عشية اصطياف الساحل..!
علي بلال قاسم
يشهد الشريط الساحلي هذه الأيام استعداداً لاستقبال الموسم الصيفي الذي يستقطب بموجبه أفواجا وأمواجا من التدفق الداخلي لواجهة استطاعت أن ترسم حلتها من خلال توفر عوامل ومسببات تخلق منها وجهة لا تعوض حتى ولو كان الأمر مرتبطا بأحداث وأزمات، فالشاطئ السوري بقي في صدارة الجذب ليس للاصطياف فقط بل للإقامة الدائمة أو شبه الدائمة للكثيرين ممن أيقنوا أن زمن الهجرة المعاكسة إلى الريف قد حان بعدما باتت أنماط الحياة وسويتها في خانة المعاناة الواحدة إن كان في المدن أو القرى..؟
ويعرف الجميع أن الشريط الساحلي يشكل أرضاً بكراً وخامة متعطشة للاستثمار السياحي، فالمساحات المفتوحة والتنوع الطبيعي والجغرافي الساحر يجعل منها “اسفنجة تشغيل وتشميل” لا تشبع امتصاص المشاريع بشتى أشكالها وقطاعاتها، لاسيما أن الدولة حرصت أن تبقي الساحل خالياً نوعا ما من لعنة الصناعة ومخلفات المعامل الملوثة في توجه ممنوع القفز عنه، إلا في حالات مدروسة واستثنائية يكون البعد التنموي حاضراً فيها بقوة.
اليوم ورغم الوجع الذي تعاني منه السياحة، راحت العيون تتجه لحجز مكان في رحلة الاصطياف التي تجمع المواطنين من جل المحافظات على طاولة واحدة، في وقت تتحرك شريحة الموظفين لتأمين مقعد في شاليهات ومنتجعات العمال على طول الشريط الساحلي، حيث يصل التنافس و”الطحش” للفوز بشاليه من فئة العمال لدرجة لا يمكن إنكار وجود المبازرة أو المتاجرة أو تحريك الأسعار على مستوى السماسرة والمتصيدين، مع وصول أسعار وأجور القطاع الخاص لمستويات يعجز عنها معدومي الدخل وراغبي الترويح عن النفس.
كل ذلك وأجندة وزارة السياحة لا تخلو من أخبار متتابعة عن تشميل مشاريع ومنح تراخيص وإقلاع بالتنفيذ لمنشآت ليست بالهينة بالقياس إلى كارثية الحرب بصفحتها الاقتصادية والمعيشية وتداعياتها النفسية قبل المادية على رأس المال الذي لا يمكن تناسي جبنه، ولاسيما في السياحة التي ما إن تعطس الأحوال حتى تصاب بالزكام من فرط الحساسية وقلة المناعة عند المشغلين والزبون والمنتج السياحي المقدم .؟
في سياق التعاطي مع خصوصية الساحل وميزاته المتعاظمة ديموغرافياً وجغرافياً ومناخياً يبرز التوجه الرسمي والقطاعي لجعل المنطقة معزولة عن لعنة الحرب وتقديمها بلبوس غني بتنوعاته وتفاصيله لتبدأ رحلة إطلاق المشروعات والعقود السياحية التي طالت عمق البحر في جزيرة أرواد.
ومع تقدير كل الجهود والمحاولات إلا أن الأهم هو فرش كل الطرق المؤدية إلى سياحة الساحل الصيفية بمقومات الخدمات وتسهيل التوافد من حيث النقل وتأمينه وكذلك استبسال مديريات السياحة لجعل السياحة الداخلية هناك شعبية بامتياز تأميناً لخيار الكثرة والوفرة في تعداد القاصدين والمستحقين للترفيه، وبالتالي تحقيق عنصر الترويج واستقطاب الزبائن بأقل الأسعار والأجور المنافسة، لنكون أمام موسم متخم بالمصطافين والمتنزهين في ساحلنا وشواطئنا المتنوعة والغنية.