الصين.. الأنموذج الصحيح لتطور الحضارة الإنسانية
عناية ناصر
اختارت الصين سياسة التزام الصمت وضبط النفس، عندما انتقدتها الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان، لأن هذا الصمت هو نتيجة طبيعية بعدما أصبح الشعب الصيني أكثر ثقة بحكومته فيما يتعلق بمسألة إسهام التنمية في تعزيز جميع حقوق الإنسان. ولتقدم الصين في مجال حقوق الإنسان ثلاثة جوانب على الأقل ذات أهمية بالنسبة للعالم، غالباً ما يتمّ تجاهلها من قبل معظم وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين.
أولاً: لقد أدى تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان إلى تعزيز تطور الحضارة الإنسانية بشكل إيجابي في القرن الحادي والعشرين، إلا أن الكوارث أثرت على تقدم تلك الحضارة الإنسانية جمعاء، بما في ذلك الحروب والأزمة المالية والتغيرات المناخية والمجاعة وما إلى ذلك. لكن الصين وحدها تجنّبت الكثير من تلك التأثيرات، ففي عام 2021، قضت على الفقر، وخلال العقود الأربعة الماضية لم تشنّ الصين أية حروب، كما أنها لم تعاني من المجاعة، ولم تشهد أي أزمة مالية خلال مواجهتها للوباء بقوة، وأحرزت تقدماً في التنمية منخفضة الكربون.
ثانياً: يعتبر تقدم الصين نجاحاً جديداً في ممارسة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم،حيث شكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 والسلسلة التالية من معاهدات حقوق الإنسان، القاعدة والأساس النظري لتعزيز تنمية حقوق الإنسان، ولكن غالباً ما تكون هناك فجوة بين الرؤية النظرية والتطبيق العملي. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، أقوى دولة في العالم، فإن التمييز العنصري والعنف المسلح متجذران بعمق فيها، في حين أن الرعاية الصحية الشاملة لم تتحقق حتى بعد نصف قرن من المحاولات. وتحول كل ذلك إلى انتهاك لحقوق الإنسان في أمريكا، ووضع نظريات حقوق الإنسان أمام معضلة. ومع ذلك، فإن تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان وفر إمكانية تحقيق اختراق عملي في أهداف حقوق الإنسان التي لم تحققها حتى الدول الغربية المتقدمة نفسها.
ثالثاً: يعدّ تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان بمثابة مرجع جديد لمساعدة الدول النامية على وضع حقوق الإنسان الخاصة بها على المسار الصحيح، ففي عام 2021 كان هناك ما يقرب من 700 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، والغالبية منهم في البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، إلا أن معدلات الفقر المدقع في بلدان مثل جنوب السودان وبوروندي ومدغشقر ظلت فوق 70٪. وفي العقود الأخيرة، حتى البلدان المتقدمة تقليدياً مثل الولايات المتحدة واليابان وإيطاليا والسويد شهدت معدلات فقر مدقع تتراوح من 0.3 في المائة إلى 1.5 في المائة.
لقد ارتبط اهتمام المجتمع الغربي بمسار تطور حقوق الإنسان بالانتخابات السياسية كمفهوم أساسي، مؤكداً على منطق المنافسة الحرة، مع جعل سيادة رأس المال سياسته المفضلة، لكن لا يمكن لذلك أن يوفر وصفة أساسية للطريق المعقد لحقوق الإنسان عبر العالم، بل يضع العديد من البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية في المسار الخاطئ لتنميتها الوطنية.
لم تقم الصين بتقليد النهج الغربي فيما يتعلق بحقوق الإنسان، لأنها تعتبر حق الشعب في العيش والتنمية من أساس أولوياتها. وفي هذا الخصوص، يمكن القول بثقة إن تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان وسّع مسار التنمية المتأصل لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم منذ القرن العشرين، وأصبحت البلاد القوة الرئيسية الأكثر ثباتاً في تعزيز مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي يوفر خيارات جديدة للبلدان النامية لاستئناف مسار تحسين حقوق الإنسان.