اقتصادصحيفة البعث

المؤتمر الأول للطاقات المتجددة.. قانون جديد ومشاريع استثمارية وتحفظات على “جموح التفاؤل”

دمشق – ريم ربيع

جرعة تحفيزية دسمة حاول المؤتمر الأول للاستثمار في الطاقات المتجددة والكهرباء أن يقدمها للمستثمرين عبر قوانين وتشريعات وتسهيلات يجدها أصحاب القرار مشجعة –وأكثر- فيما لا يزال المستثمر متردد أمامها، فالأوراق التي حملها المحاضرون في المؤتمر كانت مثقلة بجرعات تفاؤل عالية أمام واقع كهربائي رديء كان هو السبب الأساس في “لحلحة” قوانين الطاقات المتجددة بعد تأخر سنوات.

سوق واعدة

خلال الجلسة الأولى من المؤتمر الذي عقد في فندق بيت الياسمين بدمشق وحضره رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمحافظين والدبلوماسيين، أكد رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على أهمية القطاع الكهربائي كرافع أساسي لكل القطاعات، والتوجه لتشجيع الإنتاج بالطاقات المتجددة عبر قانون الاستثمار الذي منح ميزات تفضيلية لمستثمري الطاقات المتجددة، فيما حددت وزارة الكهرباء الاستراتيجية والاحتياج والطريقة لبيع الكهرباء المنتجة للمستهلك أو للوزارة، فمجموعة التشريعات الموجودة تتيح للوزارة الأخذ بكل أشكال الاستثمار، معتبراً أن السوق السورية واعدة للاستثمار وبحاجة لكل الطاقات المتاحة.

وأشار عرنوس إلى وجود مشاريع يجري تنفيذها الآن إضافة إلى دخول مجموعات أخرى بالإنتاج هذا الصيف، موضحاً أنه تم الاتفاق مع مجموعة شركات للتعاقد معها. وحول صندوق دعم الطاقات المتجددة لفت عرنوس إلى منحه سلفة 10 مليار ليرة، علماً أن تمويله مستمر من خلال نسبة من كل ليتر مازوت أو بنزين يباع، متوقعاً أن يتجاوز الاستثمار فيه 30 مليار ليرة مع نهاية العام.

طموح.!

وزير الكهرباء المهندس غسان الزامل ركز على الاستثمار بالطاقة البديلة في المرحلة المقبلة، كونه رابح ومجدٍ، بالتوازي مع دعمها بالسياسات والتشريعات وفي مقدمتها القانون 23 لصندوق دعم الطاقات المتجددة، والقانون 32 بجواز شراء الكهرباء المنتجة، معتبراً أن الاستثمار في الكهرباء هو الداعم الحقيقي وصمام الأمان للاقتصاد، فالأبواب مشرعة أمام المستثمرين الحقيقيين بعد أن قدمت الدولة كل الدعم لضمان نجاح هذا القطاع الحيوي.

ولفت الزامل إلى وضع خارطة طريق لخلق بيئة استثمارية طموحة، وإدخال التعديلات اللازمة على التشريعات، والتوسع بالمشاريع الموجودة، لانتقال الإنتاج للمصادر اللامركزية، وتحول المستهلك إلى جزء من منظومة التوليد، واقتصار شبكة التوزيع تدريجياً لإدارة الشبكة فقط.

فجوة الدعم

معاون وزير الكهرباء د.سنجار طعمة أوضح أن القطاع يحتاج استثمارات ضخمة نظراً لمحطات التوليد الكبيرة والشبكات، فبسبب العقوبات عجزت الكثير من الشركات المتعاقدة عن تنفيذ الإصلاحات في محطات التوليد، فضلاً عن صعوبة تأمين القطع الأجنبي الذي يشكل 85% من العقود، مما تسبب بعجز عن تأمين كامل الطلب على الطاقة.

وأشار طعمة إلى معاناة القطاع الكهربائي من الفجوة بين تكاليف الإنتاج وتعرفة البيع، مقترحاً أن يتم إيجاد توازن لضمان استمرارية التغذية وتحقيق مردود جيد، معتبراً أن عدم توازن أسعار حوامل الطاقة وانخفاض كميتها جعل المجتمع يتجه نحو الطاقة الكهربائية، مما صعّب مهمة تلبية الطلب المتزايد، ومع ذلك تمكنت الوزارة –بالحد الأدنى- من الحفاظ على الشبكة الكهربائية رغم الفاقد الكبير الحاصل، وتسرب الكوادر الخبيرة، لافتاً إلى التوجه لأتمتة قطاع التوزيع لمعرفة الكميات الموزعة والفاقد بدقة وبالتالي تنظيم العلاقة مع المستثمر.

وعن الاستثمار في الطاقات المتجددة بيّن طعمة أنها بحاجة تمويل ضخم وتخصيص أراضي واسعة وهو ما يتم تحضيره اليوم، مؤكداً أن الطاقات المتجددة تعمل كجزء ورافد للشبكة ولا يمكن أن تلبي كامل الطلب، فيما يتم التوجه لتوطين صناعة الطاقات محلياً وحوكمة قطاع الكهرباء بسبب الحاجة لخلق سوق منظم.

متواضعة

مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة د.يونس علي بيّن أن سماع الطرف الآخر من مستثمرين وصناعيين هو الأهم للنهوض بالقطاع، موضحاً أننا لا نزال في بداية الطريق والخطوات متواضعة على أرض الواقع وذلك بمبررات موضوعية، إلا أن الزخم مختلف اليوم لدعم القطاع، وحالياً يوجد 80 مشروع باستطاعة 25 م.و مربوطة بالشبكة.

الاستراتيجية بالأرقام

بدوره تحدث المهندس أدهم بلان عن الإستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة بالأرقام، حيث أوضح أن التحديات فرضت التحول لزيادة الكميات المولدة في الطلب والتوزيع وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، عبر تطوير المنظومة وتطوير التكنولوجيا وخلق فرص عمل جديدة.

وبيّن بلان أن إنتاج الكهرباء كان في 2007 حوالي 46.2 مليار ك.و.س وكان الاستهلاك 3.8 مليون طن و6.6 مليار م3 من الغاز، وارتفع 2011 ليصبح الإنتاج 49 مليار ك.و.س واستهلاك 3.8 مليون طن فيول، و7.3 مليار م3، لتنخفض في 2021 إلى 23 مليار ك.و.س واستهلاك 1.67 مليون طن فيول، و3.3 مليار م3.

وأوضح بلان أنه وفقاً لاستراتيجية الطاقات المتجددة سيكون الإنتاج في 2025 حوالي 32 مليار ك.و.س ومع إدخال مشاريع الطاقات تصبح 37 مليار ك.و.س فيما يسجل الطلب 48 مليار ك.و.س، وفي 2030 سيثبت الإنتاج على 32 مليار ك.و.س لتصبح 47 مليار مع إضافة الطاقات المتجددة، مقابل طلب 55 مليار ك.و.س، فيما يقدر حجم الاستثمار اللازم بـ3.5 مليار دولار منها 30% قطاع خاص و30% من مستخدمي الطاقة بكافة القطاعات.

إعادة نظر بالتسعيرة

ورغم كل ما تم الحديث عنه من تسهيلات ومرونة في التشريعات، بدا أن تخوفات وأسئلة المستثمرين لا تزال كثيرة ومحقة تجاه ضمان حقوقهم وتيسير إجراءاتهم، وسط تحفظ البعض على التفاؤل الكبير بالاستراتيجية، حيث أشار أحد المستثمرين إلى ضرورة إعادة النظر بسعر شراء الطاقة من المستثمر، إذ زادت التكلفة 40% بسبب الظروف العالمية والمحلية، مبيناً أن كلفة المحطة تحتاج 12 عاماً لاستردادها، إضافة لضرورة إعفاء المعدات من الضرائب والرسوم فالانفرترات المستوردة من الصين يتم دفع جمركها مرة في لبنان ومرة في سورية، ليأتي رد الوزير الزامل بأن قرار التسعيرة صدر قبل الحرب الأوكرانية ويمكن إعادة النظر فيه حيث طرح التسعير على عدد من المستثمرين مؤخراً، موضحاً أنه حسب دراسة الوزارة يمكن استرداد رأس مال المشروع خلال 5-7 سنوات.

دعم مخيف ومجحف.!

وضمن رده على التساؤلات المطروحة أكد الزامل وجود مشاريع لإنشاء محطات تقليدية أيضاً لكنها تتعثر بالحصار والعقوبات فيما نؤمن بالكاد الحاجة من المشتقات النفطية، معتبراً أنه مادام يوجد دعم “مخيف ومجحف” للكهرباء المنتجة ستبقى السلعة مستباحة من كل القطاعات، فالفاقد الذي كان 19% ارتفع لـ26% واعتقد أنه أكثر من ذلك، أما بالنسبة للسجيل الزيتي فهو يحتاج إمكانيات هائلة، إذ تكلف المحطة 4 أضعاف المحطة العادية إضافة لكلفة استخراجه، مشيراً إلى عرض مشاريع من قبل شركات روسية لا تزال قيد النقاش والدراسة من قبلهم.

مشروع قانون جديد

وخلال حضوره جلسة النقاش لفت وزير الطاقة اللبناني وليد فياض إلى تحضير مشروع قانون في لبنان بحيث يتمكن المستثمر من إقامة محطة وبيع الطاقة لأي مشترك عبر الشبكة بأي سعر يرغبه تحت سقف محدد، لتحكمها آليات العرض والطلب، ليؤكد بدوره د.سنجار طعمة أن الوزارة تعمل على مشروع قانون يتضمن الفكرة ذاتها ليعالج علاقة المنتج مع المستهلك ومنع الاستغلال في الوقت ذاته.

مستقبل واعد

رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس لفت إلى رغبة الكثير من الصناعيين بتحويل معاملهم للطاقة البديلة ورفد الشبكة بالكهرباء، فالمستقبل واعد جداً في هذا القطاع ويشجع الصناعيين للدخول بقوة كقطاع خاص لرفد الشبكة الكهربائي، مشيراً إلى وجود 3 مشاريع في عدرا الصناعية لتزويد الصناعيين بالكهرباء وكذلك في حسية وفي الشيخ نجار، إضافة إلى أن الكثير من الصناعيين خاصة في ريف دمشق يتحولون للطاقة الشمسية، معتبراً أن المحفزات المقدمة جيدة.

مصير خط الربط.!

وعلى هامش المؤتمر أجاب وزير الطاقة اللبناني على تساؤلات الصحفيين حول مصير خط الربط الكهربائي الذي أنجز من الجانب السوري، ليرمي الكرة في ملعب صندوق النقد الدولي وانتظار لبنان التمويل منه وسط تركيزه الحالي على خط نقل الغاز أولاً، مؤكداً على التجاوب الكبير والسريع الذي أبدته سورية في هذا المجال، بينما أكد وزير الكهرباء غسان الزامل أن بعض الدول الأوروبية فوجئت من جدية سورية وسرعتها بإتمام مهمتها في إصلاح الخط بزمن قياسي، مؤكداً على الالتزام بكل التعهدات والاتفاق من الجانب السوري.