“أنت بحالك وأنا بحالي” !!
لا شك أن التغيير لا يمكن أن يحدث تلقائيّاً لمجرّد الحاجة له، وهو بالتأكيد يحتاج إلى إرادة قوية وحقيقية، وبما يضمن الانتقال إلى واقع أفضل. وخلافاً لذلك، وفي ضوء ما يستجد يومياً من تحديات وصعوبات، معيشية واقتصادية وخدمية، قد لا تقل الصعوبات لمجرد أن الزمن يمر. والسؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه الطرح هو: في أي اتجاه يجب أن يكون التغيير؟ هل في السلوك والممارسة أم في القوانين والتشريعات أم أن الحاجة تتطلب تبني آليات عمل جديدة تكون قادرة على تصويب عملنا المؤسساتي، وهنا أساس وصلب المشكلة التي كسرت كل القواعد الأخلاقية والقانونية وفرضت قواعد جديدة أنتجت أزمات إضافية عمقت الهوة.
ولسنا هنا بصدد الغوص بالتفاصيل وتعداد الأمثلة والشواهد، وهي كثيرة وكثيرة جداً في حلب على وجه التحديد، ولكن ما نود الاشارة إليه هو حضور دور الاعلام الوطني فيما يحدث، وما هي الواجبات المنوطة به أمام هذا الفساد المستشري في منظومة العمل المؤسساتي؟ وهل سيقتصر دوره على التغطيات الاخبارية الكلاسيكية على مبدأ “كفى المؤمنين شر القتال”، و”يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي”؟
ما نعتقده، وبالنظر إلى حجم الدعاوى القضائية المنظورة بحق الاعلاميين – ومنهم كاتب هذه الزاوية – أن عقد الشراكة المفترض بين الاعلام ومفاصل العمل على اختلافها وتعددها قد فرط لأسباب كثيرة في مقدمتها أن الاعلامي بات متهماً والفاسد طليقاً ومدعياً، وهي مفارقة غريبة وعجيبة لا نجدها إلا في عدد كبير من المؤسسات في حلب الغارقة بالفساد من رأسها حتى أخمص قدميها.
خلاصة القول: لم يعد مسموحاً الاختباء وراء الإصبع والاتكاء على الظروف ومخلفات الأزمة والتحايل على الأنظمة والقوانين، والقول دائماً “ليس بالإمكان أفضل مما كان”. ومن هنا، فإن التغيير بات حاجة ملحة، والأهم أن يكون التغيير في العقلية والذهنية بما يؤدي في المحصلة إلى إنتاج بيئة جديدة شعارها التكامل والتشاركية بين جميع الاختصاصات بما في ذلك الاعلام الوطني، لمواجهة التحديات. والعبرة تبقى دائماً في ترجمة ما نسمعه من شعارات فضفاضة ورنانة من قبل البعض إلى واقع ملموس تكون فيه الشراكة بين الاعلام والمسؤول أكثر نضجاً وفاعلية وتأثيراً، فهل سنشهد لاحقاً تغييراً حقيقياً في سياسات عمل مسؤولي مؤسساتنا؟ أم أن الحال سيبقى على ما هو عليه وربما أكثر تعقيداً؟
معن الغادري