي، وقدم الفنان ناصيف زيتون شارة مسلسل “الهيبة” بأجزائه الخمسة، وبالتأكيد يوجد الكثير من الفنانين الذين قدموا أجمل الأغاني والشارات الدرامية مثل جورج وسوف ومروان خوري وشيرين عبد الوهاب… إلخ.
ولكن هذا العام لم يكن الالتفات لشارات الأعمال الدرامية على ما يبدو، فلم تكن تترات المسلسلات بصوت أحد المطربين باستثناء عمل واحد هو “على قيد الحب” -فادي قوشقجي إخراج باسم السلكا- الذي أعاد حضور عامر الخياط في تتر العمل، وكانت الكلمات من شعر بحر لاوديسيا.
والملفت في هذا الموسم كان الاعتماد على أن تكون الأغاني ضمن حلقات العمل هي المحققة لـ “تريندات” على مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت بمثابة أغنية تناقلها الناس عبر مسامعهم مع ابتسامة خفيفة استخفافاً بهذه الكلمات التي يتمّ تداولها في وسائل النقل أو التعبير عن مدى إعجابهم بها حتى بعد نهاية العمل!.
في الواقع، هي ليست المرة الأولى التي يحدث هذا الشيء، فمنذ سنوات عديدة قدمت الفنانة شكران مرتجى أغنية “البقرة لما بتوقع شو بتكتر سكاكينا”، وأصبحت في ذلك الوقت بمثابة خبطة غنائية يردّدها الناس بضحك من شدة الكلمات الساذجة في مسلسل “ذكريات الزمن القادم” –إخراج رشا شربتجي-، وتعود الحالة وتتكرر هذا العام لتطل الفنانة صفاء سلطان “عتاب الباري” مع سهير صالح “غصون” بأغنية “خاروف حب الحلوة” في مسلسل “مع وقف التنفيذ” (تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي) وعلى الرغم من انتهاء العمل ما زالت الأغنية المثيرة للجدل والساخرة تتصدّر حديث الجمهور وحققت نسبة مشاهدة عالية وانتشاراً واسعاً.
وفي عمل آخر يعتمد على الفن والغناء، أدّت الفنانة نسرين طافش في مسلسل “جوقة عزيزة” (تأليف خلدون قتلان وإخراج تامر إسحاق) عدة استعراضات في سياق اللوحات الفنية الغنائية الراقصة التي عرضها المسلسل، حيث قدمت طافش أغنية مزجت في مقاطعها بين ثلاث لغات التركية والفرنسية والعربية، وقدمت عدة أغانٍ، منها “أنت مدرسة” التي تصدرت التريند، وقدمتها مع صاحب أغنية “الغزالة رايقة” الطفل المصري محمد أسامة.
وفي العمل ذاته قدّم المبدع سلوم حداد وللمرة الأولى أغنية “طبلة”، إلى جانبه ابنه عزمي نسوان “كرم الشعراني”، ومنيرة “هبة نور” يرقصون على أنغام أغنيته التي أصبحت أيضاً حديث وسائل التواصل الاجتماعي، وأغنية “طبلة” حسب منتجي العمل، تنتمي لفئة الأغاني الناقدة والساخرة، وهي من كلمات كاتب المسلسل خلدون قتلان، وألحان إياد الريماوي.