“خزانة أسرار” النحات مصطفى علي في دمشق القديمة
يُفتتح في كاليري في دمشق القديمة مساء السبت القادم معرض لمجموعة من الدراسات والرسوم للفنان مصطفى علي التي قاربت في عددها الـ 60 مخططاً مع بورتريه و”اسكيز”، وهذه الدراسات النادرة ما هي إلا يوميات الفنان مع منحوتاته التي سينجزها، أو يفكر في تنفيذها يوماً ما، أو نفذ بعضها، وتعتبر هذه الرسوم الورقية ذات أهمية كبيرة كونها تسجل بداية ولادة أي عمل قادم، خاصة في مجال النحت والأعمال النصبية التي تتطلب مجسمات صغيرة “ماكيت” قبل التنفيذ، ودراسات طويلة من التفاصيل في دراسة الحركة والتوازن في الجملة التعبيرية، ومن النادر أن يقوم الفنان بعرض هذه التفاصيل التي تحصل في مطبخه للجمهور، إلا أن النحات مصطفى علي يولي الأهمية الكبيرة لهذه الفترة التي تسبق ولادة العمل، حيث يبقى الشكل النهائي تحت مختبر الفنان المشغول بقلقه المبدع، ويبقى يحذف ويضيف وربما يلغي الفكرة الأساسية ويذهب إلى فكرة جديدة تولدت من خلال تلك الأفكار التي رسمت بقلم الرصاص أو بالحبر على الورق، هذه التفاصيل ربما لا يعرفها المتلقي، إلا أنها قد تكون بأهمية العمل النهائي إن لم تتفوق عليه لأنها سجلت تفاصيل تفكير هذا الفنان في الجوانب التعبيرية والمعمارية الهندسية، واحتمالات تبديل خامة العمل ومادة التنفيذ الأساسية، هذا السجل لا يخلو من عاطفة واعية وناقدة، ومن الضروري للفنان الاحتفاظ بهذه التفاصيل لأنها جزء من شهادة ميلاد العمل الفني وسيرته، وقد يصل عدد الدراسات أو “الاسكتشات” للعمل الواحد إلى العشرات أو المئات، فضلاً عن زمن استغراق الفنان في تفكيره وحلمه بما سيولد بين يديه بعد هذا اللوبان الشاق.
ربما يكون هذا المعرض من المعارض النادرة، حيث تُفتح خزانة أسرار الفنان ويومياته أمام المتلقي بكرم فائض قلما نلحظه عند الفنانين وأصحاب الحرف الخلاقة.
ومن المعروف أن النحات مصطفى علي أحد أبرز النحاتين السوريين حالياً بما تتميز به تجربته الواسعة ونجاحه في تأسيس داره الثقافية الفنية التي استقطبت ودعمت عدداً كبيراً من الفنانين الشباب بتوفير المواد اللازمة للنحت، وإقامة الملتقيات والندوات المتخصصة بفنونهم، فضلاً عن إقامة معارض لأعمالهم التي تنافس لوحات ومنحوتات المخضرمين.
أكسم طلاع