الأعلام الفلسطينية وحدها التي ترفع في الأقصى
قسم الدراسات
تنشغلُ فلسطين المحتلة هذه الأيام بالدعوات إلى ما يُسمّى “مسيرة الأعلام” التي تطلقها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 29 أيار من كل عام. في هذا اليوم يحاول المستوطنون المتطرفون اقتحام المسجد الأقصى لإحياء ما يدعونه يوم “توحيد القدس” واستكمال السيطرة على المدينة، واحتلال الجزء الشرقي منها، أي البلدة القديمة.
منذ احتلال الكيان الإسرائيلي للقدس الشرقية في حرب حزيران 1967، تصرّ جماعات الهيكل والمنظمات المتطرفة على سلوكها العدائي تجاه المسجد الأقصى، وما زالت منذ ذاك الوقت تسير على النهج نفسه، وكأنه لا يوجد حراس للأقصى قادرين على الوقوف في وجه الدعوات المتطرفة، وتحديداً من منظمة “لاهافا” التي تدعو لاعتبار اقتحام الأقصى مناسبة للبدء بهدم قبة الصخرة المشرفة.
لكن حتى الآن، لم يدرك الكيان الصهيوني أن الأعلام الفلسطينية وحدها التي ترفع في الأقصى وغيره من الأماكن المقدسة، ولعلّ تكرار رفع العلم الفلسطيني، سواء داخل المسجد الأقصى أو خلال جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة، والشهيد وليد الشريف قبل أيام، لهو أكبر دليل على سيادة فلسطين على أراضيها، والأعلام أحد أهم رموز تلك السيادة. لذلك إذا أصرّ الكيان على خرافاته التلمودية، فلا شك أن الانفجار سيكون حتمياً وكبيراً ليس في باب العامود والحي الإسلامي، بل سيشمل أيضاً الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني.
وهذا بالطبع ليس ضرباً من الخيال، لأن الأجواء التي تعيشها فلسطين المحتلة مشحونة جداً بسبب الاستفزازات الصهيونية المباشرة لمشاعر الفلسطينيين، وتصعيد خطير ضد هويتهم وقيمهم ومقدساتهم الدينية. وعليه من المنطقي أن تكون المقاومة حاضرة في القدس وفي الضفة، وهي لن تسمح بتمرير هذه الهرطقات التلمودية في المسجد الأقصى، حيث قالت الغرفة المشتركة التي تضمّ الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية في بيان إن الشعب الفلسطيني “لن يسمح بالمطلق بكسر قواعد الاشتباك والعودة إلى مربع الاستفزازات الذي قلنا كلمتنا فيه بكل قوة”، أي أن تصريحات قادة المقاومة اليوم مع تصريحات قادة المحور تؤكد أن جميع القوى ستكون في المعركة إذا اعتُدي على الأقصى، وأن المقاومة لن تقبل بمحاولات تهويد الأقصى مهما كان الثمن.
كما حذّرت الهيئات والمرجعيات الدينية من القرار الإسرائيلي، وقالت إنها “لا تعترف بأيّ قرار أو قانون بشأن الأقصى المبارك، وأن القانون الدولي لا يعترف بسلطة قضاء الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن هذا القرار يُعدّ خرقاً لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقدس”.
وبرأي المحامي خالد زبارقة، فإن الاحتلال كسلطة قائمة لا يحقّ له تطبيق قانونه على المسجد الأقصى، ولا صلاحية ولا اختصاص لجهازه القضائي عليه، وأوضح: “كل القرارات الصادرة عن محاكم الاحتلال هي قرارات باطلة من أصلها، لأنها صادرة عن جهة ليست ذات اختصاص، بل هي توظيف سياسي للجهاز القضائي الإسرائيلي بهدف تمرير أجندة سياسية على المسجد الأقصى، وهي تعكس الخطورة التي يتعرّض لها المسجد الأقصى من طرف الجهات الرسمية”.
ويرى الباحث المقدسي مازن الجعبري أن مسيرة الأعلام يمكن أن تمضي عبر تصورين: الأول أن تتمّ، مع خطورة مواجهات مع الفلسطينيين في ضوء إدراك الإسرائيليين لهذا الأمر وتبعاته، وسيتزامن ذلك مع إجراءات أمنية عالية مثل إغلاق بابي العامود والخليل، وإخلاء وقمع الفلسطينيين تماماً. أما السيناريو الثاني أن يكون هناك تدخل من المقاومة الفلسطينية، حيث إن هناك تهديدات من غالبية الفصائل بالتدخل، خاصة وأن المسيرة في يوم 29 أيار الجاري، وهو اليوم ذاته الذي تنشر له دعوات من قبل المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة، إلى جانب التحشيد المرافق لمسيرة الأعلام بعد الفشل الكبير الذي مُنيت به العام الماضي بعد “هبة القدس”.
يُذكر أن ما يُسمّى “مسيرة الأعلام” الصهيونية بدأت مع احتلال “إسرائيل” للقدس الشرقية، ويشارك في هذا الحدث الجماعات القومية المتطرفة، وحركات الاستيطان المتشددة، حيث يحاولون المرور عبر الحيّ الإسلامي في البلدة القديمة انطلاقاً من باب العمود وصولاً إلى حائط البراق. وعادة ما تجبر الشرطة الإسرائيلية أصحاب المتاجر الفلسطينيين في الحيّ القديم من المدينة على إغلاق محالهم لمنع حدوث احتكاكات بينهم وبين المتطرفين المشاركين في المسيرة، كما تقيم العديد من الحواجز لمنع وقوع مواجهات بين الفلسطينيين والمشاركين في المسيرة.