ملوثات المدن الصناعية.. آلاف الأمتار المكعبة من المنصرفات تنتهي بالأراضي دون معالجة لاحقة!
تحتضنُ المدن الصناعية (عدرا- الشيخ نجار- حسياء) مقاسم للصناعات المختلفة، التي تمّ تصنيفها حسب الصناعة إلى مجموعات، وكل مجموعة ضمن منطقة محدّدة لهذه الصناعة (زونات)، كمناطق الصناعات النسيجية- الهندسية- الكيميائية- الغذائية- الدوائية- البرمجيات. ومع ذلك تمّ تصنيف الصناعات ضمن المدن الصناعية إلى صناعات ملوثة وغير ملوثة، إذ يتمّ التعامل مع منصرفات هذه المدن (السائلة، الصلبة، الغازية) وفق اشتراطات موثقة ومحفوظة لدى وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
تجهيز البنية التحتية
ويؤكد مدير المدن والمناطق الصناعية في وزارة الإدارة المحلية المهندس أكرم الحسن أن هناك خصوصية لكل صناعة، وطبيعة تعامل مع الملوثات والمنصرفات السائلة والصلبة والغازية، وتقوم المنشآت الصناعية المنتجة ذات الصناعات الملوثة بمعالجة منصرفاتها السائلة لتحقق المواصفة القياسية السورية /2580/ لعام 2008 قبل التصريف إلى شبكة الصرف، وذلك عن طريق تنفيذ وحدات معالجة أولية خاصة بكل منشأة.
ويضيف الحسن أنه يتمّ تجهيز البنية التحتية في المناطق غير الملوثة بشبكة صرف صحي من القساطل البيتونية، تستوعب مياه الصرف الصحي ومياه الصناعات الغذائية بعد المعالجة، أما المناطق الملوثة، فيتمّ تجهيزها بشبكتي قساطل (شبكة قساطل بيتونية وشبكة قساطل بولي ايتيلين) لتصريف مياه الصرف الصناعي إلى محطة المعالجة الأساسية، ويوجد عدة أنماط للمعالجة ضمن وحدات المعالجة الأولية الخاصة بكل منشأة (كيميائية، فيزيائية، كهربائية، بيولوجية، بيولوجية كيميائية)، بالإضافة لمعالجات أخرى مثل إزالة المعادن الثقيلة والمواد السامة، وتختلف المعالجة حسب مواصفات المياه الناتجة عن الصناعة والصرف الصحي وحسب كمية المياه المرادة. أما بالنسبة لآلية المعالجة والصرف للمخلفات السائلة النهائية في المدن الصناعية ضمن محطات المعالجة المركزية، فتدخل كافة الصناعات (الغذائية- الهندسية- النسيجية- الكيميائية- الدوائية- الدباغات) ضمن قائمة المنشآت التي تصرف إلى محطة المعالجة المركزية بعد تطبيق المواصفة القياسية السورية /2580/ لعام 2008 عن طريق وحدات المعالجة الأولية ضمن المنشآت الملوثة. وتنصّ القوانين والأنظمة على ضرورة إلحاق المعالجة الكيميائية للصرف الصناعي بمعالجة بيولوجية، تشمل الصرف الغذائي مع الصرف المالح والمطري.
غير منفذة!
وتفيد وثائق إدارة المدن الصناعية أن المياه الخارجة من محطة المعالجة المركزية تخضع للمواصفة القياسية السورية /2752/ب لعام 2008 لتصبح بذلك مياه صرف معالجة صالحة لأغراض الري الزراعي، أما عن الواقع الحالي لتصريف المنصرفات السائلة في المدينة الصناعية بعدرا، فتتمّ المعالجة من قبل وحدات المعالجة الخاصة لكل منشأة وحسب الصناعة، ويتمّ الصرف ضمن شبكة الصرف الصحي التي تنتهي بقناة المجمع الرئيسي، ثم إلى محطة المعالجة المركزية، علماً أنها غير منفذة لتاريخه، وبالنسبة للدباغات يتمّ الصرف ضمن شبكة صرف صحي خاصة، ثم إلى محطة معالجة الدباغات، التي تعالج المنصرفات إلى حدود المواصفة القياسية السورية رقم /2580/ لعام 2008 ليتمّ صرفها بعد ذلك إلى شبكة الصرف الصحي التي تنتهي بقناة المجمع الرئيسي.
على مستوى “الشيخ نجار”
في هذا المضمار تؤكد المعلومات الواردة من المدينة الصناعية بالشيخ نجار أنه تمّ تنفيذ شبكتي صرف (صحي وصناعي) في المناطق المخصّصة للصناعات الملوثة، لاستيعاب المنصرفات السائلة الناتجة عن عمليات الإنتاج بعد معالجتها من قبل وحدات المعالجة الخاصة لكل منشأة وحسب الصناعة، حيث توجد محطة معالجة مركزية مدروسة غير منفذة ستعالج المنصرفات إلى حدود المواصفة القياسية السورية الخاصة بالري رقم /2752/ لعام 2008، كما يوجد 4 محطات رفع تمّ تنفيذ محطتين منها، وتُقدّر كمية المنصرفات المتوقع صرفها إلى المصبّ النهائي عند تنفيذ محطة المعالجة بــ1604 ليترات/ ثانية، منها 921 ليتراً/ ثانية للتصريف الصناعي، و683 ليتراً/ ثانية للتصريف المالح والصناعات الغذائية.
أما في المدينة الصناعية بحسياء فتقوم المنشآت الصناعية بمعالجة المنصرفات إلى حدود المواصفة القياسية السورية رقم /2580/ لعام 2008 للصرف إلى شبكة الصرف الصحي، علماً أنه يوجد بعض المنشآت الخاصة لديها محطات معالجة مغلقة، كما يوجد محطة معالجة مركزية قيد التنفيذ ستعالج المنصرفات إلى حدود المواصفة القياسية السورية الخاصة بالري رقم /2752/ لعام 2008، علماً أن المصبّ النهائي الحالي مجرى سيل ينتهي بوادي الربيعة دون معالجة لاحقة، وتقدّر كمية المنصرفات المصروفة إلى المصب النهائي حالياً بــ900- 1100 م3/اليوم.
سن التشريعات
وبهدف الحدّ من المخالفات في المدن الصناعية، أوضحت مصادر محافظة ريف دمشق أنه تمّ اتخاذ مجموعة من الإجراءات على مستوى المدينة الصناعية في عدرا، حيث سنّت التشريعات البيئية بإلزام المصانع بضرورة تنفيذ محطات لمعالجة مياه الصرف الصناعي الناتج عنها، وذلك من أجل حماية البيئة المحيطة ومصادر المياه الجوفية والسطحية، وأن مواصفات هذه المياه تختلف من صناعة إلى أخرى ومن مصنع إلى آخر، ويجب على هذه المنصرفات أن تحقّق المواصفة القياسية السورية رقم /2580/ لعام 2008، كما يتمّ مراقبة عمل هذه المحطات وإجراء التحاليل اللازمة لمنصرفاتها السائلة، وفي حال المخالفة لبعض المؤشرات يتمّ أخذ الإجراءات اللازمة وذلك وفق قانون البيئة رقم /50/ لعام 2002.
مكب مؤقت
وبالعودة إلى ملف المنصرفات وتحديداً الصلبة –على لسان مدير المدن الصناعية– على مستوى مدينة صناعية عدرا يتمّ تجميع المنصرفات الصلبة ونقلها وترحيلها وطمرها في مكب مؤقت (حفر طمر مؤقتة)، وتُقدّر كمية المنصرفات بنحو 25 طناً سنوياً، وفي المدينة الصناعية بالشيخ نجار يتمّ تجميع المنصرفات الصلبة ونقلها وترحيلها إلى مقلب مؤقت ضمن المدينة، وفي حسياء يتمّ تجميع المنصرفات الصلبة ونقلها وترحيلها إلى مكب مؤقت يتمّ تأهيله كل ثلاثة أشهر، بكمية تتراوح بين 8- 11 طناً/ باليوم، أما النفايات ذات التصنيف الخطر فيتمّ تجميعها داخل المنشأة ضمن أوعية محكمة الإغلاق، ويتمّ ترحيلها إلى معمل النفايات بدمشق.
وفيما يتعلق بالمنصرفات الغازية في جميع المدن الصناعية، يتمّ إلزام الصناعات الملوثة غازياً بتركيب وحدات معالجة غازية لتحقيق المواصفات القياسية السورية، وإلزامها برفع مداخن وإجراء صيانة دورية للحراقات، أما بالنسبة للروائح والغبار فيتمّ إلزام المنشآت الصناعية بتركيب فلاتر وسيكلونات ومراوح شفط للغازات.
انتقاء موقعها
لم تغفل وزارة الإدارة المحلية –كما تقول تقاريرها- المناطق الصناعية والحرفية التي تستوعب كافة الحرف والصناعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة غير الملوثة، وفق نظام إحداث وتنفيذ واستثمار المناطق الصناعية والحرفية في الوحدات الإدارية والبلديات، حيث تقوم الجهة الإدارية قبل إحداث المنطقة وانتقاء موقعها وتحديد مساحتها بمراعاة ما يلي: “معالجة المياه المالحة ومخلفات الصناعة السائلة بشكل أولي قبل تصريفها إلى شبكة الصرف الصحي القريبة أو إلى محطات المعالجة الخاصة بالمنطقة، ومعالجة المخلفات الصناعية الصلبة والانبعاثات الغازية الناتجة للحفاظ على السلامة البيئية”، كما يُراعى عند وضع المخطط التنظيمي للمنطقة ما يلي: “تقييم الأثر البيئي للمنطقة المحدّدة على المخطّط التنظيمي، وإمكانية تأمين شروط السلامة البيئية للصناعات الملوثة”، ويتمّ العمل على تطبيق أحكام القرار المذكور على جميع المناطق الصناعية المحدثة في مختلف المحافظات، حيث تمّ تعميمه على كافة الجهات المعنية للعمل بموجبه.
علي بلال قاسم