مجلة البعث الأسبوعية

تأهل ريال مدريد “الجنوني” يعيد مصطلح “الريمونتادا” إلى الواجهة من جديد

البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر

استطاع نادي ريال مدريد الإسباني خطف الأضواء مجدداً، بعد تأهله إلى نهائي بطولته المفضلة دوري الأبطال في نسختها الحالية والذي تستضيفه العاصمة الفرنسية في 28 من أيار الجاري، وطبعاً السبب ليس تواجده في النهائي واستحقاقه ذلك أم لا وإنما الطريقة التي وصل فيها بعد عودة ملحميّة للمرة الثالثة على التوالي هذا الموسم، ليكون النادي الملكي أول فريق يخسر مباراة في كل من ثمن وربع ونصف النهائي وينجح في بلوغ النهائي منذ إدخال دور الـ 16 إلى المسابقة موسم 2004.

وكان الريال قد عاد بنتيجة مبارياته في الأدوار الإقصائية بعد أن حقق ذلك ضد باريس سان جرمان الفرنسي وتشيلسي الإنكليزي في ثمن وربع النهائي توالياً، ليصبح مصطلح “الريمونتادا” مرافقاً لكل عناوين الصحف العالمية، فما هي الريمونتادا؟

الريمونتادا حرفياً هي العودة أو التعافي، وكانت تستخدم لوصف المعارك الأهلية في الفترة بين القرن الـ 16 وحتى القرن الـ 19، وتحديداً في إقليمي الباسك وكتالونيا الذين كانا يحاولان الاستقلال عن الحكم الإسباني، وتعدّ فرق ليفربول وبرشلونة ومانشستر يونايتد وروما من بين الأندية التي حققت ما يبدو مستحيلاً في منافسات البطولة، فما هي أبرز الريمونتادات التي شهدتها المسابقة الأوروبية الأعرق للأندية؟.

شهد دوري أبطال أوروبا في السنوات الأخيرة مفاجآت فاقت كل التوقعات وحالات كثيرة من العودة في النتيجة، ويمكن القول إن الفرق الكبرى في القارة العجوز لم تعد تعرف متى تستسلم وتتعرض للهزيمة، وهناك الكثير من المباريات التي قطع فيها المناصرون حتى أملهم في الفوز ليفاجأ الجميع بأهداف حاسمة في الدقائق الأخيرة قلبت الطاولة على الخصوم، وتعد مباراة ميلان الإيطالي وليفربول الإنكليزي في نهائي نسخة 2005 التي استضافتها مدينة اسطنبول التركية أعظم ريمونتادا في تاريخ الأبطال، فقد كان فريق ميلان الإيطالي يعتبر أسطورة تماثل أيامه في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، حيث بدأ كل شيء مع هدف باولو مالديني في الدقيقة الأولى ليتبعه هدفين رائعين من هيرنان كريسبو لتبدو المباراة وكأنها وضعت أسفارها قبل نهاية الشوط الأول، ولكن كان للريدز كلام آخر في الشوط الثاني حيث قام كل من جيرارد وسميتشر وألونسو بمجهود لا يصدق استطاعوا فيه تسجيل ثلاثة أهداف، وتنتهي بعدها المباراة بفوز ليفربول بعد التفوق بركلات الترجيح (3-2).

وثاني هذه الريمونتادات والتي حازت على ضجة كبيرة ولولا أن الأولى توجت النادي الإنكليزي لتصدرت المشهد، وهي مباراة برشلونة الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي موسم 2017، مباراة مجنونة بكل ما للكلمة من معنى جعلت الكل يتحدث عنها رغم أن البارسا خرج بعدها على يد يوفينتوس الإيطالي  إلا أن الريمونتادا التي فعلها في مباراة باريس ظلت عالقة بالأذهان لفترة ليست بالقليلة، فبعد أن استطاع باريس في الذهاب تقديم مباراة خيالية والفوز برباعية نظيفة كانت كفيلة بجعل الفريق الباريسي يحتفل بالفوز قبل مباراة العودة، التي انتهت بنتيجة (6-1) للفريق الكتالوني، وربما يكون تسجيل رفاق ميسي هدفاً مبكراً هو مفتاح هذه المباراة.

ويعدّ برشلونة أكثر الفرق ظهوراً فى مباريات الريمونتادا بدوري الأبطال، فقبل الريمونتادا
أمام الباريسي كان هو الضحية في مناسبتين، الأولى أمام روما الإيطالي موسم 2018، الذي نجح فى تحقيق الفوز بثلاثية نظيفة ومذهلة، خلال الإياب، بعد أن كان خاسراً في لقاء الذهاب بنتيجة (4-1)، وبعدها بعام قاد محمد صلاح زملاءه في ليفربول إلى تحقيق ريمونتادا تاريخية على فريق برشلونة، ليتأهل إلى نهائي نسخة 2019، بعدما خسر الريدز ذهاباً بنتيجة بثلاثة أهداف للاشيء، نجح فى تحقيق الفوز برباعية خلال لقاء الإياب.

أما أقدم الريمونتادات فترجع لموسم 1999 عندما كان فريق مانشستر يونايتد في قمة مستواه، حيث حقق أشياء كثيرة تاريخية في موسم، فقد فاز بكأس الإتحاد الإنكليزي وفاز أيضاً بالدوري الإنكليزي كما فاز بالبطولة الأهم في أوروبا وهي دوري أبطال أوروبا ليكون أول فريق يحقق الثلاثية بالنسخة الجديدة، ولكن الطريق لم يكن باليسير، وإنما كان مشوار الشياطين الحمر دراماتيكياً، حيث قابل مانشستر يوفنتوس الإيطالي بعدما أقصي من قبله ليتقابل اليوفي ومانشستر وكان وقتها اليوفي هو المرشح الأقوى للفوز بالبطولة، المباراة الأولى كانت في انكلترا على ملعب أولد ترافورد وقتها سجل اليوفي الهدف الأول عن طريق كونتي واستمرت المباراة هكذا حتى الدقيقة 92 حينما سجل مانشستر يونايد هدف التعادل بأقدام غيغز، وفي المباراة الثانية كان يكفي اليوفي وقتها التعادل فقط حتى يستطيع عبور مانشستر يونايتد وكانت المهمة شبه سهلة على اليوفي نظراً لأن المباراة كانت ستكون على أرضهم وبالفعل سجل اليوفي هدف المباراة الأول وتبعه بالثاني لتبدأ الريمونتادا التي تُعد أحد أصعب الريمونتادا في التاريخ حيث سجل كين الهدف الأول لليونايتد تبعه الهدف الثاني ثم سجل كول الهدف الثالث لليونايتد ليسجل أقوى عودة تاريخية خارج الديار على فرق إيطاليا ويصعد لملاقاة بايرن ميونخ الألماني في معقل برشلونة الكامب نو ويتوج باللقب الغائب وقتها منذ ستينيات القرن الماضي.

وفي موسم 2004، عندما كان فريق ديبورتيفو الإسباني يمر بفترة صحوة كبيرة، حيث أنهى موسمه في الدوري المحلي في المركز الثالث، واستطاع الوصول إلى نصف النهائي في دوري الأبطال، فبعد أن أقصى يوفنتوس من الدور الثاني للمسابقة، جاء الدور على الفريق الإيطالي الآخر ميلان عندما قابله في دوري الربع نهائي، وانتهت المباراة الأولى في سان سيرو بأربعة أهداف لميلان مقابل هدف لديبورتيفو، لتأتي مباراة العودة والمهمة المستحيلة، ليستطيع ديبورتيفو تسجيل أربعة أهداف ضد منافسه وبدون رد والتأهل إلى الدور ما قبل النهائي.

وفي الموسم نفسه، كان موناكو الفرنسي يمر بأفضل مرحلة في تاريخه، حيث أنهى دور المجموعات في المركز الأول بـ 11 نقطة ثم استطاع عبور دور الستة عشر ووصل للدور ربع النهائي ضد أحد أكثر الفرق ترشيحاً للفوز الريال، واستطاع الملكي وقتها الفوز ذهاباً بأربعة أهداف مقابل هدفين، لكن إياباً أحرز موناكو ثلاثة أهداف وأقصى العملاق المدريدي.

في عام 2012 قابل تشيلسي الإنكليزي فريق نابولي الإيطالي في دور الـ 16، وهو في أسوأ أوقاته وكل الترجيحات تصبّ في مصلحة الفريق الإيطالي الذي أنهى لقاء الذهاب بثلاثة أهداف لهدف، ليسقط البلوز كل الرهانات التي كانت ضدّه ويفوز إياباً ويستطيع عمل أفضل ريمونتادا في تاريخه في دوري أبطال أوروبا بتسجيله لأربعة أهداف مقابل هدف، واستطاع تشيلسي بعدها التأهل للنهائي والحصول على اللقب في إنجاز تاريخي لهم.

وأخر الريمونتادات التي سنتحدث عنها اليوم كانت موسم 2019، بين أياكس الهولندي وتوتنهام الإنكليزي في الدور نصف النهائي، وقتها كان السبيرز متأخرين في المباراة الأولى ومعظم المباراة الثانية بهدفين نظيفين، وبدون نجمهم الأول هاري كين، وكان الفريق الهولندي قد هزم ريال مدريد ويوفنتوس وبدا في طريقه لنهائي تاريخي مع ليفربول، لكن إدخال فرناندو يورينتي ولوكاس مورا غير المباراة بالكامل والتي انتهت بثلاثة أهداف للفريقين بمجموع اللقائين.