ثقافةصحيفة البعث

العازف الايطالي كوزيمو بيرونتيرا: دمشق ساحرة تشبه موسيقا الباروك

موسيقا الباروك الساحرة الغنية بالانفعالات الحالمة والتموجات كانت حاضرة على مسرح الاوبرا برؤية البروفيسور الايطالي كوزيمو بيرونتيرا عازف البايب أورغن، الخبير بموسيقا الباروك عالمياً الذي استضافته دار الاوبرا- وزارة الثقافة بإقامة أمسية مع فرقة “فيولا دي آمور” التي تضم مجموعة من الموسيقيين السوريين للوتريات وآلة الآرت تشيلوت (جد العود) بمشاركة الأورغن والهاربسيكورد والكلافيسان بقيادته وعزفه على الأورغن والكلافيسان، وتميزت الأمسية بالتناغم بين نغمات الأورغن البراقة وتشكيلة الفرقة.

وعزف أغيد منصور المشرف على الأمسية على آلة الهاربسيكورد، وأدى الكمان الأول- العازفة رزان قصار- دوراً خاصاً في مواضع كصولو مضاف وكبداية لحنية في مواضع، إضافة إلى دور التشيللو.

الملفت هو انسيابية قيادة بيرونتيرا للفرقة، وامتزاجه مع تموجات نغمات الموسيقا العاطفية للباروك المنسابة بشكل متباين، والدقيقة بالتفاصيل الموسيقية، وبالحركة الرشيقة اللينة، وبتعدد الأصوات وبحركاتها المتنقلة بين الحيوية المرحة والمعتدلة والبطيئة والطويلة المتقطعة، وقد انتشرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر بموطنها الأساسي في ايطاليا ومن ثم إلى العالم.

وبدت ثمة تقاطعات بين جميع المقطوعات التي قدمتها الأمسية لكونشيرات عدة بدأت بفيفالدي بحركات متنقلة بين الحيوية والبطيئة الانسيابية مع دور الآرت تشيلوت والكمان الأول والتشيللو، ثم عزفت الفرقة المقطوعة الأساسية التي اتخذ فيها الأورغن اللحن الأساسي كصولو بلحن حيوي ممتد بعزف كوزيمو بيرونتيرا مع مرافقة الفرقة بكونشيرتو هاندل بحركة طويلة ومتقطعة، ثم حيوية، ثم بطيئة، لينتهي بحركة معتدلة، وتخللت الكونشيرتو حوارية بين الأورغن والكمانات، ثم عزفت الفرقة كونشيرتو لفيفالدي أيضاً، وكونشيرتو لهاندل، واختُتمت بكونشيرتو لكوريلي، والتميز بحركة سريعة للكمانات خاصة، ودور التشيللو والكونترباص.

وعلى هامش الأمسية تحدث العازف أغيد منصور عن أهمية استضافة البروفيسور كوزيمو بيرونتيرا أستاذه، وتقديم أعمال هامة من موسيقا الباروك بالمشاركة مع المايسترو الايطالي والموسيقيين السوريين.

البساطة اللحنية والزخارف

أعربت عازفة الكمان الأول رزان قصار عن سعادتها بالمشاركة التي كان لها دور خاص بمقطوعة هاندل وكوريلي، وتابعت بأن الصولو كان بشكل مختلف، فهو نوع من الإضافة ضمن سياق المقطوعة، وأن موسيقا الباروك تتميز بالبساطة اللحنية والزخارف، ونوّهت إلى جمالية تعامل البروفيسور كوزيمو بيرونتيرا مع الموسيقيين السوريين الذين يلتقون معه لأول مرة، ونقل لهم رؤيته الموسيقية بطريقة شائقة وممتعة في التحضيرات القليلة التي تمت قبل الأمسية.

مقصورات الاوبرا

البروفيسور كوزيمو بيرونتيرا خصّ “البعث” بحديث صغير ترجمه عازف البيانو فادي جبيلي، تحدث فيه عن أهمية زيارته إلى سورية، وعن إعجابه بمدينة دمشق الساحرة التي رأى فيها أشياء متباينة ومختلفة تشبه موسيقا الباروك المتماوجة بنغماتها، والمحمّلة بالانفعالات الممتدة، وبالعاطفة والمشاعر المتباينة، وبالإيقاع والانسيابية، كما أبدى إعجابه بالطراز المعماري لدار الاوبرا، وبشكل خاص المقصورات الجانبية لمسرح الاوبرا التي تضيف جمالية إلى مسرحها، وتابع عن مهارة الموسيقيين السوريين بالعزف وشغفهم وحب التعلّم واكتساب الخبرات، وعبّر عن إعجابه بتفاعل الجمهور الكبير معه الذي نقل له مشاعر محبتهم، ومن مسرح الاوبرا وجّه رسالة إلى العالم بأن يبحث الإنسان عن جمالية الموسيقا وكل الفنون.

يعد البروفيسور كوزيمو بيرونتيرا من أشهر عازفي الأورغن، وقد أصدر كتابه الأول في روما عام 2003 بعنوان ( ال ميلو غرانو) اعتمد فيه على مؤلفات ليوناردو ليو، ويعمل حالياً على تأليف كتاب من مخطوطات القرنين السابع عشر والثامن عشر كانت مفقودة من تاريخ الموسيقا القديمة، وهو مدير لمهرجانات عدة لموسيقا الباروك، منها مهرجان ثيساوروس موسيكا في بوتينسا للموسيقا القديمة.

ملده شويكاني