مجموعة العشرين بين البقاء والتفكك
ريا خوري
في سياق النزاعات الدولية وما يمكن أن تصل إليه من سخونة وحدّة وقلق مزدوج، تستشعر مجموعة العشرين خطراً داهماً قادماً يقضّ مضجعها، ويخلخل استقرارها واستمراريتها، ويؤثر تأثيراً كبيراً في ترابطها، وربما يساهم في تفكّكها، وانكسار شوكتها في العالم، وتخرج من قانون التاريخ الذي نظم تلك الانطلاقة.
لا شك أن الخطر قادم من تشابك المواقف، وتعقد القرارات والقضايا العالمية، وتضارب المواقف بين الدول الكبار في العالم الذين يمثلون أقطاب الاقتصاد والمال العالمي الذين انقسموا حول هل ستستمر مجموعة العشرين قائمة على وضعها الراهن، أم أنه سيتمّ تأجيل عقد قمتها في نهاية العام الجاري، أم سيتمّ تفكيكها وحلّها نظراً لانقسام الدول الأعضاء، غير متناسين مواقف العديد من الدول الداعمة لجمهورية روسيا.
من المؤكد أن مواقف الدول التي تشكل البريكس ستبقى متوافقة مع الموقف الصيني، وبالتالي أصبحت الدول الغربية اليوم أمام مفترق طرق حقيقي، وأمام مفصل تاريخي مهمّ، إما أن تقبل بوجود روسيا في المجموعة، وإما أن تعلن تفكيك المجموعة وحلّها، أو تأجيل اجتماعات قمتها لأجلٍ مسمّى.
الجدير بالذكر أنَّ مجموعة العشرين ليست كمجموعة الدول السبع الكبرى، لأن مجموعة الدول السبع الكبرى تضمّ الدول التي تتفق سياستها مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي عندما قررت الولايات المتحدة إبعاد روسيا من هذه المجموعة لم يكن للقرار الأمريكي أية معارضة من قبل الدول الأخرى الأعضاء، أما مجموعة الدول العشرين فهي تمثل طيفاً واسعاً من الدول المنتشرة في مختلف قارات العالم، ولا ترضخ كلّ هذه الدول للولايات المتحدة، بل هي في غالبيتها تملك حرية القرار المستقل. لذلك يبدو أن مجموعة العشرين ستتوقف حتماً عن الانعقاد، أو ستختفي من الوجود نهائياً بعد تلك الصراعات، لأن الوقت الحالي هو للسياسات المتطرفة والسياسات المتشدّدة، وليس للتسويات وإجراء المفاوضات، فجمهورية روسيا تؤكد باستمرار أنّه لا مجال لبقاء القطب الأمريكي الواحد في العالم، والقطب الواحد يقول وهو يشعر بالقلق وعدم الاستقرار إنه لا مجال لحظوظ روسيا في النجاح والخلاص من براثن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الناتو. وربما لن تكون أوكرانيا سوى محطة أولية في سلسلة من الحروب الدامية والمدمّرة التي قد تتوالى في العديد من البلدان مع اشتداد الصراع المعلن والخفي في بعض الأحيان بين الطرفين، وصعوبة إنهاء ذلك الخلاف القائم إلا بهزيمة أحد الطرفين أو اختفائه من الساحة الدولية بشكلٍ نهائي كما حدث مع الاتحاد السوفييتي السابق.