“الناتو” يستغلّ انشغال روسيا في أوكرانيا بضمّ السويد وفنلندا
تحليل إخباري
تدريجياً بدأت أوساط حلف شمال الأطلسي “الناتو” بالاعتراف بالأسباب التي دعتها إلى استخدام التضليل والأكاذيب في شيطنة روسيا، حيث دأبت هذه الدعاية على ممارسة أسلوب تخويف الدول الأوروبية غير المنضمّة إلى الحلف من العدوّ الروسي المفترض الذي يسعى حسب التقارير الغربية إلى إعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي السابق، وذلك بإعادة بعض الدول المنفصلة عن هذا الاتحاد في تسعينيات القرن الماضي إلى كنف الاتحاد الروسي، وهذا الأمر يقتضي بالفعل شيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيكون ساعياً لتحقيق هذا الطموح، وبالتالي إجبار جميع الدول المتردّدة في الانضمام إلى الحلف أو التي تتخذ موقفاً حيادياً من علاقته مع روسيا، إلى التفكير جدّياً بطلب الانضمام إليه تأميناً للحماية من الدبّ الروسي الذي يريد أن يلتهم هذه الدول واحدة تلو الأخرى، وهذا يدعو طبعاً حسب المسؤولين في “ناتو” إلى استغلال انشغال روسيا في عمليّتها العسكرية في أوكرانيا للانضمام إلى الحلف وتأمين مظلة الحماية المزعومة، بينما يكون الحلف قد حقّق أكبر أهدافه في تطويق روسيا بالبنية العسكرية للحلف من الجهة الغربية والشمالية الغربية، وتمكّن من القفز فوق جميع التفاهمات والاتفاقيات التي عقدها مع موسكو، والتي من المفترض أن تضمن توقف الحلف عن السعي إلى التوسّع شرقاً.
وقد اعترف الأمين العام السابق لـ “الناتو” أندرس فوغ راسموسن بذلك بقوله: يجب على السويد وفنلندا أن تنضمّا إلى الحلف الآن، بينما روسيا “مشغولة” بعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا مشيراً إلى أنه حتى إذا تم اعتبار طلب السويد وفنلندا عاجلاً فإن إجراءات الانضمام إلى الناتو ستستغرق “عدة أشهر”.
وردّاً على ذلك، قال السفير الروسي في كندا أوليغ ستيبانوف: إن انضمام فنلندا والسويد المحتمل إلى ناتو سيدفعهما إلى معاملة روسيا كخصم وسيستلزم ذلك ردّ فعل من جانب موسكو، مشيراً إلى أن روسيا لن تواصل اعتبارهما دولتين حياديتين بل نقطة تهديد لـ”ناتو”، “ما سيجعل الجميع ينسون الوضع غير النووي لمنطقة البلطيق”.
وأشار السفير إلى أن واشنطن وناتو يستخدمان الآن تكتيكات مختلفة لتحفيز قوى سياسية معيّنة في فنلندا والسويد على إقناع البلدين بالتخلي عن أسلوب حياتهما السلمي وتحويل شمال أوروبا من منطقة عدم الانحياز العسكري والاستقرار والازدهار إلى مسرح حرب محتمل آخر.
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز قد دعا في وقت سابق إلى التعامل بجدية مع رفض الرئيس الروسي توسع “الناتو”، ولاسيما التوجّه لضم السويد وفنلندا للحلف، داعياً إلى التعامل بجدّية مع هذا الرفض، ولكنّه ترك الكرة في ملعب الجانبين السويدي والفنلندي، الأمر الذي يؤكد أن الغاية الأمريكية من كل ذلك هي إغراء الدول بالانضمام إلى هذا الحلف ثم تركها تواجه مصيرها منفردة في مواجهة أيّ ردّ فعل عسكري من روسيا تجاهها، بمعنى أن الغاية فقط هي إشعال الجبهات حول روسيا لتحقيق الغاية الأهم وهي إضعافها، تحقيقاً لما تم الإعلان عنه صراحة في قاعدة رامشتاين الألمانية مؤخراً.
ولتأكيد هذا التوجّه تم مؤخراً اختلاق مشكلة في إقليم ترنسنيستريا المنفصل عن مولدوفا من جانب واحد، وأعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء الماضي، أنه سيزيد دعمه العسكري لمولدوفا “بشكل كبير”، مؤكداً ضرورة مساندة العاصمة كيشيناو.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: إن الاتحاد الأوروبي “سيزيد بشكل كبير” دعمه العسكري لمولدوفا.
ولا يخفي ذلك طبعاً رغبة غربية في مدّ الصراع في أوكرانيا إلى جمهورية مولدوفا لاستخدامها هي الأخرى وقوداً في حرب “الناتو” غير المباشرة على روسيا كما أكد المسؤولون الروس مراراً، وهو ما جاء صراحة على لسان مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة من أن الغرب كان ينتظر الفرصة لشنّ حرب اقتصادية على موسكو والضغط عليها، مؤكداً أن ما تشهده أوكرانيا حرب بالوكالة يخوضها الغرب ضد روسيا.
طلال ياسر الزعبي