عقدة معادلة توزيع الطاقة الكهربائية!!
قسيم دحدل
لسنا ضد أولوية إيلاء القطاع الزراعي ما يحتاجه من طاقة كهربائية لاستمرار الإنتاج، وتوفير المنتجات، لاسيما في ظل المؤشرات المقلقة للأمن الغذائي، والتحديات التي تفرضها المتغيرات العالمية في هذا الشأن، منها الخلل الكبير في استدامة سلاسل الإمداد، ووقف عدد من الدول صادراتها من عدد من السلع الغذائية.
وكما قطاع الزراعة، حظي القطاع الصناعي كذلك وقبل أشهر بالأولوية ذاتها، والهدف استمرار العملية الإنتاجية، وبالتالي التصديرية التي يعوّل عليهما بعدد من الفوائد والعوائد الاقتصادية لدعم الناتج المحلي الإجمالي، علماً أنه لغاية الآن لم نلمس مؤشراً لكل ما قدم لقطاعي الزراعة والصناعة والخدمات على اقتصادنا!.
ولكن، ألا ترون معنا أن اضطرار وزارة الكهرباء لتخفيف توريد الكهرباء على المواطنين من أجل تحويلها للقطاع الزراعي، وقبله الصناعي، حسب تصريح معاون وزير الكهرباء، فيه الكثير من الإجحاف بحق القطاع المنزلي ومتطلباته الضرورية من الطاقة الكهربائية، خاصة أن ما وصفه المعاون بـ “التخفيف” ليس دقيقاً أبداً، حيث وصلت حالياً – في هذا الجو المعتدل – ساعات انقطاع التيار إلى 5-6 ساعات كاملة مقابل ساعة أو ساعة ونصف وصل في العاصمة!.
إن حرمان القطاع المنزلي من الحد المحدد علمياً وعملياً من حقه وحصته كي يتمكن المشتركون فيه من الاطمئنان على تجهيزاتهم الكهربائية، جاهزية وأداء وفعالية (على سبيل المثال يحتاج البراد لنحو ست ساعات عمل كي يؤدي وظيفته التبريدية)، هو غبن كبير نتيجة لما يترتب على ذلك من خسائر لم يعد المواطن قادراً على أبسطها في ظل التضخم الكبير وتراجع القدرة لليرة، حيث إن أي عطل وفي أي جهاز من التجهيزات الكهربائية المنزلية ومهما كان تافهاً يكلّف عشرات الآلاف من الليرات، ناهيكم عن فقدان الوظيفة التي من أجلها وجدت تلك الأجهزة!
المفارقة أن تلك الأجهزة تملأ الأسواق، والسؤال في هذا الإطار: لمن ننتجها؟ ولأجل ماذا نصنعها؟! فإذا لم يكن البراد – مثلاً – لأجل الحفاظ على الغذاء وسلامته، فلم يكون؟! أيشتريه المواطن لأجل أن يفرح قليلاً بما استطاعه من شراء منتجات زراعية وحيوانية (للاستهلاك اليومي والمونة)، ثم يكون مصيرها القمامة!
على ما يبدو أن أصحاب القرار أسقطوا من حساباتهم أهمية واحتياجات وضرورة الكهرباء لمشتركي القطاع المنزلي، ولم يأخذوا بعين الاعتبار أن المواطنين السوريين يشكّلون السوق الوطني الأول والأهم، وبالتالي فإن أي تغليب لحصتي القطاعين الزراعي والصناعي من الكهرباء لا يجب أن يكون على حساب حصة القطاع المنزلي، إذ في ظل هكذا معادلة الكل سيكون خاسراً ومتأذياً!
أما المفارقة المستغربة الأخرى فتتمثّل بالتكتم وعدم الحديث حول الخطوط الذهبية المعفية كلياً من التقنين (عددها وكم استجرارها الشهري والسنوي وعائدها) التي أغلبها إن لم نقل كلها تذهب للقطاع الخدمي، ما يعني أن تلك الخطوط تستجر من حصص بقية القطاعات وعلى حسابها، وبتكلفة نعتقد أن فيها من الإجحاف لوزارة الكهرباء، فحتى لو كان تمديد تلك الخطوط على حساب أصحابها، فإن ذلك في مصلحتهم وفرة وصيانة وتشغيلاً وعمالة، أي هي أرباح مؤكدة في ضوء أسعار خدمات تلك المنشآت التي حظيت بـ “الذهبية”!.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألم يكن الأصح إلزام تلك المنشآت بتركيب “الطاقة الشمسية”، علماً أن هذا هو التوجه الذي كان؟!
Qassim1965@gmail.com