الفرقة الوطنية للموسيقا العربية تحتفي بالمؤلفين السوريين الأكاديميين
احتفت الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله بالمؤلفين السوريين الأكاديميين الشباب بحفل خاص للموسيقا الآلية على مسرح الأوبرا.
وقد تميّز الحفل بتوظيف الآلة الإيقاعية اللحنية البراقة “المارمبا” ذات النغمات الساحرة التي اشتُهرت بتوظيفها بالعزف الشرقي في بعض الدول، وخاصة مصر، بمشاركة حنين ملحو، كما حفل بمشاركة هوشانك حبش بمؤلفاته وعزفه على الساز، فأضاف صوت هذه الآلة التراثية من شمال سورية الكثير من الجماليات على الحفل، مع دور البيانو إياد جناوي والأكورديون وسام الشاعر.
الدور الغنائي
ورغم شغف جمهور الأوبرا بالغناء إلا أن الموسيقا الآلية فرضت حضورها عبْر السنوات الأخيرة من تاريخ الأوبرا، وأصبح لها جمهورها الخاص الذي يتذوق اللحن الموسيقي، ولاسيما أنه يأخذ صوت المغني في مواضع من بعض المقطوعات. فغنّت حنين ملحو بصوت المارمبا أجمل مقاطع من الفيروزيات تأليف الأخوين رحباني وتوزيع صالح كاتبة، لـ”سهار بعد سهار، وكان عنا طاحون، وعلى مهلك يابى، وعلموني” فتناغمت نغمات المارمبا مع الوتريات والمؤثرات الإيقاعية.
العزف التقني
ومن الفيروزيات إلى توظيف المارمبا بأسلوب العزف التقني المتسارع بمقطوعة عدنان فتح الله وتوزيعه التي تنتمي إلى الخصوصية اللحنية لنمط كابريس بـ”كابريس رقم1″، فتميّزت بالبداية السريعة مع المارمبا والتيمباني وضربات الطبل الكبير والبيانو، ثم تشكيلة الأوركسترا وأخذت المارمبا خط اللحن الأول.
تراث شمال سورية
المنعطف الثاني بالعودة إلى تراثنا الكردي في شمال سورية ومقطوعة رؤية فلكلورية التي ألّفها هوشانك حبش توزيع مهدي المهدي، استند فيها إلى خصوصية ألحان التراث الكردي بالموال والتقاسيم مع إضافاته، فبدأت مع الساز والكمان والمؤثرات الإيقاعية ثم الأوركسترا، ليتخذ الساز اللحن الأساسي بدرجة صوت أعلى ثم يتصاعد اللحن وفق انتقالات تخللتها حوارية بين الساز والأوركسترا مع دور النحاسيات.
أما مقطوعته “مزيج” توزيع ناريك عبجيان فبدت بلحن مغاير يمزج بين المعاصرة والتراث، بدأت بضربات إيقاعية منوعة مع الغيتار، ثم امتدت ألحان الساز مع البيانو وفاصل الأكورديون لتعود مع الأوركسترا.
البعد العاطفي
كما قدّم الحفل أول مؤلفات الموسيقي محمد زغلول بعنوان “ذكرى” توزيع مهدي المهدي، واتسمت بأبعاد عاطفية ودرامية تسربت إليها مشاعر الحزن في مواضع، بدأت مع التداخل بين نغمات البيانو وألحان التشيللو الحزينة مع خط آخر للتيمباني والنحاسيات والطبل الكبير، وتميّزت بفاصل الأكورديون.
رقصات
ومن أعمال المؤلفين السوريين عزفت الأوركسترا لعدنان فتح الله وتوزيعه “عاطفة” التي كانت الافتتاحية بحضور خاص للناي، وعزفت مقطوعة “تحية” لكنان أدناوي وتوزيعه، إضافة إلى مقطوعته الثانية “رقصة شرقية” من تأليفه وتوزيعه، وتميّزت باللحن الحيوي الراقص مع الناي ودور الفلوت والنحاسيات ويمتد اللحن بجمالية متصاعدة مع الخط الإيقاعي وتشابك نغمات الفلوت بلحنية رائعة.
ومن الرقصات أيضاً عزفت الأوركسترا رقصة سورية رقم1 تأليف وتوزيع مهدي المهدي ركز فيها على التمازج بين الإيقاعيات اللحنية والبيانو.
دور “السيديات”
وفي حديث المايسترو عدنان فتح الله مع “البعث” أشار إلى أن أسلوب عزف الموسيقا الآلية يصبّ بأهم أهداف الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بطرح التأليف الشرقي بشكل أوركسترالي، إذ عمل المعهد العالي للموسيقا على تخريج موسيقيين أكاديميين عززوا طموحهم بترك بصمة بالتأليف الموسيقي، وفي كل حفل يكون لدينا عمل جديد لمؤلف سوري، هذا التراتب بالأعمال يؤدي إلى رسم هوية للموسيقا السورية. وأضاف: لدينا حالياً مؤلفات لخمسين شاباً تقريباً، أتمنى أن يأخذوا فرصة ويسجلوا أعمالهم على “سيديات” حتى تنتشر.
وتحدث محمد زغلول عن مقطوعته “ذكرى” التي تمزج ما بين الماضي والحاضر والمستقبل بالتركيز على الدور الوتري المعبّر عن مشاعر تلامس حياتنا من مرحلة الحرب والسلام الذي كنّا نتمتع به، وانتصارنا اليوم على الإرهاب، فحملت شيئاً من التحدي والأمل والتفاؤل ضمن مسار موسيقا الرومانس التي تبعث الهدوء داخل النفس، فبُنيت على مقام الحجاز ثم تداخلات مقامية بين النهاوند والكرد بالتفاعل الأوركسترالي لآلات الأوركسترا وبدور النحاسيات حتى آلة التوبا.
وشكرت حنين ملحو الطالبة في المعهد العالي للموسيقا المايسترو فتح الله الذي أتاح لها فرصة المشاركة لأول مرة بالعزف الشرقي مع الفرقة الوطنية للموسيقا العربية. كما شكر هوشانك حبش فتح الله على الدور الأوركسترالي الذي تقوم به الفرقة وإتاحة الفرصة للمؤلفين السوريين لتقديم أعمالهم، وتوقف عند مقطوعته “مزيج” التي وظّف فيها ألواناً من الموسيقا الغربية مع الشرقي.
ملده شويكاني