تشكيليون… ولكن؟!
أستعيدُ ما كتبه الشاعر اللبناني وأستاذ الأدب في الجامعة اللبنانية الدكتور جودت فخر الدين ذات يوم عن فساد الشعر، متمنياً من أهل الأدب مراجعة ما كُتب في الشعر الحديث منذ انطلاقته في منتصف القرن الماضي، هذه الانطلاقة التي سعت إلى أهداف سامية في التجديد وبثّ بذور التغيير في الأدب والفكر والقيم الاجتماعية، وقد أدّت بالفعل إلى ظهور أعمال شعرية جديرة بالإعجاب والاهتمام والدراسة، وإن كانت قليلة بالمقارنة مع ما تراكم من كميات هذه الحركة على مدى سبعين عاماً، عراها الكثير من التشويش والتخبّط لا بل الفساد بسبب من الفوضى وانعدام المقاييس البنّاءة، والكثير من الكتابات التي انضوت تحت شعار الحداثة، وقد برزت ظواهر ساهمت في إفساد الذوق بل في إفساد النظر إلى الشعر بوجه عام، وبرزت نتيجة ذلك أسماء كان من المتعذّر عليها دخول نادي الشعر لولا هذه الحالة من الفوضى والفساد، أكثر من ذلك، بل تحوّل البعض من هذه الظواهر إلى رموز وأعلام ومرجعيات.
السؤال هنا يذهب نحو المجاور من مساحة الشعر إلى ملعب الفن التشكيلي، حيث الأرض البور والمشاعية والفلاحة من قبل الجميع وكلّ على هواه، وقد يشترك الإعلام مع المؤسّسة الثقافية في هذا الفساد عن طيب نيّة أو قصد!، ونذهب مباشرة إلى الموضوع ونسأل عن دور المؤسّسة الثقافية في تكريس فساد من هذا النوع؟ أو تمرير نماذج من الفن تساهم في تخريب الذوق العام وقد “تفسد الملح ذاته”.
ونشهدُ في الساحة العربية وبعض بلاد الشتات العربي معارض من ذلك النوع التغريبي والغريب، ومن المريب أكثر ذلك الإقبال المحموم من ماكينة الإعلام على ترويج هذا النموذج من التشويه تحت مسمّيات راطنة بالحداثة ومواكبة الأحداث التي عصفت ببعض الأوطان وخرّبتها تحت مسمّيات فصول السنين المحلة!، والأصعب على المرء حين يلاقي هذا النشاز في مدينته أو بلده الحبيب ويحتفي بهؤلاء كنجوم، وما زاد الطين بلة تأثير قنوات التواصل الاجتماعي المفتوحة لكل من هبّ ودبّ، فنجد جحافل الأغبياء توزّع شهادات وتسوّق بضاعة لا يمكن أن نقول عنها إلا فاسدة!.
نسألُ: أين دور الكتابة الموازية للوحة من نقد ودراسات بحثية أكاديمية توثق وتنبش في كلّ ما ينتج، وأين دور مؤسّسة اتحاد الفنانين التشكيليين من أولئك العابثين والمشوّشين؟ حسبي أن في غياب دور هؤلاء جزءاً من فساد!!.
أكسم طلاع