“شؤون الأسرة” تحذر من انكفاء الشباب عن المساهمة في الإعمار.. و”الخارجية” تدعو لعقد مؤتمرات للطاقة الاغترابية
دمشق – رامي سلوم
كشف عضو مجلس إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان أنس يونس عن ضعف ثقة الشباب بإمكانية القيام بدورهم في إعادة إعمار البلاد، مشيراً إلى أن مردّ هذا العزوف هو ما يعتري هذه الشريحة من إحباط يضعف اندفاعها وإقبالها على العمل الجاد ويحول دون تولّد الأفكار لديها، داعيا إلى معالجة هذه الحيثية بالسرعة الممكنة.
وأشار يونس خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر الاقتصاد السوري “آفاق ورؤى الاستثمار في مرحلة إعادة الإعمار”، إلى أن لدى الشباب شعور بالإنكفاء وعدم المشاركة، مستعرضا بيانات تشير إلى أن عددا كبيرا من الشباب يرى أنه لن يكون له دور في إعادة الإعمار على الرغم من أنهم ضمن قوة العمل الوطنية، ويحققون دخلاً شهرياً وبعضهم يشارك في إعالة أسرهم، غير أنهم لا يجدون في أعمالهم ارتباطاً أو مشاركة في إعادة الإعمار، في الوقت الذي يجد جزء آخر منهم أنه لا يملك الخبرة الكافية الضرورية لمتطلبات مرحلة إعادة الإعمار.
وأوضح يونس أن مبررات الشباب اختلفت حول عدم شعورهم بالمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار، إذ وإضافة لما سبق هناك جزء كبير من الشباب لا يمتلك الرؤية الواضحة من منطلق أن شهادته الدراسية لا تناسب متطلبات المرحلة وسوق العمل الجديد، فضلاً عن الابتعاد عن الأعمال التي تحقق قيمة مضافة وتكاملا للدراسة بسبب قبول الشباب بأعمال بعيدة عن تخصصاتهم الدراسية بفعل الأوضاع الاقتصادية، كما ترى نسبة من الشباب أن غياب الأطر المؤسساتية والمساواة وغيرها مفقودة لدمجهم في مرحلة إعادة الإعمار.
وبين يونس أن تحليل الآراء يؤدي إلى رصد شعور بالإنكفاء وعدم المشاركة، وعدم توافر الرغبة والحماس بين الشباب، ما يعود لأسباب حقيقية أهمها غياب الفرص الحقيقية وعدم تكافؤ الفرص، وضعف المساواة بين الجنسين، والبيئات المختلف.
كما أكد يونس أن أكثر من 57% من الشباب لم يشاركوا سابقا في أي أنشطة تطوعية، ما يبين بشكل واضح ضعف التواصل والوصول إلى الشباب، بالإضافة لمشكلات التدريب والتأهيل وعدم كفاءته وشموليته، فضلاً عن عدم وجود بيانات دقيقة عن واقع المهن الموجودة، وطبيعة عمل الشباب، داعياً إلى عدم تفريغ المصطلحات من معناها، والعمل على تحقيق متطلبات تنفيذ المشروع مثل إعادة الإعمار والتنمية البشرية وغيرها، وعدم الاكتفاء بترديده بوصفه شعار جاهز في كل مناسبة.
رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان سمر السباعي بينت خلال مداخلتها أن فاعلية الشباب وقدرتهم على المشاركة بإسهام حقيقي في مرحلة إعادة الإعمار يجب أن تكون موضوع اهتمام فائق، مشيرة إلى أن دور الأسرة كبير لأنه المكان الأول الذي يؤسس لشخصية قادرة وفاعلة تعطي شاباً واثقاً متمكناً مؤمناً بقدراته.
من جهتها، عضو مجلس إدارة الهيئة ربا ميرزا أوضحت أن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية كان لها تداعيات على الشباب السوري لا يمكن الخروج منها بالطرق التقليدية، مشيرة إلى أنه يجب تكثيف العمل على مستوى العائلات والأسر لتعزيز ثقة الشباب بدورهم واحترام أفكارهم وتوضيح التحولات والتطورات الراهنة ومدى ملاءمتها لطبيعة الشباب وإمكاناتهم المعرفية واستخدامها في مرحلة إعادة الإعمار.
في سياق متصل، أشار الدكتور المستشار عبد الرزاق إسماعيل من قسم متابعة الشؤون الاقتصادية وإعادة الإعمار في مكتب معاون وزير الخارجية والمغتربين، إلى المعوقات التي تواجه استقدام استثمارات المغتربين، يتصدرها واقع البلاد بعد الحرب على سورية، والحاجة إلى تعزيز البنى التحتية، وتأمين حوامل الطاقة لاستقبال المشروعات النوعية، إضافة إلى تعديل التشريعات الذي بدأ فعلياً من خلال قانون الاستثمار الجديد، معتبراً أن رأس المال يدرس الجدوى المالية ويسعى إلى الربح في النهاية رغم الشعور الوطني والانتماء الذي يوجه المغتربين بشكل دائم للاستثمار والبناء في بلدانهم في مختلف المجالات.
واعتبر اسماعيل أن مسؤولية إعادة الإعمار تشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، لكن الحكومة تتحمل المسؤولية الأكبر كونها المسؤولة عن إعداد التشريعات وتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار وغيرها.
وأكد اسماعيل أن وزارة الخارجية والمغتربين مستمرة في العمل لتعزيز الترابط والتفاعل الإيجابي بين الوطن الأم سورية وكل أبنائها المغتربين من خلال متابعتها المتواصلة لعمل بعثاتها في الخارج وتوجيهها لضرورة مأسسة وتفعيل عمل اللجان الاغترابية والمجالس وروابط الجاليات وإنشاء المزيد منها بغية تكوين إطار أوسع ورؤية أشمل عن الجسد الاغترابي تساعد على الإحاطة بشكل كاف بهموم وقضايا المغتربين واحتياجاتهم الأمر الذي سيعزز الثقة والانتماء الوطني بشكل أوسع.
ولفت اسماعيل إلى دور المغتربين بالتعريف بالبيئة الاستثمارية الجديدة في سورية خصوصاً بعد قانون الاستثمار الجديد والترويج له بهدف جذب الاستثمارات بما يستجيب مع حاجات سورية للمرحلة المقبلة وتفعيل دور المغتربين في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ضرورة السعي لوضع خريطة للجسم الاغترابي السوري وانتشاره الدقيق في جميع أنحاء العالم يتضمن أعداده وأماكن انتشاره وتوزعها والإمكانات المتوافرة، ووضع خطط إستراتيجية دورية وملائمة مع متطلباتها وكذلك توحيد المؤسسات الاغترابية وهياكلها التنظيمية وتكامل نشاطها وأدوارها.
ودعا اسماعيل إلى دراسة واقتراح عقد مؤتمرات للطاقة الاغترابية السورية في جميع أنحاء العالم حسب أماكن الانتشار والفاعلية تضم ممثلين عن الحكومة لمناقشة كل القضايا والهواجس وتذليل العوائق التي تمنع الاستثمار الأمثل للطاقة الاغترابية ووضع خطة متكاملة لدور المغتربين في المرحلة القادمة.