تعزيز البنية التحتية وتأهيل الكوادر أبرز تحديات التحول الرقمي والشمول المالي
دمشق – رامي سلوم
اعتبر مشاركون في ورشة العمل القطاعية حول التحول الرقمي في القطاع المالي والمصرفي، أن سوق الخدمات المالية واعدة من الناحية التسويقية، ولاسيما أن 50% من سكان الوطن العربي لا يملكون حسابات مصرفية، ما يجعلها هدفا تسويقيا مجديا لشركات الخدمات المالية.
على الرغم من التقييم الموضوعي لواقع التحول الرقمي في المجال المالي وتوصيفه بأنه لا يزال في بداية الطريق، غير أن التفاؤل بالقدرة على الإنجاز والتوسع كانت حاضرة في تصريحات العديد من المختصين ممن أكدوا قدرة القطاع المصرفي على تقديم مزيد من الخدمات الكفيلة بتحقيق الشمول المالي واستقطاب شرائح أوسع من المشتركين في حال تكافل الجهات المعنية والعمل المشترك لإنجاح الخطة.
واعتبر الأخصائيون خلال الورشة التي نظمتها وزارة الاتصالات والتقانة اليوم أن الشمول المالي يمثل حلولا إضافية للبنوك تخلصها من أعباء السحوبات النقدية، وبالتالي توجيه القدرات لمزيد من التطور والفاعلية، لافتين إلى أن نحو 4 بنوك اليوم بدأت تقديم خدماتها عبر المواقع الإلكترونية الامر الذي سيشمل جميع البنوك في وقت قريب، فضلا عن ربط 6 مصارف مع بعضها ضمن مشروع المحول الرقمي الذي أطلقه مصرف سورية المركزي، ما يعني إمكانية الاستفادة من أجهزة الصراف ونقاط البيع في المنافذ لجميع حاملي بطاقات أي من تلك البنوك من دون تحديد.
وصف المستشار الإقليمي في التكنولوجيا من أجل التنمية في الاسكوا نوار العوا، السوق العربية بالواعدة في مجال الخدمات المالية، لافتا إلى أن سورية كان من أكبر الدول نموا في مجال التحول الرقمي في العام 2020 مقارنة بالعام 2018، وذلك بسبب التحسن الكبير الذي طرأ على الأوضاع في سورية وإنجاز العديد من الخطوات الطموحة في مجال التحول الرقمي والدفع الإلكتروني.
كما أشارت معاون وزير الاتصالات لشؤون التحول الرقمي فاديا سليمان إلى أن التحول الرقمي المالي أحد أهم الفرص في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، معنبرة أن وجود 86% من الأفراد البالغين في العالم خارج الخدمات المصرفية، ووجود نسب واسعة من المواطنين خارج الخدمات المصرفية في سورية يعزز الانتقال للشمول المالي بمفهومه الحقيقي الذي يستهدف تقديم الخدمات المالية لجميع الأشخاص من خلال توسيع الخدمات المالية وطرق الدفع الإلكتروني وعدم حدها بالحسابات المصرفية، معتبرة أننا لا نزال في أول الطريق على الرغم من الخطوات الواسعة في هذا المجال.
وأكدت سليمان إمكانية إطلاق حسابات مصرفية إلكترونية من خلال تعديلات السياسات الحكومية وتعزيز الانتشار، مبينة أن استراتيجية التحول الرقمي تعتمد على مشروعين ماليين وهما مشروع الإدارة المالية، ومشروع الأعمال الإلكترونية التابعان لوزارة المالية ووزارة الاقتصاد على الترتيب، غير أنهما في الوقت نفسه يتقاطعان مع شراكات في المصرف المركزي والوزارات الشريكة وهو جوهر التحول الرقمي المالي.
ومن جانبه كشف مدير التحول الرقمي في وزارة الاتصالات والتقانة الدكتور محمد محمد عن بدء تنفيذ 6 مشروعات من ضمن المشروعات التسع التي أقرتها الوزارة ضمن خطة العام الجاري، وستكون نسب الإنجاز محل تقييم ودراسة ومراجعة دورية، معتبراً أن مشروعات الوزارة في السجل التجاري ومشروع المشتريات الحكومية، والمظلة الخاصة بالمستثمرين جميعها تصب في الإطار المالي، وتعزيز انتشار التحول الرقمي.
وتبرز أهمية التطورات التقنية والبنية التحتية باعتبارها أساسا في انتشار التحول الرقمي غير أن التوجه المعرفي يحتل بعدا واسعا أيضا بعد الكشف عن أن 40% من سكان العالم لا يزالون غير متصلين بالأنترنت، وهنا أشار مدير تقانة المعلومات في مصرف سورية المركزي فراس عيسى إلى أن المصرف المركزي نجح بتنفيذ مشروع المحول الرقمي الذي يربط البنوك والشركات المالية ضمن شبكة واحدة تمكن عملاء أي منها من الاستفادة من الأجهزة والخدمات الخاصة بفروع مصارف أخرى، وذلك بخبرات وطنية، كاشفاً عن المركزي يعمل على تطوير المشروع وشمول كافة المصارف ضمن المنظومة.
وأشار عيسى إلى أن الحديث عن التحول الرقمي من دون إنجاز الخدمات المالية الرقمية غير واقعي، معتبرا بأن الشمول المالي وتبني مخرجات الدفع الإلكتروني على اختلافها يسهل عمل البنوك من حيث عمليات السحب ومراجعة أجهزة الصرافات وغيرها، وذلك من خلال تسديد الفواتير والمدفوعات إلكترونيا، من دون عناء، وتقليص استخدام السيولة النقدية ومخاطر نقل الاموال وغيرها. كما أشار عيسى خلال مناقشته أعمال الورشة إلى أهمية دعم المنشآت الصغيرة كونها رديف حقيقي لتأمين الكوادر المؤهلة للعمل.