سحب خطوط كهرباء واستجرار بين الأحياء المتلاصقة بالاحتيال والتواطؤ على التقنين
دمشق- علي بلال قاسم
أفرزت برامج وأوقات التقنين المتباينة والمطبّقة من حيّ لآخر شكلاً جديداً من الاستجرار غير المشروع، يُضاف إلى السلوك التقليدي المتمثل بسحب خطوط غير نظامية وخارج العدادات المنزلية أو الخاصة بالمنشآت، حيث درجت مؤخراً ظاهرة سحب الخطوط البديلة على تخوم الحدود الإدارية بين منطقة وأخرى وحيّ وآخر، من منطلق أن لكلّ حيّ موعداً مختلفاً عن جواره لجهة ساعات التقنين والتغذية، ما أدى إلى استغلال نسب كبيرة من المواطنين، ولاسيما أصحاب البيوت والمحال المتقاطعة بين الأحياء، لهذه الميزة وسحب خطوط تصل إلى مناطق داخلية “لنحو 200م” وأكثر عبر تغذية وإشراك الآخرين والمعارف، لدرجة المتاجرة والبيع لمواطنين آخرين من الخط المملوك لشخص متنفذ ومقتدر لا تصل إلى خطه يد الضابطة العدلية العائدة لشركة الكهرباء، لا بل في حالات عديدة يساهم موظفو الشركة والطوارئ أنفسهم بتركيب ومدّ هذه الخطوط وكله بثمنه!!.
وبسؤال “البعث” للكثيرين ممن يمتلكون ويستجرون هذه الخطوط عن كثرة وطبيعة ونوع هذه الخطوط، يأتيك الجواب الغريب بأنهم يشترون خطوطاً معفاة من التقنين “حسب ادعائهم”، علماً أن كل المؤشرات تدلّ على الاستجرار غير المشروع، لأن الخطوط المعفاة، لا تنفذ على أيدي مواطنين وأشخاص يتبعون مسالك ومعابر عشوائية ومتشابكة لمدّ الأسلاك والكابلات، التي لطالما يتشابك ويتعارك المستفيدون منها على خطوطهم وتعديات بعضهم على بعضهم الآخر، جراء الفوضى والشبكات المتداخلة وصراعات النفوذ على خطوط الجر المخالفة.
وما يؤكد زيف ادّعاءات مستجري الخطوط تصريحات مدير عام مؤسّسة نقل وتوزيع الكهرباء بأن الإعفاء من التقنين يمثّل حالات خاصة بهدف دفع الإنتاج في القطاع الصناعي في المقام الأول، إضافة إلى تأمين بعض الخدمات الحيوية مثل المستشفيات والجامعات، ولاسيما أن الخط المعفى لا يمكن أن يشمل الاشتراكات المنزلية أو المكاتب، لأنه غالباً ما يكون عبر الشبكة المتوسطة، ولا يمكن للعدادات الأحادية التعامل معها، إضافة إلى ارتفاع تكلفة هذه الخطوط.
ومع حالة حنق الأهالي من استمرار الكهرباء على مدار الساعة لدى منازل بعينها مقابل الانقطاع المستمر –حسب ساعات التقنين المطبقة-، تتواصل عمليات سحب ومدّ وتفريع الخطوط على مدّ العين والنظر، وما مشهدية الشبكات العنكبوتية المنتشرة على محاور وحدود الأحياء النظامية والمخالفة معاً إلا مثال جليّ لا يحتاج أدلة إثبات وقرائن لتحرك أجهزة وضابطة شركة الكهرباء للقضاء على الظاهرة التي تؤذي الحالة الفنية للمحولات ومنع حصولها بالأساس، مع حيوية وأهمية محاسبة عناصر الكهرباء المشاركة والمتواطئة أو تلك الغاضة للطرف والمتعامية عن هذه الارتكابات.
وأمام هذا الواقع يفضي التواصل مع شركة كهرباء دمشق للتأكيد، وعلى لسان مصادرها، بأن التحرك نحو ملاحقة الاستجرار غير المشروع تقوم به الشركة بشكل شبه يومي، ويندرج ضمن إستراتيجية عمل الوزارة وخطتها الوطنية الشاملة لمكافحة ظاهرة الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية بهدف المحافظة على وثوقية المنظومة الكهربائية وضمان حق الدولة، مضيفة أن الضابطة العدلية مستمرة في حملتها الوطنية الشاملة للقضاء على هذه الظاهرة المستنزفة لأموال الخزينة العامة للدولة من جهة، والمضرة بوثوقية المنظومة الكهربائية نتيجة قيام بعض ضعاف النفوس باستجرار الطاقة الكهربائية من الشبكة بطريقة غير مشروعة من جهة ثانية، ويأتي التهديد بأن الضابطة تخالف كلّ من تسوّل له نفسه الاعتداء على المنظومة الكهربائية التي ترصد لها الدولة شهرياً عشرات المليارات من الليرات لدعم القطاع الكهربائي وتوفير مادتي الفيول والغاز لزوم تشغيل محطات التوليد ونقل الطاقة المنتجة وتوزيعها.
يأتي ذلك في وقت تؤكد فيه مؤسّسة نقل وتوزيع الكهرباء أن عدد ضبوط الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية التي تمّ تسجيلها في محافظات دمشق وريفها ودرعا والسويداء والقنيطرة وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية خلال العام الفائت بلغ 26263 ضبطاً موزعة بين “ضبوط عداد أحادي منزلي وعداد أحادي غير منزلي وعداد ثلاثي منزلي وعداد ثلاثي غير منزلي وضبوط مراكز تحويل”.
من جهتها لا تدخر وزارة الكهرباء مناسبة إلا وتشير إلى بذل الجهود الاستثنائية واتخاذ خطوات كبيرة لمكافحة هذه الظاهرة على جميع الأصعدة، الإدارية منها والتشريعية وكذلك الفنية، عبر التشديد على استئصال هذه الظاهرة واتخاذ العديد من الإجراءات، ولاسيما بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 35 الخاص بمكافحة الاستجرار غير المشروع والذي منح الوزارة والجهات التابعة لها صلاحية إغلاق أي منشأة تقوم بالاستجرار غير المشروع، سواء أكانت تجارية أم صناعية أو سياحية لمدة أقصاها خمسة عشر يوماً، وبالتالي سيكون هذا رادعاً كبيراً للمشتركين للامتناع عن هذه الظاهرة، يُضاف إلى ذلك إحداث مديرية خاصة بمكافحة الاستجرار غير المشروع، وتشكيل لجان رقابية لمتابعة وتدقيق عمل المؤشرين العاملين لدى شركات الكهرباء في مختلف المحافظات للوقوف على مدى التزامهم بتسجيل التأشيرات الدقيقة والصحيحة من خلال العدادات كونه مرتبطاً بموضوع الاستجرار غير المشروع.