روسيا والصين نحو عالم متعدد الأقطاب
هيفاء علي
أشار السفير الصيني لدى روسيا تشانغ هانهوي في نيسان الماضي إلى أن الصين ستسعى جاهدة لتطوير العلاقات مع روسيا بغضّ النظر عن حالة علاقات موسكو مع الدول الأخرى، مضيفاً أن العلاقات بين روسيا والصين تشهد نقطة انطلاق جديدة، فمستقبل البلدين لا يعتمد فقط على تنمية التعاون بين موسكو وبكين، ولكن أيضاً على البشرية جمعاء.
وبحسب المسؤول الصيني، كانت روسيا وستبقى قوة عظمى ولاعباً رئيسياً في السياسة العالمية، وأي محاولة لتهميش روسيا لن تثمر، ونحن مستعدون مع موسكو لبذل جهود مشتركة للحفاظ على السلام العالمي وضمان العدالة وتشكيل عالم متعدّد الأقطاب حتى يتمكن أطفالنا الصغار من العيش بكل فخر وكرامة.
في السياق ذاته، دعا وزير الدفاع الصيني وي فنجي الولايات المتحدة إلى التوقف عن استغلال قضية أوكرانيا لتشويه سمعة بكين، وذلك في إطار ردّه على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين بأن الولايات المتحدة ستتصرف إذا ثبت أن الصين تدعم تصرفات روسيا في أوكرانيا. وكانت وزارة الخارجية الصينية قد رفضت بشدة تصريح بلينكين بأن إحجام بكين عن إدانة روسيا يتناقض مع موقفها من ميثاق الأمم المتحدة، مشددةً على أنها تتخذ موقفاً مستقلاً وحيادياً من الأزمة في أوكرانيا. وجدير بالذكر أن التجارة بين روسيا والصين قد نمت بشكل كبير، وفقاً للمعلومات الواردة من الإدارة العامة للجمارك الصينية، حيث أشارت الأرقام إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 38.17 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2022، بارتفاع أكثر من 28.7٪ مقارنة بالربع السابق.
إضافةً إلى ذلك، تمّ افتتاح أول جسر للسكك الحديدية فوق نهر أمور الذي يربط روسيا بالصين في نيسان الماضي خلال حفل في الشرق الأقصى الروسي، حضره نائب رئيس الوزراء الروسي، مبعوث الرئيس لمنطقة الشرق الأقصى الفيدرالية، يوري تروتنيف، الذي لفت إلى أهمية هذا الحدث المهم لكل من الشرق الأقصى، حيث تمكن البلدان من التغلب على جميع الصعوبات الطبيعية والمناخية، كما يتوافق حجم بناء البنية التحتية مع أهميتها في تطوير التعاون الاقتصادي الروسي الصيني، ولاسيما في ظل ظروف التحديات الجديدة للدول المعادية. وسوف يصبح أول معبر للسكك الحديدية بين البلدين الصديقين رابطاً رئيسياً على طريق التصدير الجديد، ومحفزاً لإنشاء صناعات جديدة ومراكز لوجستية في الشرق الأقصى. وفي الوقت عينه، سيعمل على تحسين الوصول إلى أجزاء كثيرة من الشرق الأقصى. هذا ويشكل الجسر جزءاً من مبادرة الحزام والطريق الصينية الطموحة، التي تمولها بكين لتعزيز التجارة الأوروبية الآسيوية، اذ يمكن ربط شبكة السكك الحديدية في شمال شرق الصين بخطوط السكك الحديدية العابرة لسيبيريا. وقد تمّ تنفيذ هذا المشروع بمشاركة الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، وشركة السكك الحديدية الروسية، وتبلغ قيمته نحو 10 مليارات روبل، ويزيد طول الجسر عن 2.2 كم، منها 309 أمتار تمر عبر الأراضي الروسية.
وقد بدأ بناء الجسر في عام 2014، وأكملت الصين بناء قسمها، الذي يمثل أربعة أخماس إجمالي طوله البالغ 2200 متر، وربطت روسيا الجسر في البداية بالصين في عام 2019. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد كشفت أن موسكو وبكين أعدّتا جميع البنى التحتية لإجراء تعاملات تجارية مع بعضهما البعض بالعملات الوطنية لبلديهما، مما يعني أن البلدين ابتعدا عن الدولار الأمريكي في التجارة. وفي نهاية نيسان الماضي، قال نائب وزير الخارجية الروسي إيغور مورغولوف في مقابلة مع وكالة “نوفوستي” الروسية: “إن موسكو وبكين شيّدتا البنية التحتية الكاملة للانتقال إلى التجارة بالعملات الوطنية، وقد قمنا ببناء البنية التحتية اللازمة مع الصين في هذا المجال، وهناك بنك في روسيا لوضع إجراءات المقايضة مع اليوان. كما تمّ إبرام اتفاقية بشأن تبادل العملات بين البنكين المركزيين في البلدين”.
هذا وتحاول روسيا منذ سنوات تقليص اعتمادها على الدولار في ظل سياسة العقوبات التي تتبعها الولايات المتحدة والدول الغربية ضد روسيا، حيث استخدمت واشنطن العملة الأمريكية كأداة للعقوبات، بعد أن شنّت روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.