المفاوضات الإيرانية السعودية.. بانتظار الجولة السادسة
علي اليوسف
الأجواء الإيجابية كانت سيدة الموقف في الجولة الخامسة من المفاوضات بين إيران والسعودية نهاية الشهر الماضي، والتي تركزت هذه المرة على الجانب الأمني بحضور نائب مستشار الأمن القومي الإيراني، ومدير المخابرات السعودية. وما دامت الأجواء إيجابية حسب تصريح الطرفين، فهذا يعني أن الجولة المقبلة من المفاوضات قد تصل إلى المستوى الدبلوماسي، ما يعني بالضرورة أن جميع الملفات العالقة ستجد طريقها إلى الحلّ، وبالتالي من المتوقع أن يكون هناك لقاء سادس على الأراضي العراقية قد يجمع وزيري الخارجية.
حتى الآن فإن الثابت في مبدأ هذه المفاوضات هو أنه منضبط في الظاهر، يستند إلى قليل من المعلومات حول جدول الأعمال وطبيعة الملفات التي يناقشها الطرفان. فمن جهة لا تريد إيران أن يكون الاتفاق حول مسائل معروفة، لأن ما يهمّ طهران أن تخرج من العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية عليها. في المقابل بدأت السعودية في تغيير مواقفها ولم يعُد لديها أي “فيتو” ضد أيّ تواصل مع طهران، وباتت تعتبر أن من شأن هذه المفاوضات المباشرة أن تفتح آفاقاً لاجتراح الحلول التي كانت في الأمس القريب صعبة المنال.
ولا شك أن المفاوضات المباشرة كان لها الدور الأهم في تطوير التقدم وإزالة سوء التفاهم، أو بالأحرى تبديده. وما يؤكد هذه الرؤية أن كلا البلدين لا يريدان للمفاوضات أن تكون شكلية كي لا تراوح مكانها، دون أن تحقق أيّ إنجاز في أي ملف، خاصةً وأنها تأتي في سياق أوسع من المتغيّرات التي طرأت على السياسة السعودية التي تقدّمت بخطوات تجاه الانفتاح ليس على إيران فقط، بل على روسيا والصين أيضاً، كما أنها تحاول في الوقت نفسه الانتهاء من حرب اليمن، والانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على الإيرادات النفطية، إلى اقتصاد متنوّع ينسجم مع رؤية 2030.
صحيح أن جولات الحوار بين السعودية وإيران لن تؤدّي إلى تفاهمات سريعة، نظراً لطبيعة الملفات المختلف عليها والتباين في رؤية كل منهما لمصالحه، لكن المحادثات سيكون من شأنها، على الأقل، تخفيف مستوى التوتر، واحتمال تقديم تنازلات متبادلة، وهو ما أكده المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمود عباس زاده مشكيني بالقول: “سيستمر مسار المحادثات الإيرانية السعودية حتى الوصول إلى نتيجة إيجابية، لأن تعزيز العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية بين إيران والسعودية سيعود بالخير الكثير على المنطقة”.