تهدد حياة المواطنين والاقتصاد.. 3 آلاف ضحايا مخلفات ألغام الإرهابين: 40% شهداء و60% جرحى!
دمشق – لينا عدرة
في مشهد بات يتكرر يومياً، تناقلت وسائل الإعلام منذ عدة أيام خبراً مفاده استشهاد طفلة في ريف السلمية نتيجة انفجار لغم كانت قد زرعته العصابات الإرهابية، لتتحول قضية مخلفات الإرهاب من ألغام وذخائر غير متفجرة لقضية مُعاشة، مع وصول عدد الضحايا الذين تم إحصاؤهم، جرّاء تعرّضهم للألغام والذخائر التي خلّفتها العصابات الإرهابية وراءها، في المناطق التي حررها الجيش العربي السوري لـ 3000 مواطن بنسب تقريبية تراوحت بين 40% وفيات، و60 بالمئة جرحى أغلبهم بإصابات مختلفة الشدة، ومن مختلف المحافظات، مهددة بذلك حياة السوريين الجسدية والنفسية، إضافة لتهديدها اقتصادهم بسبب وقوفها عائقاً مهماً أمام عودة المهجّرين، على اعتبار أن عودة المهجّرين أحد العناصر الأساسية في عملية الإقلاع الشامل لإعادة بناء سورية، مكرّسة بذلك ما خططت له المجموعات الإرهابية والدول المعادية لسورية من تهجير ملايين السوريين وإبعادهم عن مصادر رزقهم، إضافة لتعطيل جهود الدولة، مشكّلة بذلك، رغم أنها إحدى نتائج الحرب، حرباً جديدة لا تقل في خطورتها عن الحرب الأولى.
لذلك، انطلاقاً مما ذكرناه، ولأهمية المشكلة وضرورة التعريف بها والإشارة إليها، التقت “البعث” اللواء حسان الشريف عضو اللجنة الوطنية لإزالة الألغام، والمعني بالملف، الذي أكد على الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة في سورية بموضوع تأمين عودة الأهالي إلى مدنهم وقراهم، مبيّناً تعاطي الحكومة السورية مع هذه المشكلة من عدة محاور، أولها تطهير المناطق، ومن ثم مخاطبة الأمم المتحدة لتقديم مساعدة، خاصة مع المساحات الكبيرة التي تحتاج لدعم دولي، لتكون البداية بتوقيع وزارة الخارجية والمغتربين اتفاقية رسمية مع دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام UNMAS بتاريخ 4/7/2018، تم خلالها تقسيم العمل مع مكتب دائرة الأمم المتحدة إلى مراحل تمثّلت بداية بتوعية السكان المحليين من مخاطر الألغام، بالتوازي مع العمل الميداني المتمثّل بالسبر والاستطلاع الفني غير التقني والتقني للأماكن الملوثة بمخلفات الذخائر غير المتفجرة ومن ثم إزالتها، إضافة لتقديم الرعاية الطبية لعدد من الجرحى، ولمن لديه إعاقات نتجت عن المخلفات بالتنسيق مع المؤسسات المعنية، مع رصد مبالغ نقدية لعدد من ضحايا الألغام، والقيام بحملات إعلامية توعوية “بروشورات”، ورسائل نصية هاتفية، ولوحات طرقية، وبرامج إذاعية، ليصل عدد المستفيدين منها لـ 12 مليون مواطن، وذلك وفق وثائق صادرة عن الأمم المتحدة، حسب ما أكد اللواء الشريف، بينما بلغ عدد دورات التوعية من مخاطر الألغام التي أقيمت في محافظات وأرياف دمشق وحلب حماة وحمص 25 دورة، ليصل عدد المستفيدين منها لـ 321826 مواطناً، مع تخصيص الرقم المجاني 108 للإبلاغ عند الاشتباه بأي جسم غريب، أو التوجّه لأقرب قسم شرطة.
عمل الفريق التقني التابع لمنظمة UNMAS بإجراء مسح لمناطق في الغوطة الشرقية، ثم الانتقال لداريا بتاريخ 28 أيلول 2020، إضافة لفريق ثان يتبع للمنظمة نفسها في منطقة مخيم اليرموك بتاريخ 27 أيلول 2021، حسب ما بيّن اللواء الشريف، مؤكداً متابعتهم للعمل بشكل يومي، والحصول على إحصائيات دقيقة من أجل تحليل النتائج وتقييمها لضمان سير العمل، ليبلغ بذلك إجمالي المساحة التي تم مسحها في المناطق المذكورة لـ 644/359/15 م مربعاً، وهي إحصائيات تشمل الفترة الممتدة من بداية عام 2019 حتى تاريخه، مشيراً إلى ارتفاع الأرقام التي توضح التلوث بالذخائر والألغام إلى مستوياتٍ كبيرة جداً على مستوى القطر، ما يعني بالضرورة حاجتها لعمليات الإزالة، ليبلغ إجمالي المساحة التي تم تطهيرها وخلال الفترة نفسها المشار إليها لـ 942/534 تطهيراً سطحياً، بينما وصلت مساحة التطهير تحت السطحي لـ 384/195.
وصل عدد الذخائر المتفجرة التي تم العثور عليها لـ 1470 ذخيرة متنوعة، منها 468 عبوة ناسفة محلية الصنع يتم التخلص منها تباعاً، حسب ما أكد اللواء الشريف، موضحاً أن عدد الأشخاص الذين تمت مساعدتهم من قبل دائرة الأمم المتحدة بلغ 795 مواطناً، لتتنوع المساعدات التي قُدمت لهم ما بين دعم نفسي، واجتماعي، وإعادة تأهيل، وأجهزة طبية، ومبالغ مالية.
أما عن إمكانية وضع جدول زمني محدد للتخلص من الألغام، فبيّن اللواء الشريف أن الأمر يتوقف على عمليات الإزالة التي تعتمد بدورها على المانحين من المنظمات الدولية، وعلى الدعم المالي المطلوب، خاصة أن الدول المعادية لسورية تتعامل بازدواجية، حتى فيما يتعلق بالقضايا الإنسانية، وهذا ما اتضح مع أكثر من ملف إنساني، سواء في سورية أو دول أخرى، مضيفاً: تراهم يتباكون على الوضع الاقتصادي والمعيشي في سورية، وتدني مستويات الأمن الغذائي، وحماية حقوق الطفل والتعليم، وفي الوقت نفسه يسمحون باستمرار الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب السوري، وسرقة ثرواته من خلال تواجدهم في بعض المساحات، إضافة إلى الأثر الأكبر في زهق أرواح الأطفال والمواطنين جرّاء وجود هذه الذخائر والألغام، مؤكداً عدم توفير أي جهد في سبيل التواصل مع المنظمات الدولية بما يحقق المصالح الوطنية.
لذلك، انطلاقاً من البعد الإنساني بالدرجة الأولى، ومن ثم الاقتصادي لهذه المشكلة لما لها من أثر سلبي على حياة السوريين، خاصة مع وجود مساحات واسعة من الأراضي السورية غير قابلة للاستثمار بانتظار الانتهاء من المسوحات اللازمة لتخليصها من الإرهاب، ولأن الدولة السورية معنية بالإسراع بالتخلص من هذه المشكلة، رغم العقبات التي تعترض عملها، خاصة أن دعم المنظمات يبقى دون المستوى المطلوب، ولا يرقى لأهمية المشكلة القائمة، مع انتشار المشكلة في مساحات واسعة ومترامية الأطراف، في محيط المدن المركزية المأهولة، فإن الدولة، يؤكد اللواء الشريف، لم تدخر جهداً لمتابعة التعاون مع المنظمات الدولية، وتوقيع اتفاقيات كتلك التي وقعتها مع منظمة مساعدات الشعب النرويجي NPA المعنية بنزع الألغام، وتقديم كافة التسهيلات لتباشر عملها في وقت قريب، إضافة إلى تفاهم مبدئي مع منظمة شيلد، وهي منظمة تعنى بالعمل الإنساني بشكل عام، ولديها اختصاص بأعمال إزالة الألغام والذخائر غير المتفجرة، إضافة إلى اتفاقية وقعتها وزارة الخارجية والمغتربين مع المركز الأرمني لإزالة الألغام والخبرة الإنسانية بتاريخ 25/10/2021 الذي بدأ بأعمال المسح التقني وتطهير المناطق الملوثة في مدينة داريا بتاريخ 6 كانون الأول 2021 مستمراً حتى تاريخه بعمله بوتيرة جيدة.
وأكد اللواء الشريف على الدور الكبير لوزارة الدفاع ممثلة بمهندسيها لما قدموه من أعمال اختصاصية في هذا الإطار شملت كل مساحات القطر.