كفى ٧٤ عاماً.. نكبة فلسطين جريمة لن تسقط بالتقادم
عاطف المغاوري
يحل علينا الخامس عشر من أيار هذا العام لتكمل نكبة فلسطين عامها الـ ٧٤، ولتستمر معها مأساة الشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية، وفي اللجوء والشتات، حيث تشهد الأراضي الفلسطينية توحشا صهيونيا يستهدف الحجر والبشر، وقتلا وتدميرا وتهجيرا وتشريدا وعنصرية بغيضة بحق كل ما هو فلسطيني، ومحاولات محمومة للإلغاء والشطب، وطمس الهوية والرواية الفلسطينية، واعتداءات على المقدسات، وقتل الحقيقة، على مرأى ومسمع من العالم باستشهاد الإعلامية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وهي حية تؤدي دورها في كشف مدى الإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وأيضا وهى جثمان محمول على أكتاف أبناء وطنها وأبناء القدس حيث تعرض لعدوان ليس غريبا أو مستغربا على آلة الحرب والقتل الصهيونية التي تنهش في الجسد الفلسطيني منذ أكثر من ٧٥ عاما، والذي لا يكتفي بالقتل بدم بارد وفى ظل توجيه وتصريحات تحرض على ذلك بل تقوم باحتجاز والتمثيل بجثامين ضحاياها من أبناء الشعب الفلسطيني.
وتأتى ذكرى النكبة هذا العام مع مرور ١٠٠ سنة على صدور صك الانتداب البريطاني على فلسطين من عصبة الأمم، والذي بموجبه كانت بريطانيا صاحبة الوعد المشوؤم الذي بموجبه أعطى من لا يملك لمن لا يستحق (١٩١٧)، فقامت بريطانيا بتسليم فلسطين مع سبق الإصرار والترصد إلى العصابات الصهيونية (١٩٤٨). ومنذ ذلك التاريخ حملت مأساة الشعب الفلسطيني مسمى “النكبة”، وعلى مرأى ومسمع من العالم الذي لم يحرك ساكنا، متجاوزا البيانات والقرارات الدولية التي لا يلتفت إليها من قبل الكيان الصهيوني بفعل ما تمنحه الولايات المتحدة والقوى الغربية من الدعم والحماية.
وما زال العدوان سيد الموقف، ومعه غاب العدل وحلت ازدواجية المعايير، بما نراه من مواقف تتعلق بصراعات أو نزاعات دولية أخرى. وجاءت العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا لتكشف قبح وزيف الآلة الإعلامية الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك لم تختلف الأمم المتحدة عن سابقتها عصبة الأمم في أن كلتاهما تعبير عن علاقات القوى الظالمة الغاشمة والتي تفتقد ابسط قيم العدل والمساواة، حيث أصدرت الأمم المتحدة قرارها الجريمة ١٨١/ ١٩٤٧ بتقسيم فلسطين، ليصبح الظلم مضاعفا وليتم الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني في ١٥ أيار ١٩٤٨، وتكتمل الجريمة بقبول عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة لإضفاء الشرعية الدولية على جريمة الاغتصاب، ولم يكلف القائمون على الجريمة أنفسهم بالنظر والبحث في الشطر الثاني لقرار التقسيم، وما لحق بالشعب الفلسطيني من مذابح وتشرد وتقطيع أوصال المجتمع الفلسطيني بما استحق وصف “النكبة”.
وتتصاعد وتيرة العدوان والاغتصاب عسكريا وإداريا وقانونيا بحق الشعب الفلسطيني على أرضه، فلسطين، وفى اللجوء والشتات، وتزداد النكبة ألما ومعاناة بالنتائج التي أسفر عنها عدوان الخامس من حزيران ١٩٦٧، ليكتمل اغتصاب كامل فلسطين بالإضافة إلى احتلال أراضي عربية دون رادع من المجتمع الدولي، والنظام العربي الرسمي الذي يكافئ الغاصب والمعتدى بمزيد من الاعترافات، والاتفاقات، بل والتحالفات التي أقل ما توصف به أنها تحالفات سفاح، حيث تعقد مع من تزداد جرائمه، وتتلوث يداه بدماء الشعب الفلسطيني، بل والشعب العربي.
وأمام هذه الذكرى، يتعين على المجتمع الدولي وكافة المؤسسات والهيئات الدولية الاضطلاع بالمسؤولية الأخلاقية والقانونية في دعم ومساندة الصمود الفلسطيني وتمسكه بأرضه وحقوقه في مواجهة الاحتلال الاقتلاعي الإستيطاني العنصري وجرائمه، وهنا فإن صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه أبلغ رد على الاحتلال الاستيطانى، والعودة حق وإرادة شعب، وهو ما ترجمته مسيرة الإعلام الفلسطينية أثناء تشييع جثمان شهيدة الكلمة والحقيقة، شيرين أبو عاقلة، في مواجهة ما كان يخطط له قطعان الصهيونية بما أطلقوا عليه “مسيرة الإعلام” لاقتحام باحات المسجد الأقصى.
وفى مواجهة هذا الإجرام الصهيوني، نتوجه بدعوة كافة القوى والأحزاب والهيئات والمؤسسات العربية، والقوى والأحزاب الدولية المحبة للعدل والسلام في العالم للانضمام للحملة الدولية لتوفير الدعم والحماية والدفاع عن الشعب الفلسطيني من اجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف أو التنازل عنها.
نائب في مجلس النواب المصري