“الناتو” يصرّ على الاقتراب من روسيا..
تقرير إخباري
لن تنتظر واشنطن ولندن موافقة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على طلب انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، حيث بادرت كل منهما لاتخاذ خطوات واضحة لتسريع عملية الانضمام، بل أعلن الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الجاهزية لاستخدام أراضي الدولتين والتمركز فيهما بمجرّد تقديم طلب بهذا الخصوص، وهذا يعني أن الناتو المحكوم من واشنطن مصرّ على استفزاز موسكو إلى أبعد الحدود، وعلى استخدام الدول الأوروبية وقوداً لحرب مدمّرة قد تنشب في أي وقت، حيث سيكون السلاح النووي هو السلاح الأبرز فيها، لأن بنية الناتو العسكرية في أوروبا تتضمّن في طبيعة الحال صواريخ استراتيجية، ما يعني أن الأقاليم الروسية الغربية ستصبح مهدّدة بشكل مباشر، حيث سيصبح الحلف على تماسٍ مباشر مع مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، فضلاً عن أن وصول قوات الحلف إلى هاتين الدولتين سيجعل جيب كالينينغراد الروسي خلف قوات الناتو، الأمر الذي لن يعطي موسكو فرصة مطلقاً للتريّث في الرد على هذا الإجراء، وهذا بالضبط ربما يكون الحاجز الأخير الذي يمنع روسيا من الدخول في حرب شاملة مع الحلف، فهل يدرك الأوروبيون ماذا يرسم لهم حليفهم الأطلسي من خلف المحيط، في الوقت الذي يتصرّف فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كأداة طيّعة في يد سيّده في البيت الأبيض؟
فمن المتوقّع أن تتقدم فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى الحلف في الأيام المقبلة وأن يتم منحهما العضوية بسرعة، وهذا ما أظهرته زيارة جونسون أمس للعاصمتين هلسنكي وستوكهولم، حيث سيتم التصديق على عضوية كل من الدولتين في قمة الحلف في مدريد في حزيران المقبل، وخلال هذه الفترة سيعزز الحلف وجوده في شمال أوروبا، ويزيد من عدد مناوراته العسكرية هناك، وتتمركز قوات أمريكية وبريطانية على أراضي هاتين الدولتين.
ولكن مسؤولاً عسكرياً صينياً أفاد لصحيفة “The Economist”، بأن الحرب في أوكرانيا ستسرّع التحول الجيوسياسي من الغرب إلى الشرق، فكلما ازداد انضمام الشرق للناتو أصبحت أوروبا غير آمنة.
وأضاف المسؤول وهو الرئيس السابق لمركز التعاون الأمني الدولي بوزارة الدفاع في الصين، للصحيفة: عندما تنضم فنلندا إلى الناتو، قد تظهر قوات التحالف في المنطقة المجاورة مباشرة والقريبة من سانت بطرسبورغ الروسية، مشيراً إلى أن “الكرملين كان قد حذر من عواقب انضمام أعضاء جدد كفنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، حيث ستنهي مثل هذه الخطوة الوضع غير النووي لبحر البلطيق”.
وتابع المسؤول قائلاً: “من المفارقات أنه كلما زادت شعبية ناتو، أصبحت أوروبا أقل أمناً. إذا كان الخوف الرئيسي لحلف الناتو هو إطلاق أسلحة نووية تكتيكية روسية، فلماذا إذن يضايق الناتو روسيا بلا كلل؟ الأمن في أوروبا، الذي أصبح الآن شيئاً من الماضي، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون مع روسيا”.
إذن تغامر واشنطن ولندن بموضوع الأمن الأوروبي إلى أبعد الحدود، لأن المسؤولين الروس حذّروا غير مرة من أن الاستمرار في محاولة التمدّد نحو الحدود الروسية سيؤدّي إلى عواقب وخيمة، وخاصة أن ترسانة الحلف النووية ستشكل تهديداً مباشراً للأراضي الروسية، فهل نحن أمام سيناريو حرب نووية مدمّرة تنطلق شرارتها من شرق أوروبا، ولاسيما بعد تحذير العقيد المتقاعد والمستشار السابق لوزير الدفاع الأمريكي دوغلاس ماكغريغور، من أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ربما تخطط لإشعال حرب بين الناتو وروسيا، باستخدام غزو بولندا العضو في الناتو لغرب أوكرانيا ذريعة لذلك، وذلك بالاتفاق مع النظام في كييف الذي تتحكم به واشنطن، حيث تعوّل الأخيرة على الصدام المحتمل بين الجيشين الروسي والبولندي، الأمر الذي سيمكّن من عقد مجلس الناتو ومناقشة تطبيق المادة الخامسة التي تنص على الدفاع المشترك، وبالتالي دخول الناتو مباشرة في الحرب ضدّ روسيا.
طلال ياسر الزعبي