دراساتصحيفة البعث

أكبر فضيحة في التاريخ السياسي.. بايدن يرفض إنهاء الحرب

سمر سامي السمارة

نشر سكوت هورتون، الرئيس السابق لجمعية الرابطة الدولية لحقوق الإنسان، والناشط المناهض للحرب، تغريدة له عبر “تويتر” قال فيها: “رفض بايدن التفاوض لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي أكبر فضيحة في التاريخ السياسي الأمريكي”.

من المسلّم به أن إدارة بايدن تعيق فعلياً الجهود الدبلوماسية لإجراء مفاوضات تهدف لإنهاء هذه الحرب، حتى إنها رفضت منح أوكرانيا أية قوة تفاوضية دبلوماسية فيما يتعلق بتحقيق تراجع محتمل للعقوبات والإجراءات الأمريكية الأخرى للمساعدة في ضمان وتأمين السلام، ولطالما كان كبار الدبلوماسيين في واشنطن غائبين على نحو ملحوظ عن أي نوع من الحوار مع نظرائهم في موسكو.

وتشير تصريحات الإدارة إلى أنها تتوقع استمرار أمد هذه الحرب لفترة طويلة، ما يؤكد أن النهاية السريعة لتفادي القتل والدمار ليست مثيرة للاهتمام، حتى إنها غير مرغوبة بالنسبة للامبراطورية الأمريكية، وبدورها ذكرت وسائل الإعلام الأوكرانية أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أخبر زيلينسكي، نيابة عن قوى الناتو، أنه “حتى لو كانت أوكرانيا مستعدة لتوقيع بعض الاتفاقيات بشأن الضمانات مع بوتين، فإن قوى الناتو غير مستعدة”.

في الحقيقة، هذه ليست مجرد حرب أخرى، إنها حرب بالوكالة تشنها إحدى أكبر قوتين نوويتين في العالم ضد أكبر قوة نووية أخرى في العالم، فهي أخطر من حرب العراق، وحرب فيتنام، حتى إنها أكثر خطورة من أي حرب أمريكية حدثت، لأن لروسيا أسبابها الوجيهة للاعتقاد بصورة متزايدة أن وجودها كدولة يتعرّض للتهديد.

لم يخف وزير الدفاع الأمريكي أن أمريكا تهدف من هذه الحرب “لإضعاف” روسيا، حتى إن بايدن نفسه أدلى بتصريحات لا يمكن تفسيرها إلا على أنها دعوات لتغيير النظام في موسكو، وبحسب تصريحات سرّبها مسؤولون أمريكيون للصحافة، سهّلت الاستخبارات بشكل مباشر قتل الجنرالات الروس، وإغراق سفينة حربية روسية، حتى الطبقة السياسية الإعلامية الامبريالية لم تعد تنكر أنها حرب بالوكالة لصالح الولايات المتحدة، وفي استدارة سريعة تنذر بالقلق من الموقف السابق لوسائل الإعلام التي تدعي أن هذه الحرب بالوكالة هي مجرد “اتهام” تروّج له روسيا فقط، نرى الآن أن استخدام هذا المصطلح أصبح أكثر انتشاراً في المنافذ الإخبارية المرخصة، فقد أعلنت صحيفة “نيويوركر” على الفور أن الولايات المتحدة تخوض “حرباً كاملة بالوكالة مع روسيا”، وقال عضو الكونغرس الأمريكي سيث مولتون لشبكة “فوكس نيوز” مؤخراً: إن الولايات المتحدة في حالة حرب مع روسيا من خلال وكيل.

قال مولتون: “في نهاية المطاف، علينا أن ندرك أننا في حالة حرب، ولسنا في حالة حرب فقط لدعم الأوكرانيين، نحن في الأساس في حالة حرب مع روسيا، على الرغم من أنها إلى حد ما من خلال وكيل، ومن المهم أن ننتصر”.

إنها ليست حرباً بالوكالة فحسب، بل إنها حرب أثارتها الولايات المتحدة عن قصد، فقد كان لدى كارتل الاستخبارات الأمريكية رؤية واضحة حول خطط روسيا، ما يعني أنهم يعرفون أيضاً كيف يتجنبون هذه العملية، فكل ما سيتطلبه الأمر بعض المناورات منخفضة التكلفة، كالوعد بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، فضلاً عن وعد زيلينسكي بحمايته وحكومته.

لسنوات عديدة، حذر الكثير من الخبراء الغربيين من أن السلوكيات التي تتبعها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ستؤدي إلى المواجهة، وقد أُتيحت كل الفرص للابتعاد عن هذه الحرب، لكن الدوائر السياسية وأصحاب القرار في الولايات المتحدة سرّعوا وتيرة الضربة.

كان كل ما حدث مع سبق الإصرار بهدف رئيسي يتمثل بإضعاف روسيا، وإحداث تغيير في النظام في موسكو لضمان الهيمنة الأمريكية أحادية القطب، وكانت إدارة بايدن ضمن سلسلة طويلة من صناع القرار الذين اختاروا هذه المواجهة التي تهدد السلام العالمي، فالسماح باقتراب العالم من حرب نووية يجعل بايدن بالفعل أسوأ رئيس أمريكي منذ عهد بوش، وعلى الأقل، قد يُظهر التاريخ أنها الإدارة الأكثر فساداً على الإطلاق.

مما لا شك فيه، يعتبر منع الحرب النووية أهم وظيفة فردية لرئيس الولايات المتحدة، لكن هذه الإدارة تقوم فقط بالمراهنة على الصراع النووي بوتيرة متزايدة كل يوم، وحتى لو نجت البشرية من هذه المواجهة، ومن المواجهة مع الصين التي تليها، فسيظل بايدن رئيساً فاسداً لا يمكن الصفح عنه، لأنه سمح لها بالاقتراب من هذا الحد، فلا يوجد أي عذر للمراهنة على حرب نووية قد تنهي الحياة على سطح الأرض.